|
(بساط أحمدي)..دعوة لمتعة مستحيلة!! شؤون ثقا فية (بساط أحمدي) مسرحية تعرض حالياً على مسرح القباني, تأليف واخراج حكيم مرزوقي , تمثيل: عروة العربي ( يعقوب) وعروة كلثوم ( جلال الدين -جوليان ) وهي ( دعوة للكشف والمكاشفة.. دعوة للرد على الفكرة بالفكرة وحدها دون غيرها, دعوة لمتعة مستحيلة) كما يقول المرزوقي.. إذا هي دعوة لطرح فكرة /فكر, وإقران تلك الفكرة بالمتعة تحقيقاً لشرط فن (الآن وهنا) , شرط حضور (الفكر والمتعة) . وان جاز القول : دعوة ل (متعة الفكر) ,فهل هذا ما قصده المخرج بقوله (متعة مستحيلة) ..ربما .. لنتساءل بدورنا: هل تتحقق متعة الفكر دون إعماله ?! كعادته يشاكس المرزوقي بتقديم شخصيات مغرقة في محليتها , في عاميتها , وكما لو أن هذا الامر هو سر نجاح شخصيات الهامش تلك .. شخصيات تنبض حياة لأنها مأخوذة من رصيف الحياة, ولأجل ذلك هي قادرة على ملامسة الحقيقي في دواخلنا , على الرغم من انها لا تحاكي الخاص بمقدار ماتحكي العام في (بساط أحمدي) فالحكاية تتناول موضوعة العنف الذي يتسرب عبر التطرف ..(التطرف دينياً).. العنف الذي ينمو ليصبح إرهابا عن طريق تشويه مفاهيم الدين, ودسها بعقول أدوات ذاك العنف, بشكل مغلوط مقصود. القصة هي قصة يعقوب تاجر السجاد, يأتي اليه السائح(جوليان) الذي يصبح بتأثير جماعات متطرفة (جلال الدين ) , حيث تتولى تلك الجماعات ادخال مفاهيم مشوهة عن الدين لذهن جوليان, تحقيقاً لأغراضهم غير النبيلة .شيئاً فشيئاً تتكشف الحقيقة لندرك أخيرا ان (جوليان) ذاك , الذي يأتي لدكان السجاد بحجة اصلاح سجادته , ليس إلا أخاً ليعقوب .. وهولا ينوي تفجير نفسه مستهدفاً الفريق السياحي, خدمة لدينه الجديد وايمانا به فحسب, وانما وكما يظهر في النهاية , لأنه مريض بالسرطان ولم يبق له في هذه الدنيا إلا القليل وفي هذا الأمر تحديداً اشارة بليغة وذكية تعطي انطباعا ما عمن يسلكون هذا الطريق. بقدر ما تأتي الثيمة المقدمة بسيطة بقالبها العام , بقدر ما تحمل الكثير من المعاني والمقولات الهامة, فتطرح العميق بأبسط السبل .(فهناك ) و(هنا ) كذبة يعيشها كلا الاخوين, وإن تكن الكذبة التي يحياها (يعقوب) على مستوى حياته الخاصة فقط, فالكذبة التي يحياها (جوليان) لا تمس الخاص في حياته وحدها, وانما تنسحب الى كذبة كبرى تلف جماعته كلها, ولذلك فخطرها عام لا خاص. تمكّن ثنائي الأداء (العرويان)من التعبير عن تلك المضامين بحوارية تجاذباها بين أخذ ورد, شد ورخي, اتقناها كل بحسب طبيعة شخصيته, فكأننا أمام أداء ثنائي متكامل بينهما , في الوقت الذي يتصاعد فيه ايقاع أداء العربي, يأتي كلثوم بأداء يوازي الصاعد, نزولاً وكل ذلك من خلال ثنائية أحسن ضبط إيقاعها المرزوقي.. ولكن .. في ذاك الحوار المقطوع او المفقود بين الشرقي والغربي ( كما يذكر ا لمرزوقي) ما يشغل الفكر لدينا بشكل أْعمق نتساءل: أليس هناك حوار مفقود بالأصل بين الشرقي والشرقي.. وهل يسيء ذاك الغربي فهمنا من تلقاء نفسه ..أم أننانسيء فهم بعضنا, وفهم أنفسنا أولاً, وبالتالي نساهم بطريقة أو بأخرى بتصدير صورة مغلوطة عنا تدعم سوء الفهم الحاصل بين(هنا) و (هناك ).. ولأجل ذلك ينبغي للبساط ان يكون (أحمدي) هنا , وقبل هناك .. وفي كلا الحالتين ليبقى (الرصيف) ذاك اخلاصاً للهامش دوماً.
|