يذكر العوضي الوكيل في كتابه (مطالعات وذكريات) المنشور في القاهرة عام 1973 أن المؤرخ الجبرتي في كتابه تحدث عن شاعر ظريف من القرن الثاني عشر الميلادي يدعى عامر الأبنوطي, كان يجيء من بلده إلى القاهرة يزور العلماء والأعيان,
وكلما رأى لشاعر قصيدة سائرة قلبها وزناً وقافية إلى الهزل والطبخ, وحتى إنه عارض ألفية ابن مالك في النحو والصرف واللغة, فقال:
يقول عامرٌ هو الأبنوطي - أحمد ربي لست بالقنوط
وأستعين الله في ألفيّة - مقاصد الأكل بها محوّية
فيها صنوف الأكل والمطاعم - لذت لكل جائع وهائم
إلى أن يقول: طعامنا الضاني لذيذ للنهم - لحماً وسمناً ثم خبزاً فالتقم
فإنها نفيسة والأكل عمٌ - مطاعماً إلى سناها القلب أمّ
وعارض عامر هذا قصيدة الصغرائي المشهورة بلامية العجم ومطلعها:
أصالة الرأي صانتني عن الخطل - وحلية الفضل زانتني لدى العطل
فقال:
طناجر الضأن ترياق من العلل - وأصحن الرز فيها منتهى أملي
أكلي غداء, وأكلي في العشاء على - حد (سوى) إذا اللحم السمين قلى
فيم الإقامة بالأرياف لا شبعي - فيها ولانزهتي فيها ولا جذلي
أريد أكلاً نفيساً أستعين به - على العباءات والمطلوب من عملي
والدهر يفجع قلبي من مطاعمه - بالعدْس والكشك والبيصار والبصل
ناديت: هيا, ولاتبطئ بغرفك لي - فإنه خلق الإنسان من عجل