تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الدعاية.. لطمس الأسباب الخفية للحروب

موقع ALTER -INFO
ترجمة
الأربعاء 4-11-2009م
ترجمة: حسن حسن

يدرك القائمون على الإعداد والتحضير للخطط الحربية في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) تماماً أهمية الدور الرئيس الذي تلعبه الدعاية للحرب، حيث تنطلق من أروقة البنتاغون ووزارة الخارجية والاستخبارات المركزية الأميركية حملة ترهيب وتضليل، تمثل التشويه السافر للحقائق والتلاعب المنظم بمصادر المعلومات جزءاً لايتجزاً منها.

وينخرط في هذا العمل عدد من الوكالات الحكومية، حيث تقلب الحقائق رأساً على عقب،وتعلن الأعمال الحربية على أنها تدخلات إنسانية تهيئ لإحداث «تغيير في النظام» واستعادة الديمقراطية كمايقدم الاحتلال العسكري وقتل الأبرياء على أنه »حفظ للسلام« ويصور كتب الحريات المدنية في ظل مايسمى »تشريعات مكافحة الإرهاب« على أنه وسيلة لتوفير »الأمن الداخلي« ودعم الحريات المدنية،وتأكيد لتلك الحقائق المتلاعب فيها فإن البيانات الخاصة بأسامة بن لادن وأسلحة الدمار الشامل التي تتداولها وسائل الإعلام على نطاق واسع تشكل أساساً لفهم مايدور من أحداث في العالم.‏

في »مراحل التخطيط« الحرجة قبل القيام بغزوالعراق، اعتبر تغيير اتجاه الرأي العام داخلياً وخارجياً جزءاً لايتجزأ من أجندة الحرب، واستمرت الدعاية للحرب في كل المراحل: قبل وأثناء العمليات الحربية وكذلك في أعقابها، كماتستغل الدعاية للحرب لطمس الأسباب الحقيقية للحرب وتبعاتها.‏

صحيفة »نيويورك تايمز« أكدت أن حملة التضليل كانت متواصلة بقوة وأن البنتاغون كان »يدرس إصدار توجيهات سرية للجيش الأميركي للقيام بعمليات سرية تهدف إلى التأثير على الرأي العام وصناع السياسات في الدول الصديقة والمحايدة..«.‏

ولتعزيز أجندة الحرب، لابد من أن تصبح هذه »الحقائق الملفقة« التي تثبت يومياً في قنوات الأخبار حقائق لاتمحى تكون بمثابة جزء من سياسة واسعة النطاق وإجماع إعلامي واسع، وفي هذا الصدد تمثل وسائل الإعلام أداة لهذا النظام الاستبدادي رغم أنها تعمل مستقلة عن جهازي الجيش والمخابرات.‏

يقع المكون الأكثر أهمية في حملة الترهيب والتضليل في يد وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية التي تدعم سراً الكتّاب والصحفيين والنقاد والإعلاميين من خلال شبكة من المؤسسات الخاصة والمنظمات الرئيسية التي تدعمها الوكالة كما أن وكالة الاستخبارات لها تأثيرات على نطاق واتجاه العديد من أفلام هوليوود، فمنذ 11 أيلول أصبحت ثلث أفلام هوليوود أفلام حرب.‏

تطرح مبادرات التضليل السرية تحت رعاية وكالة الاستخبارات المركزية من خلال العديد من وكلاء الاستخبارات في الدول الأخرى، وقد نتج عنها منذ أحداث 11 أيلول، نشر يومي لمعلومات زائفة بخصوص »هجمات إرهابية« مزعومة في جميع الحالات المعلنة تقريباً (في بريطانيا، فرنسا، أندونيسيا، الهند والفلبين...) يقال: إن الجماعات الإرهابية المزعومة لديها »اتصالات مع تنظيم القاعدة« دون الإقرار بالطبع بالحقيقة (الموثقة توثيقاً مسهباً في تقارير الاستخبارات ومستنداتها الرسمية) والقائلة إن الاستخبارات الأميركية هي التي أنشأت »القاعدة« وهذه »الحقائق الملفقة« تبث ليس فقط عبر وسائل الإعلام واسعة الانتشار ولكن أيضاً من خلال عدد من المواقع الإعلامية على شبكة المعلومات الدولية.‏

الحرب على أنها عمل مشروع للدفاع عن النفس، بينما تخفي بعناية الأهداف الاستراتيجية والاقتصادية الواضحة للحرب.‏

وتنمو حملة الدعاية لتصبح ذريعة للحرب، ومبرراً لها وشرعية سياسية لشن الحرب، تعتمد »الحقيقة الرسمية« (التي عبر عنها جورج بوش بوضوح في خطاباته) على »الحجة الإنسانية« الواضحة لما يسمى بالحرب »الوقائية« أو »الدفاعية« وهي حرب لحماية الحرية : »إننا نهاجم لأننا نحب الحرية.. ومادمنا نحب الحرية ونقدر حياة كل إنسان فإنهم سيحاولون إيذاءنا«.‏

وكما هو محدد في استراتيجية الأمن القومي، تشكل »الحرب الدفاعية« الوقائية و»الحرب على الإرهاب« ضد »القاعدة الدعامتين الأساسيتين لحملة البنتاغون الدعائية التي ترمي إلى تقديم »عمل عسكري وقائي« أي الحرب كإجراء »للدفاع عن النفس« ضد فئتين من الأعداء هما: الدول المارقة والإرهابيون الإسلاميون:‏

»الحرب ضد الإرهابيين الدوليين عمل دولي مدته غير محددة.. وستعمل أميركا لإجهاض تلك التهديدات الناشئة قبل أن يتم تشكيلها«.‏

»الدول المارقة والإرهابيون لايسعون إلى مهاجمتنا باستخدام وسائل تقليدية، لأنهم يعلمون أن تلك الهجمات مصيرها الإخفاق، ويعتمدون بدلاً من ذلك الأعمال الإرهابية وعلى الأرجح أسلحة الدمار الشامل..«.‏

تستهدف هذه الهجمات قواتنا المسلحة ومواطنينا الأبرياء، وهو مايُعد انتهاكاً صارخاً لأحد قواعد الحرب، وكما يتضح من خسائر أحداث 11 أيلول 2001 أن أرواح المدنيين هي الهدف الرئيسي للإرهابيين، وقد تصبح هذه الخسائر أكثر حدة إذا امتلك الإرهابيون أسلحة الدمار الشامل واستخدموها.‏

وقد امتلكت الولايات المتحدة منذ أمد طويل خيار القيام بأعمال وقائية لمواجهة تهديدات محتملة على أمنها القومي، وبدورها تصنع عملية التضليل فيما يتعلق بـ (الهجمات الإرهابية) أو »أسلحة الدمار الشامل« جواً من الخوف الذي يحشد الوطنية الصامدة ويدعم الدولة والشخصيات الرئيسة القائمة على سياساتها وجيشها.‏

 بقلم ميشيل شوسدوفسكي‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية