تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


رسائل بوتين.. بحبر سوري

كواليــس
الأحد 4-10-2015
سليم عبود

يصوغ الرئيس بوتين لغة روسيا الجديدة النابضة بالقوة.. يتهجى كلماته بأسلوب يفهمه الغرب المتغطرس .. فأي خطاب فيه حروف ضعف، أو لين، يذهب هباء في رياح العنجهية الغربية.. التي تتجاوز كبرياء الأمم وتاريخها..

عنجهية تكبر اليوم، وتتمدد على الجغرافيا في كل مكان، تتقافز عند أطراف الدولة الروسية في أوكرانيا عبر هذا الزحف السريع لحلف الناتو نحو الشرق الأوروبي، وعبر هذا الوحش «الإرهاب الداعشي» الذي أطلقته أمريكا في بلدان الشرق الأوسط، لتدميره.. وتجريده من تاريخه ووجوده.‏

في عام 1956 خلع الرئيس السوفييتي «خرتشوف» حذاءه، وضرب به على طاولة الأمم المتحدة، اخترق آنذاك صوت حذائه عنجهية الغرب، وسطوته، بلغة التحدي والقوة التي يفهمها هذا الغرب ليعلن : «موسكو موجودة، ولا أحد يستطيع تجاوزها».‏

وبعد أكثر من نصف قرن.. ينهض الرئيس بوتين، في زحمة هذا التدافع الأمريكي الغربي للهيمنة على العالم، التي لاتعرف سوى شهوة التسلط، والتي تجيز لنفسها صناعة خرائط العالم.. لم يخلع بوتين حذاءه الروسي.. بل استمد من صلابة جندي سوري صمد سنوات طويلة في ساحات الحرب.. ووشى بها كلماته، وخطابه، وحواراته، ورسائله.. وألقاها في وجه هذا الغرب.. من على منبر الأمم المتحدة.. موجهاً رسائل مكتوبة بحبر الصمود السوري، والشجاعة السورية، وتماسك السوريين وأحلامهم.. وإلى الرئيس الأمريكي، ورؤساء الغرب الاستعماري.. ومعلناً عن بدء مشاركته العسكرية بقتال الإرهاب الذي صنعه الغرب وحشاً دموياً، يمزق أوصال هذا الشرق الذي يشكل الحدود الجنوبية لروسيا، ولتدمير نبض الحياة في هذا العالم الواسع بتاريخه، وقيمه الحضارية والدينية.. يعلن الرئيس الروسي : أن الحرب التي أشعلوها في هذا العالم يجب أن تنطفئ وبالقوة.. وأن مرحلة جديدة بدأت.. لاتعترف بالأحادية القطبية.. مرحلة تؤكد أن قوى جديدة انتفضت لتتجاوز خرائط الغرب.. من أمريكا اللاتينية.. إلى جنوب شرق آسيا.. كان نبض الرئيس الروسي يستند إلى مجموعة من الركائز، يشكل الحدث السوري، والصمود السوري.. والشجاعة السورية.. والتضحيات السورية المتوهجة بروعتها وسخائها.. وكبريائها.. على مدى قرابة خمس سنوات.. دفقها الشجاع.‏

الخطوة الروسية كشفت كذب ونفاق وخداع الغرب ودول إقليمية وعربية، كانت تدّعي أنها انتظمت في تحالف لقتال داعش، ولكن ما إن بدأت الضربات الجوية الروسية، حتى علا صراخ الجميع دفاعاً عن قوى الإرهاب بذريعة ضرب المدنيين، وضرب المعارضة المعتدلة التي هيأتها القوى الغربية لمحاربة دمشق.‏

يقول رئيس وزراء العراق: بعد إنشاء التحالف زادت القوى الإرهابية من توسعها وعديدها وقوتها.. وهذا مايؤكد أن هذا الإرهاب يتحرك مدعوما من القوى التي تدعي محاربته.‏

اليوم .. المنطقة بالوجود الروسي أمام زمن جديد بدأ في الثلاثين من أيلول: دمشق لم تكن مدينة مهزومة كما خططوا.‏

ولم ترم سلاحها .. فقط.. تحدّت، وقاتلت، ونجحت في مواجهتها.. فاحترمها العالم، وأيقظت همم الأصدقاء.. وعلى رأسهم إيران وروسيا.. وإذا كان الرئيس بوتين قد أعلن بقوة موقفه صريحاً، وقوياً، وفيه كثير من التحدي والصلابة والتصميم، كان يستند إلى تلك الشجاعة السورية التي أدهشت الأعداء قبل الأصدقاء.. بالدم السوري الساخن ترسم اليوم خرائط العالم الجديد.. ترسم عالماً مقاوماً، ومواجهاً لهذا الغرب، وممزقاً لخرائط قرن قال عنه فريدمان «القرن الحادي والعشرين» هو قرن السطوة الأمريكية.. في سورية اليوم ينهزم هذا القرن.. وتسقط السطوة الأمريكية.. وينهزم الإرهاب الذي صنعته أمريكا بتحالف قذر مع أنظمة عربية وإقليمية.. بوتين الذي ينهض من قلب هذا المشهد الدولي الدامي.. يصنع اليوم في سورية، ومع السوريين.. وببطولات وشجاعة القيادة السورية والجيش السوري.. هذا العالم الجديد.. والوضع الجديد.. والانتصار الجديد.. والأفق الجديد.. نحو عالم تنتفي فيه سطوة القطب الواحد.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية