وهو يساهم في الوصول إلى رؤية موضوعية وعلمية واضحة ويعمل على تدعيم تيار الثقافة القومية الإنسانية برؤية ملتزمة وواعية وبعيدة كل البعد عن مخاطر الانزلاق في هاوية الإعلام الاستهلاكي المفتوح على الواقع المتردي والرمادي والقاتم إلى درجة السواد المطلق والكلي.
فالرقم 50 الذي يظهر في هذه الأيام في أعلى شاشات قنواتنا التلفزيونية الوطنية، يبدو بمثابة شعار يعيدنا إلى المستوى الريادي والراقي الذي تميز به التلفزيون السوري في سنوات ما قبل وبعد ظهور المحطات الفضائية وانحسار الدور الإعلامي والتربوي والتثقيفي في معظم الأقنية الفضائية الحالية.
وما يؤكد تلك الريادة الفقرات والبرامج التي تبث احتفاء بهذه المناسبة وتعيدنا إلى أهم ما عرض على شاشاتنا الوطنية خلال الخمسين سنة الماضية من مسلسلات شكلت ظاهرة تلفزيونية مميزة بدليل أنها لاتزال تحوز على متابعة وإعجاب الجماهير العريضة بخفة ظل عباراتها وشاعرية تهكماتها التي تعرف كيف تعزف على أوتار الجراح.
إضافة إلى إعادة بث البرامج والسهرات والحفلات والحوارات الفنية النادرة التي تعيد شيئاً من أحلام الاستمتاع بفنون أيام زمان التي كادت تطوى وتغيب وسط دوامة لا تنتهي من الإسفاف والانحطاط والابتذال.
ومن الضروري الإسراع بانتشال بعض التسجيلات النادرة التمثيلية والحوارية والغنائية من خطر حقيقي وتنقيتها بأحدث الوسائل التقنية العصرية لتحافظ على صحتها ومناعتها واستمرارية حياتها في ذاكرة الأجيال المتعاقبة.
وتشعبات البحث عن الكنوز البصرية والسمعية التي يحتفظ بها التلفزيون تفرض المزيد من التنقيب لإخراج ما تبقى من تسجيلات نادرة رافقت نهضة التلفزيون المحلي طوال فترة ريادته وذلك باستقطابه كبار نجوم الغناء العربي.
فالهدف النهائي من احتفال التلفزيون بعيده الذهبي هو إعادة اكتشاف مدى حيوية وغنى ذاكرته ومدى تأثيرها في مجمل الأنماط الإبداعية، تلك الأعمال التي لاتزال حية وحاضرة ومستمرة في تطلعاتها المشرقة والمتيقظة والفياضة.
adibmakzoum@hotmail.com