باعتباره الوسيلة الوحيدة لضمان سلامة «الإسرائيليين» وطول بقائهم في فلسطين المحتلة التي اغتصبوها بمساعدة الغرب الاستعماري، مستندين في فتاواهم هذه إلى أسفار «العهد القديم» وكتاب «التلمود» اللذين يبيحان القتل والإبادة وتدمير المدن وإهلاك الأعداء. فالحاخام اليهودي «مانيس فريدمان» الذي يتمتع بشعبية كبيرة في أوساط اليهود الأميركيين معجب بالطريقة الإجرامية التي يتعامل بها اليهود في فلسطين المحتلة مع جيرانهم العرب.
ففي حديث أجرته معه مجلة «مومنت» الأميركية قال هذا الحاخام المتطرف: «إن الطريقة الوحيدة لشن حرب أخلاقية ضد العرب هي الطريقة «اليهودية» التي تهدم المنازل وتهدم البيوت وتدمر المقدسات وتقتل الرجال والنساء والأطفال والماشية، مطلقاً على هذه الجرائم، صفة الحكمة».
ويتابع موضحاً: إنه إذا التزمت «إسرائيل» بهذه الحكمة، فإنها لن تتعرض لأي خسائر تلحق بسكانها المدنيين ولن يكون هناك أطفال إسرائيليون في خط النار، ذلك أن «إسرائيل» ستكون عندئذ قد «تحررت» على حد زعمه مما يسمى الأخلاق القومية، بل لن تكون هناك حرب في حالة السير على هدى هذه «الحكمة».
فالحاخام فريدمان لا يؤمن بالأخلاقيات الغربية، كما يقول، فالحياة في ظل التشبث بالقيم التوراتية ستجعلنا مشعلاً وضوءاً للأمم التي تعاني من الهزيمة بسبب تمسكها بأخلاقيات كارثية من صنع الإنسان.
والأخلاق عند الحاخام فريدمان تثقل كاهل الأمم، ويجب التخلص من هذا العبء لكي يتمتع أتباعه بلذة قتل الأطفال والنساء والرجال والشيوخ والماشية.
الحاخام الدموي لم يكن الوحيد بين يهود الولايات المتحدة الذين يبيحون القتل لغير اليهود، فهناك العديد من الحاخامات في الجالية اليهودية يحملون مثل تلك الأفكار المتطرفة ويعتنقون آراء شديدة التعصب وموغلة في العنصرية، وآراء الحاخام فريدمان التي عبر عنها صراحة لمجلة «مومنت» الأميركية، ليست جديدة، ولا تختلف عن أفكار حاخامات آخرين الذين لا يقولون هذا الكلام علناً، وكل ماقاله مكتوب في «التوراة».
فالحاخام «موشيه فيلار» كبير حاخامات مينيسوتا على سبيل المثال لا الحصر يشارك فريدمان في آرائه علناً، ويعتبر القتل واجباً على اليهودي تحت ذريعة «الدفاع عن النفس» ويقول: هذا الرجل رائع وقد نجح في إعادة الآلاف من الناس إلى حظيرة الشريعة التوراتية، ولكنه يطلق الرصاص أحياناً بلا تردد.
وفي «إسرائيل» تحرص حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية المتطرفة على دعم وتمويل معاهد الدراسات المتقدمة للنصوص اليهودية، وبشكل خاص التلمود التي يبيح حاخاماتها قتل الأطفال والرضع من الأغيار، لأن وجودهم على قيد الحياة يتيح لهم فرصة النمو والإضرار باليهود.
وفي هذا الإطار صدر في إسرائيل كتاب جديد تحت عنوان «شريعة الملك» أصدره اثنان من حاخامات الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة، الأول يدعى يتسحاق شابيرا مدير يشيغاة «عود يوسف حاي» أي «يوسف مازال حياً» في مستوطنة «يتسهار» جنوب مدينة نابلس، شمال الضفة الغربية المحتلة وهي أحد معاقل المستوطنين المتطرفين والثاني يوسي اليتسور الذي يعمل مدرساً في اليسيفاة.
ويتضمن الكتاب الذي حوى (230 صفحة) فتاوى أصدرها حاخامات تجيز قتل «من هو غير يهودي» حتى لو كان طفلاً أو رضيعاً، وحتى إذا كان محباً لإسرائيل وصدق عليه حاخامات إسرائيل المتطرفون.
وبحسب الكتاب مسموح قتل الأطفال لأنهم يشكلون عائقاً في طريق النجاة، ويذكر المؤلفان الدمويان حالات شكل فيها الأطفال الرضع عقبات لذا بات من الواجب قتلهم تحسباً لمواقفهم في المستقبل عندما يكبرون ويشكلون خطراً على إسرائيل.
ولم يسلم المدنيون الأبرياء من فتاوى القتل، ففي فصل من الكتاب عنوانه «المس المقصود بالأبرياء» يشرح الكتاب أن أساس الحرب هي ضد المطارقين، ولكن من ينتمي إلى شعب العدو، يعد أيضا ً عدواً لأنه يساعد القتلة، ولا فرق بين مدنيين ومسلحين.
ويضيف المؤلفان : «من أجل الانتصار على الأشرار يجب التصرف معهم بطريق الثأر والصاع بالصاع.
الثأر، هو حاجة ضرورية لجعل الشر غير مجد، وعليه تصبح أحياناً أفعالاً وحشية ترمي إلى خلق ميزان رعب سليم.
وفي إحدى الملاحظات الهامشية كتب الحاخامان جملة فيها سماح بمبادرات لأشخاص خاصين ليس في إطار قرار حكومة أو جيش، أشارا إلى أنه لا حاجة لقرار أمة لإباحة دم مملكة الشر، وأضافا الأفراد أيضاً من المملكة المصابة يمكنهم أن يمسوابهم أي قتلهم أينما وجدوا.
وعلى هذا الأساس يقدم المؤلفان النصيحة بضرورة قتل الأطفال أثناء المعارك الحربية، لأن هؤلاء إذا لم يقتلوا فسيكونون في المستقبل أشراراً مثل آبائهم.
الكتاب بمجمله ترخيص بالقتل، ذلك أن «الأغيار» الذين يطالبون باستعادة أرضهم المغتصبة «يستحق القتل» فالضفة الغربية المحتلة حسب اعتقاد المتطرفين في إسرائيل هي ملك للشعب اليهودي وأن إعادة جزء منها يساهم بالقول والفعل في إضعاف حق اليهود المزعوم في فلسطين المحتلة بأكملها بما في ذلك الضفة الغربية أو العقاب الذي يتوصل إليه الحاخامات لهذه المساهمة هو القتل والموت.
هؤلاء القتلة والسفاحون هم حلفاء الولايات المتحدة وأوروبا الذين يدافعون عنهم ويبررون جرائمهم رغم تشدقهم بالدفاع عن حقوق الإنسان وحملاتهم المتواصلة ضد التطرف الديني والعنصري في كل مكان ماعدا «إسرائيل».