ضارباً عرض الحائط الصلاحيات الدستورية فيحدد موعد الانتخابات المبكرة البرلمانية قبل ان تتخذ الهيئة العليا للانتخابات قرارا بإجرائها.
المشهد السياسي التركي يبدو متوترا ويجنح للفلتان، ما يجعل شبح التأثير الاقتصادي السلبي يلوح بالأفق، وخاصة انه بدأ بالغرق بين فكي من دعمهم من الارهابيين من ظلمهم وصادر حقوقهم.
رئيس برنامج تركيا المعاصرة في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية دوروتي شميد اكد أن رئيس النظام التركي رجب اردوغان يسعى للحفاظ على السلطة بأي ثمن ويهمش وحزبه العدالة والتنمية بقية الاحزاب الأخرى ويقمعها قبيل اجراء الانتخابات البرلمانية المبكرة.
وأوضح شميد في مقابلة مع صحيفة لوفيغارو الفرنسية نشرت أمس أن أردوغان استحوذ فعليا على السلطة المركزية ووضعها بين يديه وهو من أفشل بشكل غير مباشر محادثات تشكيل حكومة ائتلافية لافتا إلى أنه يريد السيطرة على جميع قطاعات الدولة والمجتمع بما في ذلك الاقتصاد.
واشار شميد إلى انه يجب على أردوغان اذا كان يريد ضمان المزيد من أصوات الناخبين التعامل بطريقة مختلفة مع حزب العمال الكردستاني وعدم التورط أكثر في الازمة في سورية مبينا ان استطلاعات الرأي تظهر أن الشعب التركي لا يثق كثيرا بقدرة حزب العدالة والتنمية على حل الازمات.
وكان اردوغان اعلن أول امس انه سيدعو إلى انتخابات تشريعية مبكرة مطلع تشرين الثاني القادم بعد فشل المشاورات لتشكيل حكومة ائتلافية بين الاحزاب الممثلة في البرلمان التركي.
من جهتها انتقدت صحيفة دي بريسه النمساوية بشدة ممارسات رئيس النظام التركي رجب اردوغان على الساحة الداخلية مؤكدة انه في سبيل البقاء في السلطة وزيادة التحكم والتسلط يدفع بلاده إلى اتون دوامة من العنف.
واوضحت الصحيفة في مقال نشر على موقعها الالكتروني أمس أن أردوغان باستمراره في سياسة استخدام العنف والسلاح ضد مناهضيه وقمع الحريات العامة وحرية الاعلام والصحافة والرأي يزيد من تعقيد الاوضاع الداخلية في تركيا وينفذ ممارسات خطيرة للتسلط وبسط النفوذ المطلق الذي يطمح اليه كرئيس للبلاد.
وبينت الصحيفة أن استمرار سياسة أردوغان الموجهة ضد خصومه السياسيين من احزاب ومنظمات وافراد ورفضه الحلول السياسية ودعوته لانتخابات برلمانية مبكرة تعتبر كمن يصب الزيت على النار وستزيد من التوتر السياسي والامني القائم حول صلاحياته ورئاسته.
بدوره انتقد كمال كيليتشدار اوغلو رئيس حزب الشعب الجمهوري اعلان رئيس النظام التركي رجب اردوغان عن موعد الانتخابات البرلمانية قبل ان تتخذ الهيئة العليا للانتخابات قرارا باجرائها الامر الذي يتنافي مع دولة القانون ويعتبر انتهاكا للدستور التركي .
وشدد كيليتشدار اوغلو في تصريح لصحيفة بوستا التركية أمس على ضرورة ان يلتزم الجميع بحدود صلاحياتهم الدستورية مشيرا إلى ان اعلان اردوغان يتجاوز حدود هذه الصلاحيات وجدية الدولة وقال ان اردوغان اقر رسميا بتخلخل نظام الدولة في تركيا من خلال اعلانه تحديد موعد الانتخابات .
من جهة أخرى قال الاكاديمي التركي الدكتور ارجون اوزبودان المختص في القانون الدستوري ان اعلان أردوغان موعد الانتخابات قبل انتهاء مهلة الـ 45 يوما المحددة لتشكيل الحكومة غير دستوري .
واضاف اوزبودان في تصريح لموقع غري خط التركي ان الدستور التركي حدد مدة 45 يوما لتشكيل الحكومة بعد تكليف احد الاشخاص بتشكيلها بهدف تقييم كل الخيارات خلال هذه الفترة واجراء انتخابات مبكرة لا يكون واردا سوى في حال الفشل في تشكيل الحكومة مشددا على ضرورة مواصلة عملية تشكيل الحكومة حتى انتهاء المهلة المحددة.
واشار اوزبودان إلى انه كان ينبغي على اردوغان تكليف رئيس حزب الشعب الجمهوري الفائز الثاني في الانتخابات بتشكيل الحكومة عقب فشل رئيس حزب العدالة والتنمية احمد داود اوغلو بتشكيلها وهذا الامر لا يقرره رئيس الدولة بل ان القواعد البرلمانية تقتضي ذلك.
ولفت اوزبودان خلال تقييمه لتصريح أردوغان الذي قال فيه مؤخرا لقد تغير نظام الحكم في تركيا ان وافقتم او رفضتم إلى ان نظام الحكم لا يتغير وفقا للرغبات الشخصية حيث لم يطرأ اي تغيير على صلاحيات رئيس الجمهورية منذ عام 2007 بل تغيرت طريقة انتخاب الرئيس وهذا الامر لا يزيد ولا يقلل من صلاحيات الرئيس.
وأيضا أكدت صحيفة حرييت التركية ان الاضطرابات الامنية واجواء التوتر السياسي المتزايدة التي تشهدها تركيا في ظل حكم رأس النظام التركي رجب اردوغان وضعت سوق العقارات في أزمة واثرت سلبا على المستثمرين .
واوضحت الصحيفة في تحليل اقتصادي ان اهتمام المستثمرين الاجانب بسوق العقارات في تركيا تراجع خلال العامين الماضيين كما انخفضت طلبات الشراء بسبب الاوضاع الامنية والاضطرابات خلال الاشهر القليلة الماضية مشيرة إلى ان الهجمات التي وقعت في البلاد منذ النصف الثاني من شهر تموز الماضي خلقت حالة توتر اثرت بشكل متزايد على الاقتصاد والاستثمارات.
ونقلت الصحيفة عن علي اغا أوغلو رئيس مجموعة شركات آغا أوغلو التركية للانشاء قوله ان حالة الغموض وعدم الاستقرار في تركيا تثير علامات استفهام في ذهن المستثمر الاجنبي لافتا إلى ان الليرة التركية مستمرة في التراجع امام العملات الاجنبية.
وكانت الليرة التركية هبطت مؤخرا وسجلت تراجعا كبيرا مقابل الدولار متأثرة بحالة عدم الاستقرار السياسي الذي تشهده تركيا وسط الحملة الامنية التي تشنها قوات اردوغان على المحافظات الجنوبية من البلاد والصعوبات المتزايدة في مفاوضات تشكيل الحكومة الجديدة وتجميد البنك المركزي لمعدلات الفائدة.
وتؤكد العديد من القوى والشخصيات التركية ان اردوغان يمثل الخطر الاول على امن تركيا والمنطقة عبر دعمه للإرهاب في سورية ومحاولته توريط بلاده في حروب ونزاعات جديدة بهدف تعطيل تشكيل حكومة ائتلافية.
أما ميدانيا فقد قتل ضابط تركي وأصيب جنديان في هجوم بالاسلحة الثقيلة والقذائف الصاروخية على مخفر للدرك في قرية ايواليك التابعة لمدينة بيت الشباب بمحافظة شيرناك جنوب شرق تركيا.
وذكرت صحيفة سوجو التركية ان مسلحين شنوا الهجوم المذكور مساء اول امس ما اسفر عن مقتل ضابط برتبة نقيب واصابة جنديين بينما اصيب جنديان تركيان بجروح في تفجير سيارة مفخخة امام مخفر للدرك التركي في بلدة غواش التابعة لمحافظة وان شرق تركيا بحسب ما ذكرت صحيفة ملييت التركية.
وفي ديار بكر شرق تركيا اصيب شرطي تركي بجروح بعد ان القى مسلحون مواد متفجرة على مركبة كانت مركونة امام مقر حزب العدالة والتنمية.
وكان ثمانية جنود اتراك قتلوا قبل ثلاثة ايام بانفجار في محافظة سيرت جنوب شرق تركيا كما قتل شاب تركي يبلغ من العمر 17 عاما خلال قمع قوات نظام اردوغان مظاهرة احتجاجية في منطقة اسنلر باسطنبول.
من جهة أخرى اصيب طفل بطلق ناري في رأسه اثر اطلاق عناصر من شرطة اردوغان الخاصة التركية النار بطريقة عشوائية في مدينة نصيبين التابعة لمحافظة ماردين جنوب شرق تركيا.
وذكرت صحيفة طرف ان الشرطة استخدمت الرصاص الحي والغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه لقمع متظاهرين مشيرة إلى اصابة طفل يبلغ من العمر 3 سنوات كان يلعب في شرفة منزله بطلق ناري.
في سياق اخر اكدت صحيفة ملييت ان 18 طبيبا تركيا يعملون في المستشفىات والمراكز الصحية بمدينة وارتو التابعة لمحافظة موش جنوب شرق تركيا قدموا استقالاتهم او طلبوا نقلهم إلى مناطق أخرى نتيجة الاحداث التي تشهدها المدينة.
ويؤكد مراقبون ومحللون أن تركيا وبعد سيطرة حكومة حزب العدالة والتنمية على أجهزة القضاء والامن والمخابرات بدأت بالتحول إلى دولة بوليسية وخصوصا بعد مشروع القانون الاخير الذي أعدته الحكومة التركية تحت اسم حزمة الامن الداخلي.