تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


محاضرة... فلسفة المعرفة وثقافتها أساس ناجح للمنهاج التربوي

مجتمع
الثلاثاء 3-11-2009م
متابعة يحيى موسى الشهابي

لقد شكلت عملية التربية و البناء لأطفالنا هاجساًَ لدى التربويين و عملاً دؤوباً للوصول إلى الأفضل والأسمى والأجمل لكنها في عصرنا هذا أصبحت ذات متطلبات كثيرة عالية القيمة و باهظة التكلفة

الباحث بديع عطية أوضح هذه المتطلبات والمعوقات التي تعترض العملية التربوية و الأساليب المجدية في الوصول الى تربية سليمة وواضحة لأطفالنا. وذلك في محاضرته في المركز الثقافي ببيلا مؤخراً حيث حدد في رأس هذه المتطلبات العمل على ترسيخ فلسفة المعرفة وثقافتها كأساس لمنهجية تربوية ناجحة تحقق الأهداف القومية الكبرى في الأطفال و الأجيال وبهم‏

فهذه المعرفة هي التي تقود إلى تحقيق مصالح حياة الشعوب و ليس المال و بالمعرفة يتحدد دور المجتمعات‏

والعامل الثاني هو مجموع الوسائل و التقنيات التي لا يمكن الاستغناء عنها فالمناهج الحديثة لا يمكنها إغفال الرياضة والفنون مثلاً ولا المعلوماتية العصرية إذا أرادت بناء أجيال قادرة على الإنتاج، لذا فوجود المكتبة والمختبرات العلمية وشبكات المعلوماتية ضرورة حيوية لسد حاجاتنا وتحقيق مصالحنا و أغراضنا في حياة كريمة‏

معوقات و عراقيل‏

ويضيف الباحث عطية قائلاً إن تحقيق هذه المتطلبات للتربية الحديثة المعرفية و تقنياتها ووسائلها تعترضه عراقيل أهمها:‏

العراقيل الخارجية التي نختصرها بالصراع التاريخي المضني و المكلف الذي فرضه علينا الأعداء والطامعون بجميع وجوهه الاقتصادية، الثقافية، العلمية ، الاعلامية و هو استنزاف دائم للطاقة البشرية.‏

بينما المعوقات الداخلية فنختصرها بما نراه من ظاهرات الفوضى و الفساد النفسي و العملي و الإداري و من فعل وسائل الاختراق الثقافي لنا، و هنا نبرز الأهمية لإيلاء الاهتمام الأول لأطفالنا و أجيالنا في الأسرة و المدرسة، فالرعاية و الحماية و تنمية المواهب والمدارك والمعارف والولاء و الانتماء تلعب دورها في حماية مصالح الوطن و جعلهم مؤهلين لحمل الأمانة.‏

وواقع الحال يبين أن أسرنا لا تتوفر فيها معرفة أصول الرعاية والحماية فنعمل باجتهاداتها التي توقع الطفل في حالة من التناقض و التساؤلات التي لا يجد لها إجابة مما تعكس نتائجها السلبية / حالات طلاق، خلافات، تمييز بالتعامل، قمع و عدم تفهم تعابيرهم و حاجاتهم، افراط بالدلال، ترك الرعاية للخدم، تركهم بالشوارع../‏

أما المدارس فليست نموذجاً واحداً لا في التصنيف و لا في التعامل:‏

فالمدارس الرسمية تشكو من كثافة عدد الطلاب ما يعيق العملية التربوية. بينما المدارس الخاصة فهي تشكل مشاريع استثمارية محدودة تشكو من التغيير في اقتناء الوسائل التعليمية و التقنيات بينما مدارس السبع نجوم فتشكو من طغيان المظاهر على حساب العلم و التوجيه السليم‏

مدارس المتميزين‏

أما مدارس المتميزين التي نتمنى لها النجاح رغم خشيتنا من علتين:‏

الأولى: علة عدم تساوي الفرص في اختيار طلابها‏

الثانية: علة تركيب عقد الاستعلاء عند طلابها على الآخرين و الشعور مستقبلاً بأفضليات حقوقية على الغير أو يتابع بديع عطية حديثه قائلاً:‏

ومن الواضح أن المدارس في هذا التصنيف ليس لها منهجية فكرية واحدة لا في النظر الى القيم الاجتماعية والثقافية والأخلاقية ولا في أساليب التعامل التربوي والتوجيهي.‏

وفي نسبة لابأس من هذه المدارس نلاحظ حالات متناظرة مع حالات الأسر التي أشرنا إ ليها:‏

1- حالة التمييز في التعامل تثير الاحقاد خصوصاً في السنوات الأولى من الدراسة حيث تكون قدرة الطفل على التحمل النفسي محدودة جداً .‏

2- حالة التشدد الى درجة القسوة والعقاب غيرالعقلاني وغيرالمنصف «شتائم واهانات » .‏

3- حالة التراخي والاهمال وعدم المطالبة المسلكية و التعليمية .‏

4- حالة اهمال الطلاب الضعفاء.‏

5- حالة عدم تقديم الطلاب الضعفاء للامتحان المدرسي الرسمي باسم المدرسة.‏

وعلى هذين المستويين من أوضاع الأسر والمدارس تتحدد أنماط من العلاقات بينهما عبر مؤثرات هذه الانماط على الصغار فنشهد منها عدة مظاهر .‏

1- حالةالقطيعة والانقطاع عن المدرسة إلا في حالة الاستدعاء .‏

2- ظاهرة إغراق الهدايا والعطاءات من قبل الأهالي.‏

3- مطالبة الأهل برفع علامات أبنائهم .‏

4- لوم الأهل للمدرسة وبالعكس في حالة الرسوب أو الجنوح .‏

وهنا لابد من العناية النفسية والعاطفية الواعية قبل المادية في تأمين المأكل والمشرب و... والعمل على تأمين الحد الأدنى من الرعاية والتوازن والاستقرار النفسي إلى أن يتأمن المطلوب بإقامة مركز دراسات تربوية استراتيجية يحدد عملية تطوير المناهج والأساليب التربوية وصولاً لخطة عمل نابعة من مصالحنا ونفسيتنا العامة الأصيلة وقدراتنا بدل الإغراق في النقل المتسارع من الخارج، فالعقل السوري الذي مدن البشرية وقادها في مجال الرقي والتقدم والفكر منذ عشرات الآلاف من السنين غير عاجز عن وضع مناهج ملائمة لحاجاتنا ومصالحنا العليا ولاعن ابتكار الأساليب التربوية الملائمة لأهدافنا القومية.‏

أما عما يسمى بشرعة حقوق الطفل وكأن الطفولة هوية مستقلة عن الهوية الاجتماعية للفرد أو مرحلة منفصلة عن بقية حياته فهو أولاً وأخيراً مواطن له شخصيته واحترامه لذلك فإن الحد الأدنى من الرعاية والحماية لأبنائنا تكمن في الاتجاه العام بالتواصل اليومي المستمر بين المدرسة والأسرة ليس لمجرد التواصل ولكن للوصول الى نتيجة واضحة وهي :‏

1- توحيد أساليب التعامل مع الطفل بالتدارس والتشاور وتسجيل الملاحظات عن سلوكه وادراكه ونموه يوماً بيوم واطلاع الأهل عليها وطلب ملاحظاتهم اسبوعياً على الأقل عبر تبادل بطاقتي الملاحظة المدرسية والملاحظة المنزلية، وتتم مناقشة هاتين البطاقتين في الاجتماعات الشهرية بين الأهل والمربين للوصول الى حلول صحيحة وتحديد الأساليب السليمة في التعامل بهدوء وعقلانية .‏

2- إحياء مجالس الأهل النظامية وأخذها لصلاحياتها القانونية وممارسة دورها كاملاً .‏

3- غربلة الهيئات التعليمية من إدارات وموجهين تربويين ومدرسين وطرح قانون يحدد الحد الأدنى من العمر لزواج الفتيات .‏

وختاماً كمايقول الفيلسوف جبران خليل جبران أبناؤكم ليسوا لكم أبناؤكم أبناء الحياة .‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية