مع أننا مقتنعون تماما أننا نخوض ببساطة في منطقة تعرف من الإهمال والتجاهل ما يشكل نزعة شبه تامة بالإقرار بلا أهمية الثقافة والمثقفين تعكسه مواقف المسؤولين وكل من يتحمل أمر تسيير هذا القطاع .
وحقيقة الأمر أننا ككتاب ومبدعين يصلنا منذ زمن إحساس معمم ببلاهة المواقف التي تقيد الثقافة في أضيق نطاق ممكن ، وتجعلها أحيانا الأداة الطيعة للاستهلاك المناسباتي وللدجل والخرافات .
ويمكننا النظر إلى ما يجري في الساحة الثقافية لندرك الطريقة التي يسهم بها استخدامها في الكثير من المجالات .
لا أحد اليوم وفي واقعنا العربي ينظر إلى الثقافة على أساس أنها قطب بالغ الأهمية في تحديد الهوية القادرة على مواجهة الاختراقات والتحولات المفاجئة التي تمتاز بها العولمة في مرحلتنا الحالية .
إن التشديد على مبدأ التجاهل والإهمال جزء من عملية طويلة وثابتة مضللة للغاية ، تحجب التفكير بفهم الحداثة التي تقتضي وجود ارتباطات عميقة تحكم العلاقة بين الثقافة والتطور ، ولا تدع مجالا للشك في أن المجتمات الحضارية لا يمكن أن تعرف مثل هذه الانقطاعات بين مجالاتها المختلفة وبين الثقافة .
نستطيع أن نقيم هذا الحراك الإعلامي حول مفهوم الدخول الثقافي حين يتاح لنا ما يكفي من أشكال السياقات المختلفة التي تجعل الشأن الثقافي يخضع لقدرات المراقبة اللازمة ، لسن وترسيخ قواعد أساسية تنهض بالثقافة وترحب بوجود ارتباط بينها وباقي المجالات ، كما تكون إحدى الأولويات في المعالجة المركزية ذات الأهمية القصوى.
قرأت في أكثر من جريدة وموقع كيف ينظر كتابنا إلى الدخول الثقافي ، واطلعت على آرائهم حول هذا المفهوم وواقع الحال عندنا قياسا بالغرب ، والقليل منهم من يرى أن لا وجود لدخول ثقافي في العالم العربي ما دامت القنوات التي من المفروض أن تكون فاعلة في هذا المجال تعد شبه معطلة ولا معنية بشكل ما ، وما دمنا نحن كتابا ومبدعين لا نستطيع ان نحقق تلك الطفرة في المنتوج مما يتيح خلق نفس كمي يجسد ذلك المقدار من العطاء الذي يتخطى نطاق الإنجازات الضحلة ، والذي تكون آلياته جميعا من مطابع ودور نشر وتوزيع مهيأة في كل خريف أن تعطي انطلاقتها العملية المدروسة لتجسد بالملموس ما اصطلح عليه في التجربة الغربية بالدخول الثقافي .
أعتقد لا حاجة إلى التذكير بعدد العناوين التي تكون جاهزة في الغرب في كل خريف ، وكيف تنشط سوق الكتب مما يوسع دائرة الإعلام بما فيه المرئي فتتحفنا الكثير من البرامج الثقافية الناجحة بدورها الوظيفي والفكري بالتعريف بالكتب والكتاب ، مشكلة واجهة أخرى على درجة عالية من المجانسة الثقافية والتنظيم الكلي لمواكبة حدث حقيقي في مستوى حدث الدخول الثقافي .
ويبقى الأمل قائما في أن تتنافس كل أشكال وميكانيزمات الدورة الإنتاجية للكتاب مصحوبة بالمحفزات الحيوية الداعية إلى التفاعل الحقيقي الذي يثمر حقا دخولا ثقافيا لا غبار عليه .