تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


باكستان.. دوامة العنف والضغوط الخارجية!

شؤون سياسية
الأربعاء 4-11-2009م
حكمت العلي

مواجهات دامية تشهدها الأراضي الباكستانية على أثر الحملة البرية التي يشنها الجيش على المسلحين جنوب وزيرستان أدت إلى مقتل وجرح مئات الأشخاص ونزوح الآلاف بالتزامن مع موجة من الهجمات الانتحارية التي طالت مرافق هامة وحيوية في أكثر من مدينة باكستانية.

حدة هذه الهجمات وعنفها تزامنت مع موافقة مجلس الشيوخ الاميركي على مشروع قانون حول النفقات العسكرية بقيمة 680 مليار دولار للسنة المالية 2010 يخصص للمساعدة العسكرية لباكستان التي لم تمنع تواصل أعمال العنف في باكستان والتي يدفع ضريبتها بالدرجة الأولى المدنيون العزل، حيث يرجح ارتفاع عدد النارحين ما يهدد بكارثة إنسانية خاصة مع تقديرات مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية بأن أكثر من 170 ألف شخص قد يتشردون نتيجة الهجوم الباكستاني الجديد ما قد يرفع عدد المشردين داخلياً إلى 250 ألف شخص.‏

الموجة المتصاعدة من التفجيرات الانتحارية وعمليات الاقتحام وغيرها من الهجمات خلال الاشهر الـ 15 الماضية تفرض مشهداً سياسياً وأمنياً بالغ التعقيد يشهده باكستان وسط تنامي الأزمة الإنسانية ونزوح قرابة ثلاثة ملايين شخص خاصة مع توسيع الحملة العسكرية لتشمل اقليم وزيرستان جنوب البلاد ومعقل زعيم مسلحي طالبان في باكستان التي أعلنت مسؤوليتها عن سلسلة الهجمات الانتحارية.‏

ومع تواصل الضغوط الخارجية المتزامنة مع عدم القدرة على كبح جماح المسلحين على الرغم من إعلان الجيش الباكستاني أكثر من مرة عن دحر المسلحين إلا أنهم سرعان ما يعاودون الهجوم ويستولون على بعض المناطق التي وقعت تحت سيطرة الجيش هذا من جهة، ومن جهة ثانية تتزايد المخاوف حول توسع رقعة الاستهدافات التي تطالها طالبان لتشمل مناطق مختلفة في سائر أرجاء البلاد أي أن المعركة ليست محصورة في منطقة واحدة بل هي مرجحة للامتداد الى أي بقعة في باكستان وهو مادلت عليه الاستهدافات التي طالت الجيش والمراكز المدنية على حد سواء في أكثر من مكان.‏

ونتيجة الاعمال القتالية وتوسع نشاط المسلحين سوف يكون المدنيون هم المتضرر الاكبر خاصة مع عدم وضوح فترة انتهائها أو امكانية الحسم في وقت قريب، وفي ضوء الأحوال الصعبة التي يعيشونها في مناطق القتال أو في المناطق التي نزحوا إليها حيث يعانون من فقدان معظم المواد الأساسية بما فيها الغذاء والدواء والطعام وهو الامر الذي دفع المنظمات الدولية الإنسانية للتحذير من كارثة إنسانية وشيكة الحدوث في حال عدم اتخاذ تدابير فورية لوقف القتال وانهائه وتقديم مساعدات عاجلة للمنكوبين.‏

الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون دعا المجتمع الدولي أكثر من مرة لتقديم مساعدات عاجلة لقرابة ثلاثة ملايين نازح فروا من مناطق القتال لتجنب تفاقم الأزمة خاصة أن منظمات الامم المتحدة العاملة في باكستان قد أعلنت أنها لم تتلق سوى ربع المساعدات التي طلبتها والتي تبلغ قيمتها الاجمالية 543 مليون دولار مع تزايد التحذير من نفاد مخزون الادوية والمساعدات الغذائية. ووسط توسع الاعمال القتالية لتشمل مناطق أخرى تخشى الاوساط الدولية من تزايد اعداد النازحين خاصة مع عدم قدرة الجيش الباكستاني على حسم عملياته التي بدأت منذ أواخر نيسان الماضي نظراً لطبيعة الحرب المعقدة في الاطراف المحاذية لافغانستان وطول الحدود بينهما وتداخل العوالم الطبيعية والجغرافية والبشرية بين البلدين.‏

ومن خلال الضغوط المختلفة التي تمارسها واشنطن على اسلام أباد لشن حرب بالوكالة عنها على ما تسميه الإرهاب والتي كان أخرها محاولة الإملاء لشن هجوم موسع ليس فقط على حركة طالبان الباكستانية بل على ما تسميه أيضاً معاقل القاعدة وطالبان الأفغان الذين فروا من أفغانستان أواخر عام 2001 وأقاموا في مناطق متعددة من باكستان وهو ما يلقي بأعباء إضافية على كاهل الحكومة الباكستانية المثقلة أصلاً بمواجهة تحديات سياسية وأمنية واقتصادية كثيرة. وتحاول واشنطن تغطية فشلها في أفغانستان من خلال الإدعاء بأن المسلحين فيها يستمدون الدعم والمساندة عبر الحدود من باكستان المجاورة ،وتحاول ان تستخدم هذه الورقة لابتزاز الحكومة الباكستانية ودفعها لشن حرب بالوكالة عن واشنطن في هذه المنطقة من خلال الادعاء أيضا ( أن هذه المجموعات متصلة ببعضها) وأن الاستراتيجية تقضي بممارسة الضغط على جانبي الحدود.‏

وتحاول واشنطن أن تربط أيضا مساعداتها لاسلام اباد بمقدار النجاح الذي تحققه الاخيرة في القتال ضد المسلحين، وفي ذلك وسيلة ضغط وابتزاز أيضاً لها خاصة في ضوء الاحوال الاقتصادية الصعبة التي يعيشها الشعب الباكستاني الذي تزايدت موجة رفضه للتدخلات، الأميركية في هذا البلد وعدم احترام سيادته والضربات الجوية التي ينفذها الجيش الاميركي والتي يقول إنها تستهدف المسلحين داخل الأراضي الباكستانية.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية