إلا أن الناس يشعرون أنها أكثر من ذلك بكثير، وهذا حقيقي، وتقوم بعض مواقع رصد حالة الجو بالتفريق بين درجة الحرارة المسجلة وبين درجة الشعور بالحرارة تبعاً لارتفاع نسبة الرطوبة أو انخفاضها.
ومع أن ارتفاع الحرارة معروف مسبقا إلا أن زيادتها عن الدرجات التي اعتدنا عليها في بلادنا سببت ضيقاً واضحاً للناس، لأنهم مضطرون للخروج من منازلهم للعمل أو التسوق، و(ما زاد الطين بلة) أن أغلب الناس في بلادنا لا يستخدمون غطاء للرأس ويسيرون في الشارع معرضين رؤوسهم لحر الشمس اللاهبة، وقليل منهم يضعون قبعات مختلف أشكالها وقلة قليلة تضع الشماخ (السلك).
واختفت منذ سنوات عادة كانت سائدة بشكل ملحوظ وهي استخدام المظلة الشمسية، بل إن تسميتها في بلادنا (بالشمسية) تدل عل استخدامها للوقاية من الشمس أكثر من استخدامها للوقاية من المطر،والنتيجة الطبيعية للعادات المستحدثة في التعامل مع الأجواء الملتهبة الإصابة بالإجهاد الحرارة بدرجات متفاوتة.
ومع أنه من البديهي عدم التعرض لأشعة الشمس ولا سيما عند الظهيرة، بوضع غطاء على الرأس، وارتداء ملابس خفيفة وفضفاضة ذات لون فاتح، واستعمال مظلة (شمسية)، إلا أن الأكثرية لم تعد تتبع هذه القواعد كي لا يغدو مثاراً للتندر.
ومشكلة الأجواء الملتهبة في شهر تموز غير ثابتة فتارة يأتي معتدلا كالربيع، وقد حدث هذا منذ نصف قرن، بل كان الهواء باردا ليلا عندما استقبل الناس البث التلفزيوني لأول مرة في بلادنا،وقد ترتفع الحرارة إلى درجة لا تطاق حتى نظن أننا أصبحنا على خط الاستواء.
وليست بلادنا هو المنطقة الوحيدة في العالم التي تشهد زيادة في الحرارة عما اعتاده الناس، فالشكوى تأتي من بلاد أوروبية معروفة باعتدال الحرارة في صيفها.
فقد نقلت وكالات الأخبار في مطلع الأسبوع الماضي أن كلمة الحر أصبحت الأكثر إثارة لقلق وخوف السلطات الفرنسية, حيث قررت الحكومة إعلان حالة التأهب القصوي في سبعة أقاليم جنوب البلاد, فضلاً عن العاصمة باريس, تحسباً لموجة حر وشيكة تجتاح فرنسا، وفي الولايات المتحدة جهزت أماكن خاصة مزودة بالتكييف لمن يرغب باللجوء إليها هربا من الحر.
وشعور الناس بارتفاع الحرارة أكثر من المعتاد ليس وهماً، فالعلماء الباحثون في المناخ يؤكدون ان الأجواء تسجل حارة أعلى مما كانت عليه في الأزمان السابقة.
ويتسابق العلماء في الحديث حول ظاهرة ارتفاع حرارة الأجواء، فيرى البروفسور مايكل مان أن درجة حرارة سطح النصف الشمالي من الكرة الأرضية كانت أعلى خلال العقد الماضي من أي وقت مضي خلال السنوات الألف والثلاثمئة الماضية.
أما كابيبولو عبدو ساماتوف رئيس مختبر أبحاث الفضاء في سانت بطرسبورغ فيذكر أن درجة الحرارة ستبدأ بالنزول بعد 6و7 سنوات حينما تصل ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي الناتج عن زيادة النشاطات الشمسية في القرن العشرين إلى مداه، أما أبرد فترة فستكون بعد 15-20 سنة بعد انخفاض النشاط الشمسي بين 2035 و 2045، وتنبأ بانخفاض الحرارة بشكل كبير لتزداد مساحة القطبين الجنوبيين وشتاءً يصل حد الثلوج إلى شبه الجزيرة العربية.