|
أعلام ابن مسرة ملحق ثقافي ومن تأثر بهما من الشرقيين كعبد الكريم الجيلي وابن الفارض، وكان التصوف عند هؤلاء يتخذ طابعاً فلسفياً، وينحو منحى الفلاسفة، في اتخاذ نظرياتهم في الفيض، والمعرفة الإشراقية. محمد بن عبد الله بن مسرة متصوف من كبار متصوفي الأندلس. ولد عام 269 للهجرة، ويقول عنه الشيخ مصطفى عبد الرزاق: إنه من الاتحادية. وجمعه مع إخوان الصفا، والفارابي، وابن قسي، وأن مذهب هؤلاء جميعاً، هو الاتحاد الذي هو تأليف معان بتأثير العقل الفعال على النفس المنفعلة. كان ابن مسرة فيلسوفاً طبيعياً، بدأ اعتزالياً في أول أمره، ثم مال إلى مذهب الأفلاطونية المحدثة، وقد نسب إليه إحياء حكمة الفيلسوف الطبيعي اليوناني «أمبادوقليس» الذي كان يرى أن وسيلة النجاة هي التطهر والزهد وتغليب العقل على الحواس والعمل على العودة إلى المحبة التي هي أصل الوجود وسره. ولكن ابن مسرة قد قال بمذهب آخر، أقرب إلى أن يكون مذهب أفلوطين، حيث قال بنظرية الفيض كأصل للوجود أو للكون وما فيه من مخلوقات، وتتكون هذه النظرية عند ابن مسرة من خمسة عناصر روحانية، تبدأ بالعنصر «الأولي، أو المادة الأولى، «وهي أولى الحقائق الذهنية غير المادة الأولى المكونة لأجرام الكون». ثم العقل، ثم النفس، ثم الطبيعة، ثم المادة الثانية»، وهي العناصر الخمسة نفسها عند أفلوطين «الواحد، العقل، النفس، الطبيعة، المادة» غير أن ابن مسرة استبدل العنصر الأول «الواحد»، بالمادة الأولى أو العنصر الأولي. من كتبه التي ظهر فيها هذا الإشراق، كتابه المسمى «توحيد الموقنين»، ويذكر بالنثيا أن كتب ابن مسرة فقدت كلها ولم يصل إلينا منها إلا اسم اثنين فقط هما: «كتاب التبصرة» و»كتاب الحروف». مات ابن مسرة في جبال قرطبة عام 319 للهجرة، وعادت مدرسته للظهور على يد إسماعيل بن عبد الله الرعيني في منتصف القرن الخامس الهجري. وتابع تعاليمه «أبو بكر الميورقي» و»ابن برجان»، واستمر في حمل الرسالة بعدهما ابن (قسّي). وتطور الإشراق فيما بعد مع ابن عربي، ثم ابن سبعين، إلى مذهب في وحدة الوجود.
|