تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


رسالة مفتوحة إلى الأمين العام للأمم المتحدة ...لنعقد ندوة تحت عنوان( كشف حساب موضوعي لتسعين عاماً من وعد بلفور)

شؤون سياسية
الخميس 25/10/2007
الدكتور جورج جبور

بصفتي إنساناً من هذا العالم, مؤمناً بميثاق الأمم المتحدة وبالروح التي كانت في أساس صياغته, وبمناسبة اقتراب الذكرى الثانية والستين لدخول الميثاق حيز التنفيذ,

وهي الذكرى التي تقرر اعتبارها يوم الأمم المتحدة.أتقدم للسيد الأمين العام للأمم المتحدة المحترم وإلى كل إنسان في هذا العالم, بالتهنئة على معظم ما قامت به الأمم المتحدة خلال العقود الماضية, وأتقدم مع التهنئة بالتمني لكي يكون مستقبل الأمم المتحدة أفضل من ماضيها في الالتزام بالميثاق وبالروح التي كانت في أساس صياغته.‏

وبصفتي إنساناً من هذا العالم, وبغض النظر عن صفتين اثنتين أفخر بهما, أولاهما أنني عينت, منذ عام 2002 وما أزال, خبيراً مستقلاً لدى لجنة (والآن:مجلس) حقوق الإنسان في الأمم المتحدة وعضواً في مجموعة العمل من الخبراء في شؤون المتحدرين من أصل إفريقي. وثانيهما أنني انتخبت في تموز 2004 وماأزال, رئيسا لمجلس إدارة الرابطة السورية للأمم المتحدة بغض النظر عن هاتين الصفتين , أسألكم ونحن نقترب من الذكرى التسعين لصدور وعد بلفور المشؤوم في 2/11/,1917 أن تهتموا بهذه الذكرى التي تحل في 2/11/2007 والتي تعيد إلى ذهن كل إنسان مسؤول في العالم, شريطاً من المآسي تعرض لها الشعب الفلسطيني على نحو خاص, ومعه العديد من اللبنانيين والسوريين والأردنيين والمصريين وغيرهم.‏

لن أضع أمامكم الظروف التاريخية التي أدت إلى صدور الوعد أثناء الحرب العالمية الأولى, والحسابات الانتهازية العسكرية-السياسية- الاقتصادية,التي رافقتها, ففي تقديري أنكم تعرفونها, أو أنه ينبغي أن تكونوا من عارفيها. يكفيني القول إن التصريح الظالم الذي أصدره السيد آرنور بلفور, وزير خارجية بريطانيا آنذاك, والذي يوصف بحق أنه وهب أرضاً لا يملكها واهبها إلى من لا يستحقها, إنما أتى مخالفاً لمبدأ أساس قام عليه ميثاق الأمم المتحدة, وقام عليه عهد جمعية الأمم.‏

هذا المبدأ هو حق الشعب في تقرير مصيرها فوق أراضيها. وهذا المبدأ هو الآن. ومنذ عام ,1976 الأكثر إلزامية في الشرعة الدولية لحقوق الإنسان, بمقتضى المادة الأولى الموحدة في العهدين اللذين يمثلان قصة في صيانة الحقوق, وهما العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية, والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.‏

السيد الأمين العام, أتساءل أمامكم ونحن نقترب من يوم الأمم المتحدة ومن ذكرى وعد بلفور: ألا تشعرون بأن عليكم واجباً محدداً, بحكم منصبكم,إزاء مآسي الشعب الفلسطيني, وأن عليكم أيضاً واجباً محدداً إزاء تلك المآسي بصفتكم إنساناً من هذا العالم? ألا تشعرون أن المناسبتين القادمتين تهيبان بكم إلى العمل من أجل إحقاق ما ينبغي أن يتمتع به كل فلسطيني من حقوقه كإنسان, وما ينبغي أن يتمتع به الشعب الفلسطيني من حقوقه كشعب من شعوب هذا العالم?‏

أتساءل أمامكم وأتوقع أن تكون إجابتكم بالإيجاب, لأنكم إنسان من هذا العالم ولأنكم فوق تلك الشخص الأول في عالمنا المسؤول عن إحقاق الحقوق. وأتوقع أن تكون إجابتكم بالإيجاب ليس لأن يوم الأمم المتحدة يقترب, وليس لأن ذكرى الوعد المشؤوم تقترب, بل لأن العمل من أجل إحقاق الحقوق واجب عليكم في كل يوم من أيام عامنا هذا, بل وكل عام, بصفتكم إنساناً من هذا العالم ومسؤولاً أول فيه.‏

إذاً: ما العمل? بل وبالتحديد: ماذا أرى أن عليكم أن تفعلوا?‏

السيد الأمين العام: اكتسب وعد بلفور سمعته السيئة من حقيقة أنه أنكر وجود الشعب الفلسطيني. أطلق الوعد على ذلك الشعب تعبيراً عجيباً هو (المجموعات غير اليهودية المقيمة في فلسطين, كانت نسبة هذه المجموعات في فلسطين تزيد عن 95% من مجموع السكان. كيف يمكن للأغلبية الساحقة جداً من سكان فلسطين أن تحرم هكذا- بجرة قلم كما يقال- من حقها في تقرير مصيرها فوق أرض تقيم فيها, غير منازعة عليها, وهي فلسطين?‏

وعد بلفور, أيها السيد الأمين العام, هو بالمختصر المفيد, إبادة هولوكوستية معلنة لا تقبل الاجتهاد لشعب فلسطين. ومازال التنفيذ مستمراً.ألا ترى إلى مليون ونصف المليون من هذا الشعب, في قطاع غزة المحتل. تهددهم قوة الاحتلال, تحت سمعكم وبصركم, بأن تقطع عنهم إمدادات الغذاء والماء والكهرباء?‏

وعد بلفور انتهاك لحقوق الإنسان, لحقوق كل فلسطيني, ولحقوق كل الفلسطينيين. ولو لم يكن كذلك لما اعترف السيد جاك سترو, وزير خارجية بريطانيا, في تشرين الثاني عام 2002 بأنه لم يكن مشرفاً كثيراً.‏

سألتكم: مالعمل? ماذا أرى أن عليكم أن تفعلوا?‏

والجواب سهل. عليكم أن تفعلوا الكثير لتصحيح خطأ تاريخي. بل ليس لتصحيح خطأ تاريخي فقط. بل لإنقاذ مستقبل المنطقة خاصة والعالم أيضاً. وقائمة ما ينبغي أن تفعلوه طويلة لا تستوعبها هذه الرسالة ذات الهدف المحدد.‏

هدفها المحدد المبنى على سابقة تاريخية, هو أن تخصصوا, يوم 2/11/2007 قاعة في مبنى الأمم المتحدة. في نيويورك تعقد فيها ندوة تحت عنوان: كشف حساب موضوعي لتسعين عاماً من وعد بلفور, يتم في تلك الندوة تدارس ماذا جرى منذ عام 1917وإلى الآن. ويستفيد من هذه الندوة مندوبو الدول الأعضاء في الأمم المتحدة, وعديد منهم لا يعلم القضية الفلسطينية. كذلك يستفيد منها خاصة الأميركيون الذين بلغ دعمهم لانتهاك حقوق الفلسطينيين حدوداً لا تطاق. ويستفيد منها أيضاً البريطانيون الذين حكم بلفور عليهم بالجهل حيث أنكر وجود شعب فلسطيني- وها هو الشعب الفلسطيني شامخ راسخ مقاوم, يهدد باستمرار إنكار حقوقه, يهدد سلم المنطقة وأمنها, بل سلم العالم كله وأمنه. ولتخصيصكم قاعة من قاعات مبنى الأمم المتحدة يبث من خلالها شعب فلسطين ظلامته, في الذكرى التسعين لصدور وعد ظالم, ولتخصيصكم تلك القاعة سابقة تاريخية.‏

في 10/11/1980 يوم الذكرى العاشرة لصدور القرار(3379) الذي بموجبه قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة أن الصهيونية شكل من أشكال العنصرية والتمييز العنصري, احتشد في إحدى القاعات المبنى جمع غفير كان هدفه النيل من هيبة الجمعية العامة بخاصة ومن هيبة الأمم المتحدة بعامة. خصص لهم القاعة أحد أسلافكم. إذن لا عذر لكم في رفض الطلب الذي أتقدم به إليكم.‏

فلتكن للسابقة رمزيتها, من المفيد, إمعاناً في الرمزية أن تخصص للندوة عن وعد بلفور القاعة نفسها التي خصصت للندوة عن عنصرية الصهيونية.‏

ولنذهب خطوة أخرى, كما طولب في ندوة عام 1985 بإلغاء القرار (3379) فلنطالب في ندوتنا المنشودة بإلغاء وعد بلفور. وفي الحالتين ستبقى آثار الإلغاء نظرية: العنصرية الصهيونية لا تزال مستمرة يتحدث بها في أيامنا هذه جيمي كارتر الرئيس الأميركي الأسبق, وإبراهام بورغ الرئيس الأسبق للكنيست الإسرائيلي. وآثار وعد بلفور مستمرة تقتل الفلسطينيين يومياً وتقتل معهم ومنذ تسعين عاماً, عدداً يتصاعد من اليهود, حتى ليصبح أن يوصف بلفور, لدى المؤمنين بالهولوكوست, بأنه القاتل الثاني لليهود بعد هتلر.‏

السيد الأمين العام: لا ريب أنكم ستأخذون بعين الاعتبار هذه الرسالة التي تصدر عن شخص واحد, والتي أقدر أن فكرتها تحظى بتأييد الملايين. وقد يتاح ضمن الظروف المعروفة للحراك غير الحكومي العربي, أن يصدر تأييد لها, على نحو مكتوب, من قبل هيئات المجتمع المدني العربية والإسلامية والعالمية.‏

إلا أنني أسألكم, في الختام أمراً آخر, تصدرون بياناً سنوياً بمناسبة يوم الأمم المتحدة في الرابع والعشرين من شهر تشرين الأول من كل عام. أود في بيانكم القادم بعد أيام أن تشيروا إلى أعظم إنجازين قامت بهما الأمم المتحدة في تاريخها لصالح الشعوب المستضعفة, الانجاز الأول دور الأمم المتحدة الكبير في القضاء على الاستعمار.‏

أما الإنجاز الثاني فدور الأمم المتحدة القيادي في القضاء على الفصل العنصري (الأبارتيد) فليكن في بيانكم امتداح لما قامت به الأمم المتحدة في هذين الأمرين.‏

ومن يمارس الاستعمار الآن? بل من يمارس العنصرية? إنه تلك الدولة العضو في الأمم المتحدة التي قامت الأمم المتحدة ذاتها, وقبلها جمعية الأمم, بالدور الأول في إنشائها, ولأن تلك الدولة قامت على أساس فاسد هو وعد بلفور, فإنها هي التي تفسد كل الفلسفة التي أتى بها ميثاق الأمم المتحدة والشرعة الدولية لحقوق الإنسان. في الحكمة القانونية قول مأثور, ما بني على الفاسد فاسد, وتضاف إلى الحكمة عبارة أخرى :مابني على الفاسد ينشر الفساد و الإفساد إن لم يقمع السيد الأمين العام: يعلو الجدار ويزداد علواً في كل لحظة, وفي كل لحظة يعلو فيها ذاك الذي قررت الأمم المتحدة هدمه, تتقوض جدران صرح المنظمة الدولية المؤتمن على الميثاق وعلى أحكام محكمة العدل الدولية, مفسحاً المجال أمام العالم ليصبح ساحة حرب حدثنا عنها توماس هوبس في كتابه المخيف الشهير, وعنوانه التنين (اللفياثان).‏

وأنتم حتماً لا تريدون ذلك, فأنتم إنسان من هذا العالم, بل أنتم أمين عام المنظمة الأبهى في كل تاريخ العالم.‏

ولكم سلفاً تهنئتي بيوم الأمم المتحدة وتقديري لما تقومون به من جهود.‏

تعليقات الزوار

بشار منافيخي |  l-alarabi@mail.sy | 25/10/2007 11:00

نشكر الدكتور جورج جبور على اهتمامه في مسألة وعد بلفور وتداعياتها على المنطقة ، ونشكر أيضا َ جريدة الثورة على الاهتمام في نشر أهم القضايا المتعلقة بالنضال العربي وقضية فلسطين .

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية