تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


ماذا ننتظر؟

فضائيات
الأربعاء 4-8-2010م
جوان جان

لن ندّعي ولا يمكن لأحد أن يدّعي أن البرامج الثقافية في الفضائيات العربية تسيطر على ساحة البث التلفزيوني اليومي،

ويمكن القول إن البرامج الثقافية تنضوي تحت لواء ذلك النوع من المواد التلفزيونية محدودة الانتشار والاهتمام نظراً لطبيعتها التي قد تبدو جافة في كثير من الأحيان.. والواقع أن الكثيرين يعزون جفاف المادة الثقافية لا إلى المادة بحد ذاتها بل إلى طريقة تناولها، إذ يعمد بعض معدّي هذا النوع من البرامج إلى الترفّع عن مساعدة المتلقي بمعناه الشامل في تلقّي المادة الثقافية-التلفزيونية ظنّاً منه أنه بهذا يكون قد وضع مادته في موضع نخبوي ناسياً أو متناسياً أن التلفزيون جهاز موجّه إلى الجميع، وبالتالي فإنه من المفتَرَض أن تأخذ المادة التلفزيونية ثقافية كانت أم غير ذلك طريقها المعبّد إلى المتلقّي بكافة مستوياته، دون أن ننسى بالطبع أن المواضيع ذات البعد الثقافي قد لا تجد لها طريقاً إلى نفوس البعض مهما بلغت مهارة المعدّين في تقريب وتلميع وتبسيط المادة التلفزيونية من العقول والقلوب.. وبالطبع فإنه ليس من المطلوب من المادة التلفزيونية أن تنافس المادة الرياضية مثلاً أو الدرامية أو المنوّعة في السيطرة على فضاء البث التلفزيوني العربي لكنها على أقل تقدير مطالَبة بأن توسّع هامش حضورها وتزيد من فسحة تأثير هذا الحضور نظراً لما تمثّله الثقافة من بعد حضاري عند الشعوب .‏

ومنذ انطلاقتها كانت الفضائية السورية -وقبلها القناتان الأرضيتان- معنيّة بالهم الثقافي جنباً إلى جنب مع باقي أنواع المواد التلفزيونية، وقد امتازت البرامج الثقافية بالعموم في التلفزيون السوري برشاقتها وقدرتها على نقل الحدث الثقافي والهمّ الثقافي إلى المشاهِد البعيد نوعاً ما عن هذه الاهتمامات، فظهرت برامج عديدة متميزة ضمن هذا الإطار كـ «محكمة الفنون-خزائن الثقافة-الأدب والحياة-أوراق ثقافية-صدر حديثاً» وغيرها من البرامج التي لن نكابر ونقول إنها كانت جماهيرية بل يمكن الشعور بالثقة حين الادّعاء أنها لعبت دوراً ليس بالمحدود في تفعيل الحركة الثقافية السورية .‏

ولا شك أن ما ينقص الإعلام الثقافي السوري المرئي هو إنشاء قناة ثقافية، وهذا الأمر يبدو مسوّغاً نظراً لما تمثّله سورية في منطقتنا من بعد حضاري ضارب في التاريخ وقدرة دائمة على تجديد العمل الثقافي ونقله من حالة النشاط الروتيني إلى حالة الإبداع المتأجج، ولا يبدو مقنعاً وجود مئات المبدعين في كافة مجالات الإبداع من قصة وشعر ورواية ومسرح وسينما وموسيقا وفن تشكيلي دون وجود حاضنة إعلامية قويّة التأثير تجمعهم وتروّج لنشاطاتهم وإبداعاتهم، خاصة وأننا بتنا اليوم نمتلك –ربما- أكبر عدد من الدوريات الثقافية الرصينة في العالم العربي تصدرها وزارة الثقافة واتحاد الكتّاب العرب، وعدم التكافؤ هذا بين الإعلام الثقافي المقروء والإعلام الثقافي المرئي أمر ينبغي تداركه، وتحديداً إذ أخذنا بعين الاعتبار أن أكثر من دولة عربية سبقتنا في تأسيس فضائيات متخصصة بالعمل الثقافي، فماذا ننتظر؟‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية