لأن تلك السياسات المراوغة لم تساهم في الحد من خطر التنظيمات المتطرفة بل عملت على تمددها وانتشارها وتفاقم مخاطرها على مستوى المنطقة والعالم برمته .
فكل الوثائق والتسريبات تؤكد ارتباط الولايات المتحدة بالجرائم الكبيرة التي ترتكب في المنطقة ودعمها للإرهاب المنظم، ورعايتها للتنظيمات الإرهابية والمجموعات المسلحة المنتشرة في سورية والعراق وأنحاء واسعة من العالم .
ومثل هذا الكلام توثقه مراكز الدراسات والبحوث الأميركية نفسها والتي تؤكد أن الولايات المتحدة تحمل رقماً قياسياً من حيث جرائم القتل التي ترتكبها بحق المدنيين حول العالم وعمليات التعذيب والاعتقال غير المشروعة ، وتشير إلى أن الحكومة الأميركية تعتبر بمثابة آلة قتل عملاقة تكسب الربح من خلال شن الحروب دون أن تخضع لأي مساءلة أو حساب على الجرائم التي ترتكبها بحق الإنسانية.
فبعد إنشائها تنظيم القاعدة الإرهابي وحركة طالبان قبل عقود عمدت الولايات المتحدة إلى تأسيس تنظيم داعش الإرهابي في سورية والعراق وهذه حقيقة اقرها خبراء ومسؤولون أميركيون منهم وزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون والتي أقرت بأن الاستخبارات الأميركية أطلقت آلاف المتطرفين من سجونها بالعراق بعد الحرب على سورية ليؤسسوا التنظيم المذكور . .
ويؤكد وجهة النظر هذه عشرات الباحثين والكتاب الأميركيين الذين أشاروا إلى أن الولايات المتحدة تحولت إلى دولة بوليسية تتعامل مع الشعوب وحتى مع مواطنيها بطريقة مهينة وتمارس بحقهم جميع أنواع الانتهاكات بما فيها القتل والاعتقالات التعسفية التي تتم خارج نطاق القضاء والتعذيب داخل السجون وغيرها الكثير.
وهي تقود حالياً حرباً واسعة يقف فيها الأغنياء ضد الفقراء، فضلاً عن أن قوات الشرطة وأجهزة الأمن الأميركية ترتكب انتهاكات واسعة بحق المدنيين الأميركيين وهذا ما يتضح بجرائم القتل المتزايدة التي ترتكبها الشرطة الأميركية بين الحين والآخر ويذهب ضحيتها أبرياء عزل ينحدرون من أصول افريقية ولاتينية ، فالولايات المتحدة بإمكانها اعتقال وخطف وسجن واتهام أي مواطن أميركي أو أي شخص آخر حول العالم بمجرد اعتبارهم أعداء لها، ناهيك عن أن واشنطن تعمل أيضاً على دعم أنظمة ديكتاتورية في العالم وتتستر على جرائم كيان الاحتلال الإسرائيلي، فضلاً عن دعمها وتمويلها وتسليحها للمجموعات المسلحة كما يجري في سورية وليبيا والعراق وأفغانستان وغيرها .
والمناصرون لهذا الرأي أكثر من أن تحصيهم الإحصاءات وأكبر شاهد يسوقونه ما نراه اليوم في العراق وسورية فهما يعانيان من مشكلة الإرهاب بسبب الدعم الأميركي للتنظيمات المتطرفة ، كما انه بعد فشل محاولات أميركا لإسقاط سورية أعطت الضوء لتلك التنظيمات الإرهابية المتطرفة التي اجتمع عناصرها القادمون من فرنسا وبريطانيا وألمانيا وغيرها على الأراضي السورية لتكمل عملياتها في العراق وتحتل بعض مدنه وتهدد الأخرى .
والأمر لم يتوقف عند العراق وسورية فقط بل طال العديد من البلدان العربية والشرق أوسطية وما فعلته الولايات المتحدة والغرب في ليبيا شاهد آخر حيث تم تخريبها وتكونت التنظيمات الإرهابية التي تنشط اليوم في كل بقاع الأرض بما فيها الولايات المتحدة الأميركية نفسها ما يؤكد عقم السياسة الأميركية في الشرق الأوسط .
ولهذه الأسباب مجتمعة نجد أن أميركا تعرقل أي مبادرة تفضي إلى إيجاد حل سياسي وسلمي للأزمة في سورية منذ بدايتها وحتى يومنا وبالمقابل تبذل كل الجهود لصب الزيت على نار الأزمة من أجل إطالة أمدها سعياً منها لتدمير الدولة السورية واقتصادها وإضعاف جيشها وتشريد شعبها لتوفر كل عوامل الأمان والاستقرار لربيبتها إسرائيل , ولم تعد هذه الحقيقة معروفة لدى معارضي السياسات الأميركية في العالم فقط بل باتت راسخة لدى قطاع واسع من الباحثين والدارسين الأميركيين حتى باتت مراكز البحوث الأميركية تعي جيداً توجهات الإدارة الأميركية وسياساتها تجاه منطقة الشرق الأوسط عموماً وسورية خصوصاً ، والتي تؤكد أن أميركا ستكون الخاسر الأكبر في نهاية المطاف ما لم تعيد حساباتها وتتراجع عن سياساتها العدوانية .