كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بارعاً جداً بكذبه لدرجة أنه نجح بإقناع مواطنيه الأتراك والعالم بأنّ الوطنية عنوانه عندما ارتدى قناع الوطنية والشجاعة، وما زاد في نجاحه في أداء هذا الدور المركب والمخادع هو دموع التماسيح التي كان يذرفها هنا وهناك بشكل متزامن مع المجازر التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين, كان أكبر مزايد على مواقف الدول الأخرى فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.. فتاجر بها وكسب التطبيع، فكان أكبر خائن لها بعد أن سوّق فكرة تبنيه لها، لا بل خائن لبلده فقد قتل جنود الكوماندوس الإسرائيليون تسعة من البحارة الأتراك على متن السفينة مرمرة التي كانت تحمل مساعدات لفك الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة في ذات الوقت الذي كانت المبادلات التجارية والاقتصادية بين أنقرة وتل أبيب تصل إلى مليارات الدولارات.
عندما اعترف الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل.. كان أردوغان أول من خرج وأطلق تصريحات نارية تتهم ترامب بوضع كامل المنطقة على فوهة بركان، لا بل وجّه تحذيرات للرئيس الأميركي مهدّدا بقطع العلاقات مع تل أبيب، والمتابع لهذه الخطابات الناريّة يجد أنها مخصصة للإعلام والكاميرات فقط، ففي ظاهرها يُظهر العداء الشديد للولايات المتحدة وإسرائيل، لكن باطنها يفوح منه رائحة الانبطاح والتذلل لهما.
علاقاته الخفية والوطيدة والعميقة مع زعماء إسرائيل كانت تعكس نفاقه وتكشف حرفيته العالية وشعوذته في تضليل الرأي العام المحلي والدولي وتبيّن الوجه الحقيقي المزيَف للرئيس التركي.
في تقرير نشره موقع / Marker the/ الإسرائيلي الاقتصادي مؤخّراً وأكدت الخبر صحيفة هآارتس الإسرائيلية، كتب يرون كوهين أن ناقلات نفط تركية تحمل النفط العراقي المهرّب من إقليم كردستان العراق وبخاصة من حقل بابا كرجور والذي يعدّ من أكبر حقول النفط في العالم إضافة أن تكاليف استخراجه متدنية جداً حيث يستخرج من هناك وينقل إلى ميناء جيهان التركي عبر خط أنابيب من كركوك وتبحر هذه الناقلات من الميناء التركي باتجاه تل أبيب أو ميناء حيفا أو عسقلان، وتتم هذه العمليات بسريّة كبيرة ودون انقطاع وبعض الناقلات تتجه إلى قبرص حيث يتم إفراغ حمولتها في سفينة أخرى متجهة إلى إسرائيل أو يتم إفراغ حمولتها في سفينة أخرى في عرض البحر.
وتعمل الشركات التي تدير هذه الناقلات على تغيير أسماء السفن من أجل ضمان سريًة عمل النقل، فمثلاً الناقلة CREty DIAMONDE يتحول اسمها إلى KITON بمجرد اقترابها من الموانئ الإسرائيلية، ثم تعود لتحمل نفس الاسم الأول بعد انجاز مهمتها، التقرير ذكر أيضاً أن إسرائيل اشترت منذ 2015 وحتى اليوم ما يقارب 18 مليون برميل نفط من إقليم كردستان العراق بوساطة تركية وعبر الموانئ التركية.
لكن هل تعرفون ماذا كان يفعل أردوغان في ذات الوقت الذي كانت فيه هذه الناقلات تفرغ حمولتها من النفط في الموانئ الإسرائيلية... لقد كان يعقد لقاءً جماهيرياً دعائياً تضامناً مع الفلسطينيين بعد تعرضهم لمذبحة على حدود قطاع غزة، مخاطباً الشعب التركي الغاضب قائلاً بأن إسرائيل دولة إرهابية... ومرة أخرى كان يحضر القمة الإسلامية الطارئة في اسطنبول رداً على قرار ترامب بنقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة، نفاق وكذب... إنه لا يدع أي مؤتمر أو ظهور إعلامي إلا ويهاجم الممارسات الإسرائيلية ليُظهر بطولته المزيفة.
الجميع لا يزال يتذكر مشهد الانسحاب المتقن جداً والاحترافي الهوليودي لدرجة الإقناع من قاعة منتدى دافوس في سويسرا احتجاجاً على عدم منحه فرصة للرد على المداخلة المطولة للرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز الذي كان يدافع عن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، حيث ترك الممثل أردوغان كرسيه غاضباً وغادر المنصة وهو يخاطب بيريز: ما شعوركم وأنتم تهاجمون الفلسطينيين بالدبابات؟ بعد هذا الانسحاب البطولي حقق أردوغان شعبية كبيرة في تركيا واستُقبل استقبال الفاتحين رغم مليارات الدولارات التي يتم استثمارها بين الجانبين.
ومن المهم والضروري أن نعرف أن تركيا اعترفت بإسرائيل في آذار 1949 وفي 1986 تبادل الجانبان التمثيل الدبلوماسي وفي 1996 وقعت الحكومتان اتفاقيات تعاون عسكري تشمل تشكيل مجموعات أبحاث استراتيجية مشتركة والقيام بمناورات مشتركة وقيام الجانب الإسرائيلي بتحديث وتطوير الدبابات والطائرات التركية وكذلك وجود مستشارين عسكريين في الجيش التركي ما جعل إسرائيل شيئاً فشيئاً مورد السلاح الرئيسي لتركيا.
ماذا نسمي اللقاءات المشتركة الدورية والمتكررة بين المسؤولين من كلا الجانبين وعلى كافة المستويات والمجالات وخاصة العسكرية والأمنية ذات الأبعاد الاستراتيجية والهدف منها التنسيق لمنع حركات المقاومة الفلسطينية من استخدام الأراضي التركية في شن هجمات على إسرائيل.
هل يمكن أن نتوقع أن تركيا شاركت بإخماد حريق شب في إحدى المستوطنات في الضفة الغربية /بتاح تكفا وريشيون لوتسيون/ بإرسالها 3 طائرات وفازت بلقب أول المساعدين في حل الأزمات الإسرائيلية ما دفع بنيامين نتنياهو لتثمين وتقدير المساعدة التركية .. إنه الكذب والتلون ... إنه النفاق السياسي.
ساهم وبقوة في الحرب الإرهابية المدمرة على جارته سورية ويسعى ليل نهار لإطالة أمدها وتشريد مئات الآلاف من المدنيين ذلك من خلال تدريب وإيواء آلاف الإرهابيين وإمدادهم بالسلاح وكل أشكال المساعدات اللوجستية لا بل تعدى ذلك إلى القيام بعمليات عسكرية داخل الأراضي السورية ويسعى إلى إقامة «منطقة آمنة» على امتداد الحدود المشتركة بين البلدين وذلك لحماية من يساعدهم من الإرهابيين في سبيل تحقيق هدفه البعيد .. هدف شركائه الإسرائيليين ألا وهو تقسيم سورية.