تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الشــــركات الاحتكاريــــة تســــيطر علــــى أقــــوات البــشريـــــة

قاعدة الحدث
الثلاثاء 3-11-2009م
دينا الحمد

رغم أن الباحثين عن أسباب المجاعات في العالم يقولون بأنها تعود لأسباب عديدة مثل الجفاف والتصحر إلا أن الواقع يشير إلى أن الجوع ظاهرة « سياسية» بكل ما تعنيه الكلمة من معنى،

ومثل هذا الكلام ليس مصدره نظرية« المؤامرة» بل هو حقيقة تؤكدها الأرقام والوقائع، فحسب منظمة الأغذية والزراعة الدولية/ الفاو/ فإن الظلم الكبير في توزيع الثروات في العالم واستيلاء أقليات محدودة في دول الغرب على رؤوس الأموال وسيطرة الشركات الاحتكارية على أهم المواد الغذائية في العالم هو السبب وراء المجاعات التي تشهدها آسيا وأفريقيا على وجه التحديد.‏

وللدلالة على صحة ما تقوله الفاو تكفي الإشارة إلى أنه في عامي 2007و2008 ازداد عدد الجياع في العالم بمقدار 140 مليون نسمة، والسبب الرئيسي هو الانفجار الذي شهده العالم في أسعار المنتجات الغذائية بعد أن زادت السلطات الغربية مساعداتها ودعمها للوقود الحيوي لتحل زراعات العلف والبذور الزيتية محل زراعات القوت أو تحويل جزء من انتاج القمح والذرة إلى انتاج الوقود الزراعي، فضلاً عن أن انفجار ما يسمى« الفقاعة العقارية» في الولايات المتحدة ثم في بقية دول العالم تحولت مضاربات كبار المستثمرين إلى أسواق البورصة، حيث تم التفاوض على عقود السلع الغذائية في ثلاث بورصات أميركية كبيرة متخصصة في البذور.‏

ومن هذين المثالين نرى أن زيادة عدد الجياع سنوياً في العالم لا تعود إلى تغييرات المناخ فقط بل إلى السياسات التي تتبعها دول الغرب وشركاتها الاحتكارية وبعض المنظمات التي تدور في فلكها، ومن المهم الإشارة هنا إلى أن صندوق النقد والبنك الدوليين يتحملان قسطاً من المسؤولية عن ظاهرة انفجار الأسعار لأنهما أوصيا حكومات الجنوب بإلغاء صوامع الحبوب التي كانت تستخدم في السوق المحلية وكذلك دفعهما لحكومات الجنوب إلى إلغاء هيئات الإقراض العام للفلاحين ما أدى إلى انتشار مديونية صغار الفلاحين في الهند والمكسيك ومصر ونيكارغوا تحديداً ،وكذلك قام الصندوق والبنك الدوليان بإلزام البلدان المدارية بإنقاص انتاجها من القمح والأرز والذرة وإجبارها على زراعة الكاكاو والشاي والبن والأزهار ولاستكمال عملهما لصالح كبرى شركات التجارة الغذائية الاحتكارية دفعا حكومات هذه البلدان إلى فتح حدودها لواردات الغذاء التي تستفيد من دعم حكومات الشمال، ما أدى إلى إفلاس العديد من منتجي الجنوب وإلى تناقص شديد في انتاج المواد الغذائية الرئيسية في العالم.‏

كما أن الديون التي أثقلت كاهل دول الجنوب أدت إلى إفقارها بشكل كبير، إذ شكلت آلية الديون الجهنمية عائقاً أساسياً أمام تلبية الحاجات البشرية الأساسية والحصول على غذاء متكامل ولائق بالبشر، ومثلت إحدى الآليات الرئيسية التي تتم بواسطتها عملية استعمار جديدة على حساب الشعوب.‏

وللدلالة على أن هذه الظاهرة سياسية بالدرجة الأولى نشير هنا إلى أن الهند تعرضت منذ القرن الحادي عشر إلى بداية القرن الثامن عشر لأربع عشرة مجاعة، أي إن البلاد كانت تشهد مجاعة كبرى كل قرنين تقريباً، لكن الأمر تغير تماماً مع قدوم الاستعمار البريطاني فمنذ عام 1859 حتى عام 1914 بدأت البلاد تشهد مجاعات كبرى كل سنتين تقريباً، وبينما كانت بقية دول العالم تشهد ارتفاعاً في عدد السكان بسبب التقدم التكنولوجي بقي عدد سكان الهند ثابتاً لمدة قرن تقريباً أي حتى عام 1914وذلك لأن سياسة التجويع كانت عماد الاستراتيجية الاستعمارية في الهند.‏

واليوم تتمدد خارطة الجوع في طول العالم وعرضه بعد أن سيطرت الشركات العابرة للحدود في عصر العولمة على أقوات البشر وجعلت عدد الجياع يقارب المليار إنسان، وأصبح الجميع تحت رحمتها وبات انتاج الغذاء العالمي تحت سيطرة الكارتيلات الأوروبية والأميركية الاحتكارية.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية