على الامن السياسي والاقتصادي الدولي مستندة إلى نقاط قوة ثابتة متمثلة باقتصاد قوي يتنامى بشكل دائم واستقرار سياسي يقودها بخطا واثقة ومتسارعة نحو الازدهار.
ويأتي احتفال جمهورية الصين الشعبية أمس بعيدها الوطني الـ 63مختلفا من حيث ازدياد الدور على المستوى السياسي فالدولة ذات التعداد السكاني الاكبر في العالم وقفت رغم كل الضغوطات بصلابة وقوة في وجه محاولات بعض الدول التفرد بالعالم في شؤون الدول الأخرى وانتهاك سيادة الدول التي تؤكد دائما أن لها الحق في تقرير مصيرها بعيدا عن أي تأثيرات خارجية منطلقة من أن دور القوى الدولية والهيئات التابعة للامم المتحدة يتمثل فقط في توفير الاجواء الملائمة لحل الازمات وليس لشرعنة التدخل وصوغ العقوبات والاعتداء على البلدان.
وعلى هذا الاساس والمبادىء عملت الصين مع روسيا خلال العام الماضي في مجلس الامن على منع محاولات الغرب في التدخل بالشؤون الداخلية السورية وتوظيف ما يحصل لخدمة أجنداته من خلال استخدامها لحق النقض الفيتو ثلاث مرات متتالية مع روسيا الاتحادية ضد مشاريع تتيح التدخل الخارجي في سورية في تأكيد على أن خيارها السياسي المبدئي في الحفاظ على الاستقرار والامان حول العالم بات أكثر ثباتا وقوة لتنطلق بعدها في محاولات انهاء الازمة عبر توفير أجواء الحل السياسي في سورية واستقبال بعض الاطراف المعارضة ودفعها للقبول بالحل السياسي القائم على الحوار وحق الشعب السوري في تقرير مصيره ومستقبله.
وتؤكد الوقائع والاحداث أن الصين تعمل جاهدة على اعادة التوازن الدولي وانهاء استخدام مجلس الامن كوسيلة لاسقاط الدول غير المرغوب بها أمريكيا وهو ما يظهر واضحا من خلال تصريحات مسؤوليها الدائمة بأن الحوار ولا شيء غيره هو السبيل الوحيد للتوصل إلى حل واقعي وموضوعي للازمات في العالم وعلى رأسها الازمة في سورية والملف النووي الايراني.
الموقف الداعم لسيادة سورية ضد التدخل الاجنبي لم يكن جديدا فالصين أيدت على مر السنوات جهود سورية المبذولة في الحفاظ على سيادة الدولة وسلامة أراضيها واستعادة الجولان السوري المحتل عبر المفاوضات المستندة إلى القرارات الدولية وهو ما كان يقابل دائما بدعم سورية الثابت لمبدأ الصين الواحدة وتأييدها باستمرار للقضايا الصينية لتكون العلاقة الدبلوماسية التي تأسست بين البلدين عام 1956 مبنية على التفاهم والدعم المطلق للحقوق.
وتستند العلاقات الممتازة بين سورية والصين على تاريخ طويل من العلاقات تعود إلى الاف السنين منذ طريق الحرير الامر الذي كان له الاثر الطيب على علاقات الشعبين الصديقين وبالتالي علاقات البلدين على جميع الاصعدة وعلى رأسها الاقتصادية والتجارية حيث يبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 2.5 مليار دولار.
وبالعودة للحديث عن دور الصين المتنامي في جميع المجالات لتكون واحدة من أهم القوى الدولية على المشهد السياسي والاقتصادي العالمي خاصة أنها تشكل الحجر الاساس في العديد من المجموعات الدولية القائمة والمشكلة للتعاون والتطوير اضافة لحفظ التوازن الدولي والوقوف في وجه محاولات استخدام القوة لتسوية الازمات وخطف الامم المتحدة والهيئات التابعة لها.
وفي الجانب الاقتصادي لا يخفى على أحد أن الصين باتت محط أنظار العالم لدورها الكبير الذي تضطلع به للحفاظ على الاقتصاد العالمي من الانهيار ليكون دورها فعالا جدا في معالجة الازمات المالية التي تعيشها أوروبا وأمريكا والعمل على اصلاح النظام المالي العالمي وانتشاله من الركود وهو ما دفعها مؤخرا للاعلان ضمن مجموعة البريكس عن نيتها دراسة امكانية انشاء بنك تنموي لتحريك الموارد ومشاريع التنمية في دول البريكس والدول النامية والاقتصاديات الصاعدة في خطوة ستوفر بديلا من مؤسسات الاقراض الدولية بالتوازي مع دعمها لمجموعة العشرين والمساعدة في انجاز هذه المرحلة من الاصلاحات وتشكيل منظومة مستقرة من الاحتياطيات النقدية العالمية بغية اخراج الاقتصاد العالمي إلى مسار ثابت ونمو متوازن.
ويرى مراقبون أن سياسات الحزب الشيوعي الصيني الاشتراكية كانت السبب الاول في النمو الاقتصادي الصيني والذي جعل منها دولة قوية جدا إلى درجة أنها أصبحت تمتلك حاليا ثاني اكبر حجم للناتج المحلي الاجمالي والتجارة الخارجية في العالم بعد أن تجاوز نصيب الفرد من الناتج المحلي الاجمالي فيها 5 الاف دولار.
ان الصين التي تحتفل اليوم بعيدها الوطني الثالث والستين ماضية بكل ثقة لتكريس دورها مع حلفائها من الدول التي يوحدها الاستقرار السياسي ومعدلات النمو الاقتصادي المذهلة كقوة جديدة نحو الاهمية الاقتصادية والثقل السياسي الامر الذي سيمكنها من الاستمرار في لعب دور هام ومحوري يحفظ الامن والاستقرار حول العالم.