قدم أ. الخوص محاضرته في ثقافي أبي رمانة حول/ لغتنا على مشارف القرن الحادي والعشرين/ حيث يرى في هذا العصر التطور بكل مجالاته على مستوى العالم.. من تقنيات واختراعات لا تتوقف أبداً.. ولكن أين نحن منها كعرب وكيف هو دورنا الحضاري؟
قرن التطور الحضاري
فنحن في صراع لم يتوقف حتى الآن مع الاستعمار الصهيوني.. ولعل تاريخ النضال لم يتوقف فالتاريخ شاهد على الثورات والانتفاضات.. على مر السنين.
ليبدأ الحديث أ. الخوص بالخوض في مجال اللغة العربية وأهميتها.. فهي للعرب لغة التواصل.. والقرآن هو الوعاء الحافظ لهذه اللغة حيث وضعت في قالب حضاري متطور لكل زمان ومكان فنزل القرآن عربياً.. قال الله تعالى:
«إنا أنزلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون».. أيضاً العلاقة بين العروبة والقرآن علاقة متميزة في تكاملها وتعاملها منذ أن وجد الاسلام كما يقول أ. الخوص، وأشار إلى رسالة الرئيس الراحل حافظ الأسد إلى المعلمين في عيدهم في 12-3-1988 حيث قال سيادته: «لستم جميعاً مختصين بتدريس اللغة العربية مادة من مواد المنهاج الدراسي، ولكنكم جميعاً مسؤولون عن الحفاظ عليها وعلى قواعدها فلا عجمة ولا ركاكة بل تركيب سليم وفصاحة مما اشتهرت به أمة العرب».
ويبقى السؤال الأهم الذي طرحته المحاضرة حول كيف نتعلم أو نتسلح بلغتنا العربية ونحن على أبواب القرن الحادي والعشرين؟
ويعزو أ. الخوص سبب تدهور اللغة الرهيب إلى اتكائنا على كل ما هو قديم في تعلمنا اللغة العربية... واعتمادنا الكتب القديمة التي نقلها الأحفاد عن الأجداد حيث لم تعد تحاكي هذه اللغة مقتضيات العصر الحديث.. الذي يشهد تطوراً هائلاً يجب مواكبته، واستشهد أ.الخوص بقول د. ابراهيم السامرائي في كتابه «في شعاب العربية»: ومما حمل الضيم إلى الدراسات النحوية في عصرنا أنها اتخذت ألفية مالك وشروحها الكتب الجامعية التي يدرسها الطلاب فضاقوا بها ذرعاً والشكوى مريرة والطالب يقرأ والمدرس يشح كزميله الشيخ.
ولكن أليس في هذا الأسلوب التدريسي للغة العربية جمود وتحجر وهذان عدوان لتطور لغتنا.. وحسب جرجي زيدان/ اللغة كائن حي/ يقول أنيس فريحة في كتابه/ نحو عربية ميسرة/: إننا ناقمون على القواعد.. إن وضع الأحكام يقيد اللغة، ويقف في مجراها الطبيعي، ويسد عليها الطريق كما حدث للغة العربية الفصحى، فإن وضع الأحكام لها وقف عمل القواميس اللغوية عند نقطة معينة من الزمان والمكان».
أيضاً يستشهد أ. الخوص بقول أحمد عبد الغفور.. لما لسورية من دور في تدريس المواد العلمية باللغة العربية.. «وفي عصرنا الحديث استطاعت جامعات سورية تدريس الطب بالعربية.. كما سبق تدريس الكيمياء والهندسة والرياضيات بالعربية في عهد محمد علي باشا».
ويشير أ. الخوص إلى دور الشعر بكل أشكاله في البقاء على اللغة وصونها
ودور المهجريين والمشرقيين في ذلك يقول أحد شعراء المهجر:
بنت العروبة هيئي كفني
أنا عائد لأموت في وطني
وقول الشاعر حليم دموس في دور اللغة العربية:
لو لم تكن أم اللغات هي المنى
لكسرت أقلامي وعفت مدادي
لغة إذا وقعت على أسماعنا
كانت لنا برداً على الأكباد
ستظل رابطة تؤلف بيننا
فهي الرجاء لناطق بالضاد
أيضاً يشير إلى دفاع الشاعر حافظ إبراهيم عن اللغة العربية فيقول على لسانها:
وسعت كتاب الله لفظاً وغايةً
وما ضقت عن أي به وعظات
فكيف أضيق اليوم عن وصف آلة
وتنسيق أسماء المخترعات
أنا البحر في أحشائه الدر كامن
فهل سألوا الغواص عن صدفاتي
معاناة اللغة العربية
أما عن معاناة اللغة العربية ومدى محاربتها على مدى السنين فيرى أ. الخوص أنها تعرضت للكثير من العذاب والشقاء.. على مستوى الأمم والأفراد .
ففي زمن التتريك تعرضت لمحن قاسية في عهد كمال أتاتورك ليقضي على كل ماله علاقة بالإسلام والعروبة. حيث ألغى كتابة اللغة التركية بالحرف العربي واستبداله بالحرف اللاتيني..ووضع شبكة من الجواسيس على الشعب التركي.. لمن يتعلقون باللغة العربية .
أعداء اللغة
يقول أ.الخوص إن اللغة في هذا القرن تعرضت إلى أعداء ثلاثة:
الدعوة إلى العامية- إلغاء الإعراب- الدعوة إلى الكتابة بحرف لاتيني .
فالعامية لاضوابط ولا قواعد لها.. وإنما تختلف بين أمة وأخرى.. فاللهجات العامية تختلف في البلد الواحدة بين مدينة وأخرى، وهي متغيرة لا تثبت على حال.. حاولت العامية لبس ثوب الفصحى لتهدم الفصحى ببطء وتقضي عليها بأناة عندما وضع أساتذة ومربون في مراكز توجيهية للغة العربية... لايهمهم منها ومن الحفاظ عليها سوى الألقاب.
وأما التحرر من الإعراب والاستغناء عنه بتسكين اواخر الكلمات فهي ظاهرة خطرة ويشير أ. الخوص إلى أهمية التيسير والتجديد في النحو العربي، ولا سيما في جوهره، فالجوهر يحتاج إلى التيسير والتجديد بوجود الأمثلة المناسبة البسيطة لتكون سهلة مرنة في أذهان الناشئة دون الإتيان بأمثلة من ألفية ابن مالك .
والدعوة إلى الكتابة بالحرف اللاتيني فهي دعوة ماتت تلقائياً على الرغم من الإمكانيات الضخمة التي خصصت لإنتاجها، ولكن الحفاظ على اللغة له أساليب متطورة ومبسطة تواكب روح العصر، وتساير المخترعات الحديثة التي يجب أن يواكبها الكثير من المفردات اللغوية.. واهتمام الدول والشعوب والمثقفين العرب بما تتعرض له اللغة من خطر.. ومواكبة العصر بما فيه من تطور حاصل.. أن يكون للغة فيه نصيب من التطور والاستمرار حتى لا تفنى ذات يوم .