ولذلك فان تطوير الخطاب الاعلامي, يجب ان يكون هاجس المؤسسات الحكومية الاعلامية والاعلاميين فمن غير الممكن ان يحافظ الخطاب على ثباته ووتيرته ضمن عالم متحرك بسرعة مذهلة, لم تعد تقاس بالسنين, بل بالساعات والدقائق. فهذا العصر, عصر المعلوماتية, يحتاج لأفق اوسع ورؤية متميزة وخطاب متميز.افتتح الاستاذ حسين العودات اليوم الثاني من ( ورشة عمل حول تطويرالاعلام).
وحمل هذا اليوم عنوانا رئيسيا(الخطاب الاعلامي والقضية الاعلامية-الاعلام التفاعلي) وبدأ العودات كلامه عن الخطاب الاعلامي, وقال: انه على هذا الخطاب ان يكون متغيرا لتغير شروط الحياة وسياساتها وناسها, وان يكون مرآة للنظام السياسي .
وهذه علاقة جدلية وتفاعلية بين المجتمع والنظام السياسي.
ان الخطاب الاعلامي له شروط كثيرة جدا, تتعلق بكل جوانب الحياة كلها ويجب ان تؤخذ بعين الاعتبار .. وحين تطرح قضية وجوب تغير هذا الخطاب ومواكبته للمستجدات, فان حسين العودات يرى بأنه ( يجب ان يكون هذا التغير في آليات الخطاب وجدليته وعلاقته بالمتلقي والخطاب الاعلامي سيصبح خارج الحياة, اذا لم يستوعبها ).
الخطاب الاعلامي الذي يتمناه الاستاذ العودات, هو خطاب معرفي ودعائي في آن واحد معا . وهو لن يكون خطابا وافيا ومعبرا, اذا اكتفى برأي واحد.
ويصر العودات على التعددية والحرية في الاختيار, لأن النظر من نافذة واحدة سيحيل الانسان الى اعمى واصم واحمق- اذن ,يجب مراعاة شروط الخطاب وبنية الخطاب ومن هذه الشروط ان يعتمد على مصادر صحيحة وشفافة وواقعية وعلى المؤسسات الاعلامية ان تقوم بهذا الامر .
(الخلل في الخطاب الاعلامي) كان عنوان محاضرة الدكتورة فريال مهنا, ورأت بأن هذا الخلل ليس وظيفيا, بل بنيويا. وسألت ( من أين يأتي هذا الخلل?).
واجابت: ( من موقعة الاعلام الوطني تحت مظلة السلطة التنفيذية. فهناك هرمية وبيروقراطية ناجمة عن خضوع الاعلام لمستلزمات السلطة التنفيذية.
وكل المشكلات تأتي من خلال هذا الارتباط, وهو ارتباط تابع وليس نديا.
وهذا يؤثر على الاداء الاعلامي بشكل عام ).
وجدت د.مهنا ان الهوامش التي اعطيت للخطاب الاعلامي اتت ببعض الايجابيات, لكنها للاسف استخدمت لخوض حروب صغيرة بين متنافسين ..
ان المطالبة بتغيير الخطاب الاعلامي, تؤكد على ان هناك خللا في هذا الخطاب
وهذا يدعونا الى التوقف عند الاسباب التي ادت الى هذا الخلل . ويرى د. مروان قبلان ان اسباب هذا الخلل تتلخص في التالي :
آ- المتغيرات التي حصلت خلال الخمسة عشر عاما الماضية, والحرب الباردة التي اعقبها ضمور افكار القومية.واحتلال العراق. فهذه الحقبة الجديدة تتطلب خطابا اعلاميا مختلفا عن السابق.
ب- دخول التكنولوجيا أدى الى عدم احتكار المعلومة وهذا جعل القائمين على الاعلام يفتقدون القدرة على ايصال الخطاب المعين الى الناس.
د- وهناك المنافسة في سوق الاعلام وعدم القدرة على التحكم بهذه السوق.
ان الاعلام الرسمي, كأي اعلام آخر, قد زج في سوق المنافسة, ولذلك فعليه ان يطور نفسه ليبقى موجودا. وهو واقع في مشكلة انه اعلام حالم لا يصف الواقع ونحن-كما يقول د. قبلان - نلمس نوعا من النرجسية وتقديس الذات, وهذا امر خطير اضافة الى ذلك, فانه علينا ان نناقش موضوع العلاقة بين السلطة السياسية والاعلام, اذ ليس من واجب الاعلام فقط التعبير عما تريده الدولة, بل عما يريده المجتمع.
ومن المقترحات التي قدمها د. قبلان : ان تصبح نقابة الصحفيين مستقلة, وتكون ضمانا للصحفي, وهي الآن تقوم بدور معاكس والامر الاخر, انه على الاعلام ان يهتم بالرأي العام, فالاعلام الرسمي اعلام باتجاه واحد.
هل وصل اعلامنا الى حالة النكوس? ولماذا?يجيب الاستاذ ثابت السالم:
لأننا نفتقد الى ايصال المعلومة, والمشكلة تكمن في المفهوم والمفرد والشكل. ويجب على القائمين طرح السؤال التالي :نحن نخاطب من ?
اليوم اصبحت المعلومة متوفرة لدى الجميع, ولهذا السبب يجب على رئيس المؤسسة الاعلامية ان يتدخل لوضع خبر في النشرة لأنه اذا لم يعط المعلومة, فهو بهذا يخلق فوضى الاشاعة, ويرى السالم انه يجب على الاعلام ان يكون مستقلا, وهذا المفهوم يوصلنا الى اعلام متطو ولن يحدث اي تطور دون حرية كاملة للصحفيين والسماح للآخرين باعطاء آرائهم.
لقلد خلقت ثورة المعلومات نظرة جديدة الى الاعلام . فالمادة مثلا تبقى حية الى امد بعيد على الشبكة, وقد تتم مناقشتها مع شخص آخربعد سنتين مثلا.
ان الاعلام ا لتفاعلي لا ينتهي بلحظة, بل يبقى مستمرا في علاقة جدلية بين المرسل والمتلقي. ومن هنا فان واجب الاعلام ان يخرج من نظرته الواحدة الى التعددية, وان يرى هذا الطيف الواسع, ليجد موقعه الفاعل في عقل المتلقي, ويصبح وسيلته الموثوقة ومصدره الحقيقي.