تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الشعراء والرواية

حصاد الورق
الثلاثاء 2-10-2012
يمن سليمان عباس

هل يقدم الشعراء من حيث لايدرون و بحماستهم الملحوظة هذه السنوات لكتابة الرواية، مبرراً إضافياً لمن ينعى الشعر: فنهم و فن العربية الأولى،

و ينزله من عليائه ليبايع الرواية سيدة زمن، لايبدو أن السيادة فيه لما يمت من بعيد أو قريب للأدب كله؟!‏

سؤال طويل يداخلني كما يقول د. حاتم الصكر في دبي الثقافية العدد/87/ مضيفاً: كلما قرأت عملاً روائياً لشاعر أو قرأت خبرصدوره فضلاً عن مشروعات قيد الانجاز يعكف عليها الأصدقاء الشعراء في غفلة أو مناورة من قصائدهم التي ستنالها عواصف الغيرة حتماً.‏

لكنني كثيراً ما أولت الهجرة إلى الرواية بما لايفرح خصوم الشعر و مزلزلي عرشه، فعندي أن تفسير ذلك يتصل بما يشهده الواقع اليوم من تراجعات و انكسارات فلا يدع للشعر متنفساً فيغرق في تلك الكثافة من الخيبات و الخذلان و تعثر الأحلام و لا يجد تلبية لما كان يسميه النقاد القدامى دواعيه أو أسبابه، في غمرة فعل مدوّ أو حدث خطير ينسحب الشعر دفاعياً وتكتيكياً فيعتزلهم ويعتزلونه لامكان للوجدان ولافضائه، النثر يخدم مفردات هذا الحاضر المخيم بكلكله- مفردة تليق بحجم الرعب مما يحدث يستطرد ويخاطب شهية الحكي لدى القراء ويحاور فضولهم واسترخاء حواسهم.. أما الشعر فلايرى سكناً أو مأوى. بوحه وخطابه وصوته لاتتسق والمهاوي التي غاص فيها الإنسان، وغرق بوجوده وحياته وحريته، لم يعد القارىء قادراً بما يكفي من الحس والصبر على تلقي القصيدة ومايحف بها من سياقات إيقاعية ودلالية، هي تريده منصتاً منفعلاً وهو يمضي إلى حيث السرد يتمدد خطاً يتصاعد ويريحه بنهاياته وعرضه ومقدماته، فيما تقلقه القصيدة وتؤرقه وتثير فيه السؤال والدهشة معاً، لاأريد لهذا الذي تأولته أن يقرأ على أنه قول بسطحية الرواية وأنها لاتصلح لبوح الروح وهموم الذات، بل أعني بالتحديد طريقة تقبلها وسبب سيرورتها الآنية والظن بتسيدها إنها لهفة متقابلة بين الشاعر وقارئه لكنه يناديه: تعال لأفصّل لك سرداً ماقد أوجزته لك شعراً. هاك بوضوح تفاصيل وصوراً‏

ووقائع وأحداثاً و شخصيات و أزمنة و أمكنة و أفعالاً و حواراً فتسمع و ترى و تعيش بينما تأخذك القصيدة بغموضها إلى حيث العالم اللا مدون و اللامروي أو واقع متعين، نسخ أخرى مشفرة للأشياء كما تتراءى شعراً يشف ولا يسمن.‏

فيما تهب الرواية لقارئها نسخاً طازجة حارة بارزة لعيان المشاهدة و إمكان التحقق.‏

Yemenbbass@qmail.com

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية