تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


أحمـــد حســـــين حميدان الحداثة نظام شامل لكل جوانب الحياة

ملحق ثقافي
الثلاثاء31/1/2006
بيانكا ماضية

حين يبدأ الكلام اعتماله في نفس المرء المبدع التواق إلى سبر أغوار الحياة ,

تبدأ أنامله بخط حروف تجمعها الموسيقا وتزينها الصور وتزركشها المشاعر بفيض صمتها الدفين , فيأتينا بنصوص تدهشنا وبكلمات تحرك في نفوسنا دوافع البحث عن أسرارها وبصور تجعل من الطبيعة والخيال والذاكرة المعرفية ملاذاً لها لاستقراء أجمل الصور وأعذبها تأثيراً في النفس البشرية .‏

وأحمد حسين حميدان الكاتب والشاعر الذي صدرت له مؤخراً المجموعة الشعرية ( يأتي من جهة الشوق ) عن مركز الحضارة العربية بالقاهرة , هو كاتب أدرك همس القصائد فراح يوشيها من فؤاده أرق العبارات . بدأ الكاتب حميدان مسيرته مع الحرف في منتصف السبعينيات فعرفته الصحافة الأدبية قاصاً وناقداً وشاعراً ,‏

إذ ابتدأ هذه المسيرة في حلب وانتقل بها إلى دولة الإمارات العربية التي التحق بمدارسها للتعليم والكتابة والبحث والنقد . وهو في مجمل مايكتبه يبحث عما لم ينجز , عن شيء لم يصل إليه الخيال بعد , فلربما يستطيع في غربته أن يقبض على مفاتيح هذا الغافي في الكلام . في مجموعته ( يأتي من جهة الشوق ) يقول في المقدمة التي عنوانها ( فاتحة من ورد عينيها ) : تتراكض الحروف وهي تتجاذب وتتعانق حباً بحكايات الحلم وحيناً تتنافر وتتبرم بآهات القصيدة أنا من يدخل كروم اللغة في الصباحات الأولى وفي المساءات بلا استئذان وأنا من يأتي من جهات الشوق ويتسلل من أبواب الليل إلى وردة الكلام المرأة التي استولت على كلّي وملأتني شعراً وسحراً .‏

التقيناه أثناء إجازته ومجيئه إلى مدينة حلب , لنفتح معه باباً إلى حوار يلامس البدايات والمسيرة الإبداعية وأثر الغربة في نفس الشاعر ونظرته إلى ماينجز في إبداع المرأة ... إلى غير ذلك من مواضيع مطروحة على الساحة الأدبية , وكان لنا معه هذا الحوار : < انتقلت في كتاباتك من الصحافة المحلية إلى الصحافة العربية وكانت البداية في حلب .. حدثنا عن هذه التجربة ؟ << إنك تعيدينني بهذا السؤال عن بداياتي في الكتابة الى عمر من ذهب أشعل فيه حسين حميدان ¯ أبي ¯ سنوات الأمية بنار مستعرة بالجهد وأنوار متقدة بالمعرفة دافعاً إلي بجريدة الأهرام القاهرية لأقرأ له ما كان يكتبه الصحفي المعروف محمد حسنين هيكل في مقاله الشهير » بصراحة « وذلك في كل يوم أربعاء ..‏

وفي منتصف السبعينيات على وجه التقريب انتقلت من القراءة السياسية إلى القراءة والكتابة الأدبية التي أحسب أنها لاتنفصل عن السياسة وفي مطلع الثمانينيات بدأت نشر ما أكتبه من قصص ودراسات عبر جريدة الجماهير ومن ثم دفعت بكتاباتي إلى العديد من الصحف والدوريات السورية والعربية إضافة إلى مشاركاتي في الأمسيات الأدبية التي كانت تقام بين الفترة والأخرى .. هكذا أتذكر بداياتي الأولى التي ما برحت تحيلني إلى بدايات ثانية وثالثة كلما اتجهت لأرصع بنجوم حروفي سماء أخرى مازالت نائمة في عتمتها مع عصافيرها التي لا تشبه أحداً في السرب على الإطلاق . < تكتب القصة القصيرة والشعر ..‏

في أيهما تجد نفسك وتجسد ما في داخلك ؟ << بدايتي كانت في القصة كما ذكرت لك ومازلت أكتب القصة القصيرة وحزت بها عدة جوائز لكن بعد سفري إلى دولة الإمارات العربية المتحدة أيقظ البعد عن الأهل والوطن والأحبة أشواقاً قادت بوح قلبي وهمس فؤادي إلى لسان الشعر فكتبت قصيدة التفعيلة وما سمي لاحقاً بقصيدة النثر . < ما أثر الغربة في كتاباتك الإبداعية وهل استطعت أن تتلمس فيها ما لم تجده في الوطن ؟ << مما لاشك فيه أن للغربة أثرها البالغ على الإنسان ومكنوناته وأعترف بأنها أثرت بي وبكتاباتي وقراءاتي للأشياء أيما تأثير .‏

ويمكن القول بأن الغربة بالنسبة لي كانت كتاباً طالعت فيه أبجدية الحب وقرأت على سطوره أغنيات جديدة للشوق إلى وطن ومدينة فيها مسقط قلبي .. بل ويمكنني القول بأنني رأيت في كتاب الغربة ملامح السحر التي كانت مختبئة عن ناظري في أرض خلقت من طينها أحسن تقويم فكتبت لها على سطور السفر قصة لاينتهي فيها الهيام , وقصيدة لايستقر فيها الغرام والعشق إلا بالوصال واللقيا . < لك دراسات في القصة النسوية الإماراتية كيف تنظر إلى إبداع المرأة الإماراتية ؟ << إن المتتبع لسيرورة الأدب الإماراتي يلحظ دون عناء المساحة الكبيرة التي شغلتها الكاتبة الإماراتية في النص الأدبي الإماراتي عموماً .‏

وقد تستغربين إذا قلت لك إن القاصة الإماراتية جسدت في قصصها أحداثاً عربية انتقلت عبرها من همومها المحلية إلى هموم وطنها العربي بمساحات تفوق القاص الإماراتي فجعلتنا نقرأ في نصوصها القصصية مآسي الحرب الأهلية اليمنية وحرب الخليج الأولى والثانية وأزمة اجتياح الكويت وما كان يدور من معارك عبر الساحتين الفلسطينية واللبنانية إلا أن هذه القصة النسوية الإماراتية ظلت تحاكي النماذج القصصية التي قرأتها من الناحية الفنية دون أن تتحلى بروح المغامرة نحو آفاق جديدة وخصوصاً في بنائية السرد وفي أساليبه أيضاً .. < مَن مِن الكاتبات السوريات اللواتي تنظر إلى إبداعهن بعين التفاؤل ؟..‏

<< يبدو لي أن غادة السمان مازالت الأكثر حضوراً بين الأديبات السوريات ويمكن لنا أن نذكر بعدها قمر كيلاني وألفة ادلبي ولا أخفي عنك القول بأن نظري ما برح منشغلاً بالكاتبة التي أرى المغامرة تأخذها إلى إنجاز نص مغاير لايستسلم إلى الأطر والأشكال التقليدية المكرورة في الكتابة . < هل أنت مع مَن يميز بين أدب المرأة وأدب الرجل , وبرأيك ما هي الحالات التي جسدتها المرأة في إبداعها الأدبي ؟ << أعتقد أن السمة الإبداعية وحدها هي المسؤولة عن إقامة المفاضلة بين أي نص وأي منجز وليس جنس الكاتب هو ما يميز الإبداع من عداه .. ورغم أن المنجز الحكائي الشفوي هو المنسوب للمرأة من خلال شهرزاد فإن ماجسدته الكتابة النسوية انصب في جله حول العلاقة الإنسانية التي عكست الذكورة والأنوثة عبر أزمتها الواقعية حيناً وعبر أمنياتها الحلمية حيناً آخر .. < لك قيد الطبع دراسة في القصة العربية القصيرة ما هو المفهوم الذي تطرحه من خلال هذه الدراسة ؟ << ما انتهيت منه مؤخراً هو كتاب نقدي بعنوان ( معارك أخرى للحرب في القصة العربية القصيرة ) وفيه توصلت إلى أن الحرب ليست عسكرية فقط وإنما هي حرب حياتية متعددة المعارك والجانب العسكري فيها جزء من كل يشمل جوانب العيش وصراعاته في إطاره الواقعي والحلمي على حد سواء .. عبر هذه الرؤية قمت بدراسة عدد من المجموعات القصصية السورية والعربية طالبت من خلالها توسيع مفهوم الحرب . < كيف تنظر إلى المشهد الثقافي السوري والإماراتي ؟ << يعتبر المشهد الإماراتي حديث العهد والتشكل إذا ما قيس بالمشهد الثقافي السوري والعربي عموماً ومع ذلك يمكن القول بأن المشهد الثقافي الإماراتي يواكب جنباً إلى جنب المشهد الثقافي العربي نظراً لتطور وسائل الاتصال الثقافية التي ألغت الحدود القطرية ونظراً لوجود العديد من الجاليات العربية المختلفة في الإمارات وفي وسائلها التثقيفية المتعددة مما جعلها أكثر تنوعاً وثراء من سواها سواء في الأشكال الفنية الحداثية وغير الحداثية وفي مضامينها أيضاً. < ذكرك للأشكال الفنية الحداثية وغير الحداثية سيقودنا إلى سؤالك عن مفهومك لقصيدة النثر وبرأيك هل استطاعت أن تثبت لنفسها موقعاً في الساحة الشعرية المعاصرة ؟ << دعيني أقول قبل الإجابة على سؤالك إن الحداثة لم تبدأ مع قصيدة النثر كما يروج البعض كما أن الحداثة ليست خاصة بالأدب وحده كما يتوهم الكثير منا .. إن الحداثة نظام شامل لكل جوانب الحياة وإضافة نوعية لتحسين شروطها على نحو خلاق وكي لايأخذنا أحد إلى جادة الوهم ويقول لنا الحداثة من صنع الغرب نقول له : ابن النفيس حداثة في الطب باكتشافه الدورة الدموية الصغرى ¯ والادريسي حداثة في العلوم الجغرافية برسمه أول مصور جغرافي .. والخوارزمي حداثة في الفكر الرياضي بإيجاده الصفر العددي واللوغاريتم الرياضي .. وفي اللغة والأدب قال ابن رشيق ¯ قبل سوزان برنار ¯ إن كل إبداع محدث بالنسبة لزمانه , كما قال أبو العتاهية : إني أكبر من العروض .. بهذا المعنى تكون الحداثة في الأدب بحثاً عن كتابة جديدة وإطلاق النص إلى احتمالاته الأخرى المغايرة ضمن هذا السياق تأخذ قصيدة النثر مسارها كإضافة في طرق التعبير دون إلغاء لطرق التعبير الأخرى الشعرية منها وغير الشعرية .‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية