حيث شكل لجنة لدراستها, وهي لجنة مختارة لهذا الغرض.. ومن قراءة أسماء اللجنة نرجح أن المشروع لن يمر.
وإذا كان الموقف الوطني لاساتذة العمارة في جامعة دمشق, ويليه موقف السلطة التشريعية (مجلس الشعب) يمثلان حالة اطمئنان حقيقية. لمنع الاستهتار بالمقدرات الوطنية.. فإن الذين وافقوا على المشروع وسعوا إليه وروجوا له تحت يافطة تعاظم الاستثمار السياحي في سورية لا تطمئن مواقفهم..
تعيدنا الحكاية الى دمشق القديمة مرة أخرى.. فما بقي من هذه المدينة الخالدة, ورغم ضمير الشعب الذي يعلن دائماً رغبة في الحفاظ عليها وحمايتها وقد ازداد عدد عشاقها وقاصديها.. رغم ذلك ما زالت تواجه تحديات حقيقية تحتّ منها يوماً من هنا ويوماً من هناك.
وقد اتجهت إليها أنظار أصحاب الاستثمارات السياحية.. وأقيم فيها عشرات المطاعم والمنشآت الفندقية الصغيرة التي تؤمن لها المدينة القديمة عامل جذب حقيقي.. من ناحية المبدأ نحن لسنا ضد ذلك.. بل على العكس نرى: أن استثماراً سياحياً مدروساً وموزعاً بدقة قد يساعد على حماية المدينة القديمة إضافة الى ما يقدمه الاستثمار. وبدهي أن أول شروط هذا الاستثمار السياحي المقصود , أن يحافظ على طابعها وما تختزنه من مواقع الجمال والتاريخ.. وبالتالي يمكن للمنشآت أن تقام في مواقع ضعيفة من المدينة, بما يريح الزبون الذي يقصدها فيجد المواقع القوية بانتظارها لامتاعه بالجمال التاريخي والمواقع الضعيفة بانتظاره لتقديم ما تشتهيه نفسه..
لكن أن تختار المواقع الهامة في المدينة القديمة لدعوة المستثمرين لإقامة مشاريع سياحية فيها..فهذا ليس خطراً وحسب بل إن الخطورة تكمن في كيف يفكر العقل الذي طرحها لمثل هذا الغرض..
وحسب ما جاء في العريضة التي وقعها /45/ أستاذاً جامعياً من كلية الهندسة المعمارية بجامعة دمشق وتقدموا بها الى رئاسة مجلس الوزراء والى رئاسة مجلس الشعب :أن وزارة السياحة تنوي تحويل مجموعة من العقارات في حي مئذنة الشحم الى مجمع فندقي خمس نجوم, بما يشكل خطورة على النسيج العمراني والاجتماعي, وحسب الأساتذة المعماريين فإن تأثيره السلبي سيمتد ليشمل الكثير من أحياء المدينة القديمة.
وحسب ما أورده الأساتذة فإن مشروع المجمع الفندقي يستهدف بيت نظام وبيت سباعي وبيت القوتلي وما حولها وهي مدونة من قبل المواطنين وتعتبر من أجمل أبنية دمشق التاريخية. وتحيط به مجموعة أخرى من بيوت العائلات الدمشقية وأضرحة وساكنون بما يشكل نسيجاً متكاملاً لحي تاريخي.
وتضيف الرؤية أن استثمار فندق خمس نجوم في هذا الموقع سيحيلها الى موقع خالٍ من الحياة.
هذا المشروع الذي وصل الى مرحلة اتخاذ الخطوات الأولى لوضع عقد بين السياحة والمستثمر.. لا يتحمل مسؤولية الخطأ والخطورة فيه المستثمر أبداً.. لأن الموقع كان طرح من قبل وزارة السياحة للاستثمار خلال ملتقى سوق الاستثمار السياحية ومعه مواقع أخرى.. ثم فإن المعنيين بالسياحة هم المعنيون بحماية المواقع التاريخية وبتنظيم الاستثمار في دمشق القديمة, بما يحافظ عليها وعلى نسيجها ويمنع قتلها لتتحول الى عدد كبير من المنشآت السياحية والمناطق المهملة.. وعلى العكس من ذلك فالمناطق المهملة هي التي يجب أن تستقبل الاستثمارات السياحية في حين يحافظ على المواقع الجميلة التاريخية, وهذا يضمن الجذب لزبون الخدمات السياحية.. فماذا يبقى من خان سليمان باشا الذي طرح كموقع للاستثمار في الملتقى المنوه عنه إن هو تحول الى فندق بعيد عن كل أجواء المدينة القديمة ونسيجها وفعالية الحياة فيها.
أعود مرة أخرى للقول:
نعم لي كل الثقة أن المشروع لن يمر كي يتحول الى أهزوجة انتصارات سياحية وهمية?!.. وإذ نبارك موقف أساتذة الجامعة نحن نشد على أيدي اللجنة التي شكلها مجلس الشعب بالقرار رقم 163 تاريخ 16/ 8/2005 .. ونتمنى فعلياً على الجهات المعنية -السياحة- التدقيق الفعلي في مواقع المشاريع السياحية التي تطرح, قبل الاسراع في تسجيل نقاط وانجازات غير حقيقية على حساب الدقة وسلامة القرار.