وبدؤوا يأخذون السيارات الى المناطق الحرة ومنها الى الحدود العراقية , لكنها لم تكلف نفسها عناء إرسال قراراتها الى تلك المناطق وتركت المشكلة تتفاقم وتتأزم .. وفي غمضة عين .. أصدرت قرارها المفاجىء ووضعته فوراً حيز التنفيذ بعد أن خلقت جواً من الاسترخاء لدى التجار السوريين والعراقيين نتيجة عدم تطبيقها لقراراتها السابقة وهكذا بدت وكأنها نصبت لهم فخاً .
عندما سألنا إدارة الجمارك لماذا أصدرت قرارها الثالث فجأة ولماذا اختارت تطبيقه مباشرة دون إعطاء مهلة للتجار لحل إشكالاتهم المالية , ولماذا لم تعمم قراراتها السابقة .. أجابت بأنها تواجه أزمة على المعابر الحدودية . وهكذا حلت أزمتها وخلقت أزمة في المنطقة الحرة ولدى شريحة كبيرة من التجار والمستثمرين .
السؤال الأهم هو أن إدارة الجمارك سبق واتخذت أكثر من قرار بهذا الشأن وبينت الوقائع أنها قرارات صائبة بدليل المشاكل التي أدى لها التغاضي عن تطبيقها, فلماذا استمرت في تجاهلها واختارت لحظة الذروة لتهوي بسيف القانون مسببة خسائر فادحة للعاملين في هذا المجال .
عندما سألنا التجار - سوريين وعراقيين - عن سبب عدم تقيدهم بالقرارات العراقية وإصرارهم على استيراد سيارات قديمة , أجابوا أن السوق العراقية تريد مثل هذه السيارات الرخيصة بسبب انعدام الامن والتعرض لحوادث السرقة , لا سيما إذا كانت السيارة حديثة وفخمة .
المشكلة إذاً ليست في القرار , بل في طريقة إصدار القرار وآلية تنفيذه دون النظر الى المصالح المتعارضة المرتبطة به , والعبرة ليست في حل هذه المشكلة المتعلقة بهذا القرار بالذات , إنما العبرة في مزاجية التعامل مع مثل هذه القرارات المصيرية التي تودي بالكثيرين ومصالحهم الى المجهول .
وهذا لايعفي على أي حال التجار من محاولة الاستفادة من تراخي إدارة الجمارك للاستمرار في تمرير مصالحهم والالتفاف على قراراتها وإجراءاتها ولكن هذا لايعني البتة أن نعمل على التسبب في إفلاسهم .