تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


تركيا تدفع أثمانا باهظة بسبب سياساتها الرعناء

شؤون سياسية
الاثنين 30-6-2014
 ترجمة: وصال صالح

ذات مرة كانت الحدود التركية مع دول الجوار مفتوحة على مصراعيها، حيث كانت البضائع التركية تنساب إلى سورية والعراق بيسر وسهولة، غير أن تورط حكومة رجب طيب أردوغان وسماحها للجماعات المسلحة بعبور الشريط الحدودي للوصول إلى ساحات القتال في سورية، في محاولة منها للإطاحة بالقيادة السورية، جعل من دول جوار تركيا أرضا خصبة لتفريخ الإرهابيين، في الأوقات العادية كان سائق الشاحنة التركي تورفان ايدني يقوم بعمله الروتيني بنقل ما قيمته 50000 دولار أميركي من الدجاج المجمد إلى العراق، لقد كان يعمل على هذا الطريق على مدى سنوات طوال، غير أن التجارة على الحدود توقفت فجأة وذلك بعد هجوم المسلحين في العراق واختطاف 80 مواطنا تركيا من بينهم 31 سائق شاحنة.

يقول ايدني «على مدى السنوات الثلاث من عمر الأزمة في سورية، غيرت مئات الشاحنات وجهة سيرها بالتزامن مع سماح تركيا دخول الإرهابيين إلى سورية واتجهت مئات الشاحنات إلى العراق».‏

سولي أوزيل وهو بروفيسور في العلاقات الدولية من جامعة القادر في اسطنبول قال: «لقد مثل سقوط الموصل في يد الارهابيين فشلا ذريعا للسياسة الخارجية التركية على مدى السنوات الأربع الماضية» وأضاف: «لا يمكننا أن ننأى بأنفسنا عما حدث في الموصل وعما حدث في سورية، والسياسة التركية تجاه سورية غير واقعية ومتغطرسة وعنيدة».‏

«على مدى سنوات كانت سياسة تركيا الخارجية» صفر مشاكل مع الجيران، ما جعلها أنموذجا للديمقراطية والنمو الاقتصادي، وهي استفادت بشكل كبير من افتتاح السوق العراقية مصدرة العام الماضي فقط ما قيمته 12 مليار دولار، لتحل العراق في المرتبة الثانية للصادرات التركية بعد ألمانيا، غير أن ذلك الرقم يمكن أن ينخفض بنسبة الربع أو حتى أكثر من ذلك إذا ما استمر القتال» قال ايتليايزيلاد وهو محلل تركي من معهد غلوبال سورسبارتنرز.‏

وجاءت هذه الخسائر بعد أن دمرت الأحداث قدرات هذا البلد سورية، ومع تدفق آلاف اللاجئين عبر الحدود السورية -التركية تكبدت تركيا 1.5 مليار دولار لقاء الاهتمام بشؤونهم، مع عدم وجود ضوء في نهاية النفق.‏

غير أن الصراع الذي يشهده العراق هو مجرد سلسلة أخرى من النكسات السياسية الداخلية والخارجية لرئيس الوزراء رجب طيب أردوغان وحزبه -حزب العدالة والتنمية- الحاكم.‏

على مدى عقد من الزمن من وصوله إلى السلطة كان أردوغان مزهواً بالنجاحات الباهرة التي حققها غير أن هذه النعم لم تدم طويلا إذ سرعان ما أدت الأحداث المتسارعة والمتلاحقة في تركيا إلى تشويه صورة ذلك الرجل ومنها الاحتجاجات التي اجتاحت الشوارع التركية مؤخرا، وكارثة انهيار منجم الفحم وفضيحة الفساد طويلة الأمد، لقد أدى دعم الحكومة لما يسمى الربيع العربي إلى عزلة تركيا عن أكثر الحلفاء السابقين والعديد هنا يلقون باللوم على الحكومة التركية وذلك بسبب تسهيلها لصعود المتطرفين في سورية.‏

لقد أعرب الزعماء الأتراك عن قلقهم من صعود وتنامي الإرهابيين على مقربة من حدودهم، ويقولون إنهم يقومون بجهود حثيثة لتعقب المتطرفين، لكنهم لم يقولوا إلا القليل بخصوص انتشار المسلحين في العراق، في حين رفض المتحدث باسم وزارة الخارجية التعليق حول مجريات الأحداث التي من شأنها التأثير على السياسة التركية، في الآونة الأخيرة كانت أنقرة أطلقت بعض المؤشرات ما يعكس تكيفها مع التحولات الجارية في محيطها، وبعد عام ونصف من إدراج الولايات المتحدة الأميركية لجبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة على لائحة المنظمات الإرهابية، دعا أردوغان الدول الأوروبية من أنقرة مؤخرا لمنع الارهابيين من السفر إلى تركيا، في الوقت الذي حافظ فيه المسؤولون الأتراك على هدوئهم تجاه الاستيلاء على مدينة كركوك العراقية من قبل قوات حكومة إقليم كردستان، وكان يمكن لذلك لو حدث قبل بضع سنوات أن يدفع الحكومة التركية للإدانة الفورية.‏

سنان أولغن وهو باحث تركي من مؤسسة كانيغن للسلام الدولي في بروكسل قال: «إن الصمت قد يعني أن تركيا ترى في أكراد العراق شركاء موثوقين في بلد يتجه نحو حافة الهاوية».‏

إن أصعب ضربة تلقتها تركيا هي تلك التي أصابتها من الزاوية الجنوبية الشرقية والتي حققت في الماضي مكاسب كبيرة بسبب توسع التجارة مع العراق والتي ستؤدي فيما بعد، إذا ما انهارت إلى الكثير من الخسائر، وهذا التغير واضح عند بوابة خابور الحدودية، حيث كانت تعبر من خلاله يوميا قبل عدة أسابيع 2000 شاحنة من البضائع التركية متوجهة إلى العراق، والآن انخفض هذا الرقم إلى أقل من النصف بسبب انخفاض الطلب وحظر نقل البضائع وتعرض 80 مواطنا تركيا للخطف على يد داعش ومن بين هؤلاء، القنصل العام وثلاثة أطفال و31 سائق شاحنة. لقد روعت عمليات الخطف هذه المجتمع التركي الذي يعتمد على التجارة عبر الحدود، دوركولو وهي قرية مكونة من 1300 شخص لا يزال معظم سكانها يعيشون في بيوت من الطين ويعمل معظم رجالها منذ بلوغهم سن الرشد سائقي شاحنات، وقد خطف أربعة رجال من هذه القرية من بين سائقي الشاحنات، وهذا الموضوع هو الشغل الشاغل لأهالي هذه القرية.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية