تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


هكذا رسم المنتصرون خريطة العالم الجديد

شؤون سياسية
الاثنين 30-6-2014
 حسن حسن

يبدو أن موازين القوى الإقليمية وقواعد تطورها في أي منطقة أصبحت تخضع لعامل جديد فرض نفسه في العقدين الماضيين خلال تجارب التدخل العسكري الأميركي وفشله في تحقيق النتائج المرصودة له،

وهذا العامل الجديد يتمثل في قدرة دولة ما على مجابهة دولة عظمى كالولايات المتحدة بقدراتها الذاتية العسكرية والجيوسياسية المحيطة دون الاعتماد الحاسم على دعم شامل من قوة عظمى أخرى ،وهذا العامل جسدته ايران تجسيداً واضحاً وكذلك سورية رغم اختلاف أشكال المجابهة والتدخل ضد كل منهما ،فالتراجع الأميركي عن الحرب المباشرة ضد سورية وفشل الحصار الاقتصادي الغربي والتهديدات بضرب ايران وعقد في جنيف أثبت قدرة كل منهما على تشكيل قوة اقليمية لاتستطيع دول المنطقة ولا الدول الكبرى تجاهل الدور الإقليمي لكل منهما أو لكليتهما معاً.‏

إن الحديث عن الاتفاق فيما يخص البرنامج النووي الإيراني وتحديداً رفع العقوبات الاقتصادية عن ايران تدريجياً لايجب التعامل معه بهذه البساطة أو السطحية، إنه أشبه بكابوس يؤرق الأعداء ،لأنهم ببساطة يدركون أن المعارك القائمة أساسها الاقتصاد ،وقد لانبالغ إن قلنا إن الغرب يخاف من ايران كجمهورية اقتصادها غير معاقب ،أكثر من خوفه من ايران كدولة نووية ،أو دولة في الشرق الأوسط تشهد نهضة غير مسبوقة في الصناعات العسكرية :‏

1- رفع العقوبات سيعني بالضرورة رفع التجميد المفروض على أرصدة ايران المالية منذ قيام الثورة الإسلامية في ايران ،بالتالي ،فإن هذه النهضة على جميع الأصعدة التي حققتها ايران تمت والبلد تحت العقوبات التي لاترحم، مايعني تحول الاقتصاد الإيرني إلى سجادة عجمية ستغفو عليها جميع الاقتصادات المترهلة في المنطقة ،بما فيها اقتصاديات مشيخات الخليج التي لم تسع للاستفادة من ثرواتها باتجاه مشاريع التنمية الدائمة ،بالتالي ،فإن استمرار اعتماد هذه الدول على النفط كمحرك لاقتصادها سيكون له فعل الانهيار في المستقبل القريب .‏

2-إن قبلت الدول للأقطاب بفكرة أن الانتعاش الاقتصادي سيكون أساس المرحلة القادمة في العالم ،فإن تحالفاً دولياً سينشأ ضد الحركات المتطرفة ، تحديداً تلك التي استغلت أحداث الربيع العربي وبدعم من مشيخات باتت لاتخفي أبداً رعايتها لهذه التنظيمات قد يكون للجيش العربي السوري فيه والحصة الأكبر ،بعدما قدمه من مقدرة على الصمود وتحقيق الانتصارات في مثل هذه الحروب الصعبة ،بالإضافة لحجم المعلومات الكبير الذي باتت تملكه الأجهزة الأمنية السورية عن قادة التنظيمات الإرهابية في العالم،تحديداً في الدول الأوروبية نتيجة وجود عدد كبير من المعتقلين من حملة الجنسيات الأوروبية لديها ، ما أجبر هذه الدول حكماً على التواصل مع القيادة السورية.‏

مع العلم أن هذه المشيخات التي تتبنى دعم هذه المجموعات لامكان لها ولادور لولا تلاعبها بهذه الورقة ،وتلاعبها بمصير الدول التي تستهدفها عبر هذه الجماعات، بالتالي فإنها ستصبح هوامش على كتاب الحدث الدولي .‏

3- لن تخرج الولايات المتحدة من المنطقة لكن ما سيحدث أن هناك مسار تحالفات جديداً بدأ يتبلور أساسه أن الصين باتت على المتوسط، والاقتصاد الألماني الأقوى أوروبياً لن يغامر بورقة الغاز الروسي بعد اليوم لأنه تعلم من الدرس ، وكيف حاول البعض أن يقنعه بأن الغاز القطري سيكون هو البديل.‏

4- الاقتصاد الإيراني وبشكل كبير ينطبق على الوضع السوري ،فسورية التي أنهكتها الحرب ،وأدت لتدمير قطاعات كبيرة في البلد ، مقبلة أيضاً على طفرة اقتصادية ستتيح لها استعادة مكانتها المرموقة ،تحديداً إذا ما صح الكلام عن وجود الثروات الكبيرة من النفط والغاز في سواحلها ، مع الأخذ بالحسبان أن سورية بالأساس بنت اقتصادها القوي والذي صمد أمام أقذر حرب كونية على القطاعات غير النفطية ، خصوصاًإذا ما تمكنت الدولة في قادمات الأيام من ايجاد آلية تضمن وقف استنزاف المال العام بسبب الفساد أولاً وعدم وجود آليات وتشريعات تحمي المال العام ، كقانون عصري للضرائب على سبيل المثال.‏

الأمر المؤكد أن المنطقة الآن والعالم يتجهان نحو بلورة الاتفاقات والجعجعة «الإسرائيلية» ليست أكثر من صراخ الراضي والقانع بالخروج بأقل الخسائر من هذه المعمعة ، بعد أن أدركت تماماً أن الحلول العسكرية الفردية لم تعد تفي بالغرض ، والتحالفات التي تشكل لايمكن لها أن تفيدها ، عندها فقد يبدو التسليم باحتواء دولي للنووي الإيراني أفضل بكثير من الدخول بمتاهة ومغامرة غير محسوبة .‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية