|
عبد اللطيف محرز:نفتقد حركة نقدية علمية وموضوعية شؤون ثقا فية منذ أيام التقيناه في منزله بمدينة طرطوس . وكان الحوار التالي: بعد رحلة طويلة وغنية مع التعليم .. ونقابة المعلمين .. والعمل القيادي..ومجلس الشعب والادب..كيف يمضي عبد اللطيف محرز اوقاته هذه الايام ? بالاضافة لما تقتضيه طبيعة الحياة العائلية والاجتماعية فإن اوقاتي تتوزع ما بين القراءة والكتابة ونظم الشعر وانا في هذه الايام أكثر انشغالاً بكتابة المقالة النثرية التي تعالج الموضوعات الادبية والفكرية, ذات الطابع الانساني.. ويشغل التلفاز بنشراته الاخبارية, وندواته السياسية,مساحة لا بأس بها من وقتي . فأنا أحمل بذرة الهم السياسي منذ الصغر, ولكن هذه البذرة تحولت في هذا الزمن العربي الرديء, الى حجرة لاهبة, تقتات عمقاً مأساوياً لا مثيل له. > أي محطة سابقة من حياتك أغلى على قلبك? > > أغنى مراحل حياتي السابقة وأحبها الى قلبي هي المرحلة التي قضيتها في مجال التربية والتعليم معلماً ابتدائياً, ثم مدرسا ثانوياً, ثم رئيساً للمكتب الفرعي لنقابة المعلمين في طرطوس. فالتربية هي النسغ الحي الذي يغذي شجرة الحياة في المجتمع. والمعلم هو الذي يملك مفتاح المستقبل من خلال ما يزرعه في تربة الأجيال والمعلم الذي يتقن عمله, ويمتلك ثقافة, واسلوبا ً تربوياً جذاباً , هو القائد الحقيقي الذي يزرع النبضات الحية في شرايين أمته , لقد احببت مهنة التعليم جداً. ولي قصائد عديدة عن هذه المرحلة. وأتذكر هذه الابيات من احداها تقول عن المعلم ما يلي: حتّام نضرب في الظلام ونعلم ان الذي يبني الحياة, معلم?!! في مقلة الاطفال يزرع عمره ويروح ينتظر الربيع ويحلم يا للفراخ الزغب, تملأ عشه تقتات حبات القلوب وتطعم يرمي لها حباً ثواني عمره فترف تنقر حوله, وتحوم يرنو إليها باسماً وجراحه حتى الجراح بصدره تتبسم > تلاحظ ان الريف والطبيعة.. الجمال تشكل النسبة الكبرى من قصائدك? > > نشأت في قرية صغيرة جميلة, تحوطها غابات الزيتون واحراج السنديان.وقد اكتنزت منذ الطفولة, جمال ريفها الجذاب , وكان من الطبيعي ان يظهر هذا في قصائد دواويني الشعرية. حمل ديواني الاسم الاول ( العصفور الاخضر) . وقد أهديته (الى العصافير التي بنت اعشاشها في مدخل داري). وهذه بعض الومضات الشعرية التي تحملها الذاكرة عن هذه القرية , وعن حياتي بها : قرية ثغرها قصيدة نحل ويداها, سنابل وعطاء يتنامى على جوانحها الفجر ويخضر في مداها الضياء يستحم الجمال في نبعها الصافي وتغفو في مقلتيها السماء زقزق العصفور يوماً, ودعاني للغناء فتنهدت وفي تنهيدتي طعم البكاء ليتنا يا أيها العصفور في الأمر سواء قلبه حبة قمح, في أصيص من حبق يرتدي اشراقة الصبح , ويقتات الشفق > ما هي حكمتك المفضلة? > > حكمتي المفضّلة هي الحكمة التي تعلمتها من البحر والتي تقول: أيها الانسان, لا توجه اهتمامك إلا للأعماق, ولا يغرنك ابداً بريق الاموا ج على السطح فإذا ما هبت الرياح على هذه الامواج السطحية . سرعان ما يلطم بعضها بعضاً وتتحول الى رغوة من الزبد الفارغ. > وشاعرك المفضل ? > > شاعري المفضل على الاطلاق هو أبو الطيب المتنبي. ويليه في العصر الحديث الشاعر بدوي الجبل. لقد ألفت كتاباً بعنوان (بدوي الجبل والمتنبي), قارنت بينهما , وقدمت بحسب رأيي ما أراه الأبلغ , والأجمل من شعرهما . > ما أكثر ما تحب.. وأكثر ما تكره? > > أكثر ما أحب هو إتقان العمل, والاخلاص في أدائه, واكثر ما اكره, هو النفاق الاجتماعي والتباعد ما بين القول والعمل. إن أبعد الناس عن دائرة الحب والاهتمام عندي, ذلك الذي يكثر الحديث عن القضايا المصيرية, والتحديات الكبرى التي تواجهنا , وهو في نفس الوقت أبعد ما يكون عن القيام بواجبه اليومي المباشر. > كان لك عدة مشاركات شعرية خارج سورية حبذا لو تحدث القراء عنها? > > شاركت في الجنوب اللبناني, بثلاثة مهرجانات شعرية في القرى الحدودية التالية: (العباسية-كفر رمان-كفر كلا). وفي المهرجان الشعري الذي أقامه حزب الله في بيروت احتفالا بذكرى ميلاد الامام علي بن أبي طالب, وذلك بتاريخ 22/10/ 1999م وأيضا في المهرجان الشعري الذي أقامه هذا الحزب في مدينة طرابلس بمناسبة الذكرى الاولى لانتصار المقاومة وتحرير الجنوب وذلك في 26/5/2001م كما شاركت بوفد اتحاد الكتاب العرب الى مهرجان المربد في بغداد . وألقيت هناك قصيدة بتاريخ 22/11/1998م اتذكر منها , هذه الابيات: أشعلت قلبي في الدجى مصباحا وأتيت أغسل, بالجراح, جراحا وأتيت أسكب مهجتي وسريرتي روحاً على ألم الهموم, وراحا فاشرب همومك في الضمير سلافة ودع الهموم , تفجعاً, ونواحا وإذا, دجا, درب, فاطعمه دماً من نبض جرح, واقتحمه كفاحا لو لا جراحات الشموس توهجاً عند الشروق, لما رأيت صباحا > ما رأيك بالواقع الثقافي في طرطوس وسورية بشكل عام ? > > لا بأس في واقعنا الثقافي, من حيث عدد المثقفين , وتوفر الخميرة الابداعية عند الكثير منهم. وكذلك من حيث وفرة المؤسسات الثقافية, سواء التابعة منها للدوائر الحكومية, أم للمنظمات الشعبية . ولكن هذا الواقع لا يرضي من حيث التعاون بين هؤلاء المثقفين في إطار المنظمات والمؤسسات, وفاقاً لخطط ثقافية تعبر عن هم الناس واهتماماتهم. كما ان انتاجنا الادبي يفتقر الى حركة نقدية, تتسلح بعمق ثقافي, ومقياس موضوعي, لا يعتمد على مقاييس النقد الاجنبي, بل ينبثق بروحيته من الخصائص العامة لتراثنا الثقافي. > هل هناك من مخطوطات لك تنتظر النشر? > > انتهيت من كتابة مخطوط كتاب بعنوان ( أبو العلاء المعري وكبرياء العقل الانساني) وهو يتألف من ثلاثة اقسام, القسم الأول: هو أبحاث نظرية عن ثقافة ابي العلاء, وعن الملامح العامة في شخصيته . والقسم الثاني: هو قراءة عامة في كتبه النثرية, مع بعض التعليقات الخاصة. والقسم الثالث: هو مقتطفات شعرية من ديوان (سقط الزند) ومن اللزوميات وبما أنني لا أستطيع طباعة هذا المخطوط على نفقتي الخاصة فقد قدمته الى وزارة الثقافة, وآمل ان توافق على طباعته . > اخيراً بماذا تريد ان نختم معك هذا اللقاء? > > أختم هذا اللقاء بهذه الابيات وهي تمثل خير تمثيل هويتي الانسانية والشعرية. غسلت في لمعة الأحلام أحزاني وفي شموخ الذرا, غمست أجفاني وطار بي, جانحا عقل, وعاطفة إلى متاهات أكوان, وأكوان وحجزت كل فضاء, لاح في خلد حتى زرعت, بباب الله عنواني وعدت أحمل سرَّ النحل مجتنياً أزهار كل رسالات وأديان سراً سيبقى, مدى الأيام باصرتي ونبض فكري, وإحساسي, وإيماني لا شيء يمنح للدنيا, سعادتها إلا محبّة إنسان, لإنسان صدر للشاعر العصفور الاخضر, شعر أناشيد البحر, شعر أناشيد الحق ,شعر اناشيد الحياة, شعر شجيرات الدماء ,شعر حقائق وأوهام ,شعر قصائد مشهدية, شعر الانسان في ظلال القرآن, دراسة نديم محمد (حياة في مقتطفات) دراسة بدوي الجبل والمتنبي( مختارات ومقارنات), دراسة.
|