أما محاولة إظهار نفسها في بعض الأوقات أنها مع منطق الحوار والحلول السياسية للأزمات العاصفة، فلا تعدو أكثر من وسيلة لتقطيع الوقت ريثما تعيد ترميم ما تكسر من أذرعها الإرهابية في أكثر من مكان.
واشنطن أثارت من خلال اتصالاتها المتزايدة مع الجانب الروسي مؤخرا جوا من التقارب أو الجنوح باتجاه الحل السياسي، وإن كان مفخخا بالتأويلات والتفسيرات، ليتضح اليوم من خلال الإيعاز لكيانها الصهيوني بشن عدوان جديد على سورية، باعتبارها المشرف الأعلى على إدارة العدوان، أنها بصدد التحضير لسيناريو آخر لا علاقة له بالحل السياسي، ربما يكون مقدمة لمحاولة منح إرهابييها «المعتدلين» مساحة جغرافية أوسع في الجنوب، تكون على مقاس أوهام النظام الأردني اللاهث وراء محاكاة مخيلات نظام أردوغان في الشمال، لتمتلك بذلك ورقة ضغط وابتزاز إضافية.
المناورات السياسية الأميركية زاد زخمها مع حالة تصدع الأداة العثمانية، بعد خسارة أردوغان الأغلبية المطلقة في البرلمان، وفشل حزبه في تشكيل حكومة تواصل تنفيذ سياساته العدوانية، ولا ضير لواشنطن اليوم أن تتبجح بالحلول السلمية بانتظار ما ستؤول إليه نتائج الانتخابات التركية المبكرة، وبعدها سيكون الكلام مختلفا، فإذا تمكن أردوغان من تعويض فشله، فقد يصبح الرفض الأميركي «للمنطقة العازلة» قبولا علنيا، وتصبح معسكرات الإرهابيين أضعافا، وبرامج تدريبهم الأميركي أكثر كثافة، ومطالبات وزير الحرب الأميركي للنظام الأردوغاني بضبط الحدود، قد تتحول لأوامر بفتحها على مصراعيها أمام تدفق المزيد من الإرهابيين إلى سورية.
كيري سيلتقي نظيره الروسي سيرغي لافروف على هامش الاجتماعات القادمة للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك بحسب الخارجية الروسية..وكما هي العادة سيوحي بأن بلاده مع الحلول السياسية، ومكافحة الإرهاب، بينما تعكف مطابخه الاستخباراتية على دراسة سيناريوهات أخرى تعيد خلط الأوراق من جديد، بدءا من العزف على سيمفونية رفض الكونغرس المحتملة للاتفاق مع إيران، والضغط بمعية نظام آل سعود على الجانب الفلسطيني لانتزاع حل ينهي القضية الفلسطينية وفق الرؤية الاسرائيلية ثمنا لتمرير الاتفاق النووي، وليس انتهاء بالإيعاز للأدوات السعودية والتركية والأردنية والقطرية لتصعيد الإرهاب على الأرض، ولكن النتائج لن تكون بالضرورة مطابقة لحسابات راعي الإرهاب الأميركي.