ودفعتها هذه الظاهرة لتخصيص مؤسسات وهيئات وبرامج تعنى بهذه الازمات ومعالجتها فكان يوم 16 تشرين الأول سنة 1945م ميلاداً لمنظمة الأغذية والزراعة (الفاو) واعتمدت هذه المنظمة المنبثقة عن الأمم المتحدة شعاراً يعني باللغة العربية أوجدوا خبزاً واعتمدت الفاو مدينة كويبيك في كندا مقراً مبدئياً لها ثم أصبح مقرها الرئيسي في روما منذ عام 1951م واتخذت هذه المنظمة من النهوض بمستويات التغذية وتحسين القدرة الانتاجية الزراعية وترقية الاوضاع المعيشية لسكان الريف وتحقيق الأمن الغذائي رسالة لها وفيي عام 1963م أطلقت الأمم المتحدة برنامج الأغذية العالمي الذي يعد أكبر وكالة للشؤون الانسانية في العالم حيث يقوم في كل عام بتقديم المعونات الغذائية إلى نحو 90 مليوناً من الفقراء من أجل مساعدتهم على تلبية احتياجاتهم الغذائية ويشمل هذا العدد 58 مليون طفل يعانون من الجوع في أفقر 80 بلداً من العالم وعملت الأمم المتحدة من خلال هيئاتها المنشأة لمكافحة المجاعات لعقد المؤتمرات السنوية .
والقمم الخاصة بالأمن الغذائي وكذلك تخصيص أيام محددة لملفات ظاهرة الجوع والفقر واختارت المنظمة الدولية يوم السادس عشر من تشرين الأول من كل عام مناسبة للتركيز على ملف الأمن الغذائي وهوالملف الذي بدا مستعصياً على الحلول المقدمة نتيجة للتغيرات التي تعرض لها الاقتصاد العالمي ويتزامن يوم الغذاء العالمي في ذكرى تأسيس منظمة الفاو ويهدف هذا اليوم إلى تعميق الوعي العام بمعاناة الجياع وفاقدي الأغذية في العالم واحتفل بهذا اليوم لأول مرة عام 1981م في إطار محاولة لتسليط الأضواء في كل عام على موضوع معين كما تسعى الأمم المتحدة لتدبير التمويل والأدوات الكفيلة لتخليص العالم من أزمة الجوع وتحقيق الأمن الغذائى وذلك من خلال مواردها وشركاتها أو عبر التواصل مع المنظمات غير الحكومية وتقوم منظمة الفاو بدور رئيسي في هذا الصدد وتعاظم دور تلك المؤسسة بالتزامن مع بحث الحلول الكفيلة بوقف مسلسل الجوع في العالم حيث ارتفعت اعداده بين البشر لنحو مليار العام الحالي.
ويساعد البرنامج الخاص للأمن الغذائي الحكومات من خلال الفاو على تكرار ممارسات الأمن الغذائي الناجحة على الصعيد الوطني كما يحث على الاستثمار في البنية الاساسية الريفية وتحقيق تدفقات نقدية من الدخل غيرالزراعي إلى جانب الزراعة في المناطق الحضرية .
ومنذ منتصف العقد الماضي تم استثمار زهاء 770 مليون دولار من أموال تقدمت بها الجهات المانحة والحكومات الوطنية في برامج الأمن الغذائي التي دشنتها منظمة الأغذية والزراعة العالمية الفاو .
وقد انخرطت بعض الشركات الكبرى في هذا البرنامج من خلال ابرام شراكة مع المنظمة الدولية .
ودعت الفاو التي تضم حوالي 190 عضواً للاعتراف بالجوع كمشكلة حرجة والسعي لايجاد الحلول اللازمة لتقويض نسب نموه، الأمر الذي أظهر مساعي دولية تحث الخطا نحو تقليل الأثر المحتمل أن تفرضه التهديدات على الأمن الغذائي العالمي.
فمثلاً أقرت قمة الدول الثماني الصناعية الكبرى في ايطاليا في عام 2009م لتخصيص قيمة استثمارات قدرها 20مليار دولار لزيادة انتاج الغذاء في الدول النامية وخاصة الدول الإفريقية حيث رصد هذا المبلغ على مدى ثلاث سنوات لضمان التنمية الدائمة للزراعة وتعد هذه الخطوة تحولاً في موقف الدول الكبرى من معالجة أزمة الغذاء بحيث يتم التركيز في المرحلة المقبلة على زيادة انتاج الدول الفقيرة من المحاصيل بدلاً من المساعدات الغذائية المباشرة.
وعلى الرغم من ذلك فان دور الامم المتحدة يبقى منحسراً حيث تجد هذه المنظمة الأممية نفسها في مأزق كبير أمام الدول الغنية فهي لاتستطيع أن تلزمها بتنفيذ توصياتها ومقرراتها، فرئيس الولايات المتحدة السابق التي تعد أكبر قوة اقتصادية يفخر بالقول إنه لايحفل البتة بقضايا البيئة ويعتبر طرح هذه القضايا والخوض فيها شراً يراد به ايذاء اقتصاد السوق وماقيام هذه الدولة منذ اكثر من ست سنوات بانتاج مايسمى الوقود البيولوجي والاثينول المستخرج من قوت الشعوب الفقيرة إلا أكبر دليل على استهزاء اميركا بالشعوب ومصالحها وتظهر عدم قدرة الأمم المتحدة على إلزام الدول الغنية كأميركا في مقرراتها بماجرى في لقاء الدوحة لمنظمة التجارة العالمية عام 2001م حيث صدر بعد هذا اللقاء توصيات للحكومات بالتخلي عن سياسة الدعم الحكومي وتعهدت دول الغرب بنفسها أن تقوم برفع الدعم عن الزراعة تدريجياً ولكن بعد أقل من ثلاثة أشهر من ذلك التعهد صوت الكونغرس على زيادة المساعدات للمزارعين بنسبة سبعين في المئة الأمر الذي يعني أن الحكومة الأميركية لا تأبه للدول النامية إذ إنها بدعمها للمنتجات الزراعية تجعلها رخيصة الثمن وبالتالي تنافس مزروعات دول العالم الثالث.