تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


في صالة «بيت ماما سعاد» عوالم جمالية متنوعة وفق رؤى تشكيلية باحثة

ملحق ثقافي
الثلاثاء31/1/2006
فتحي صالح

سبعة فنانين تشكيليين يعرضون تجارب متباينة في صالة «بيت ماما سعاد»، و يقدمون من خلالها عوالم جمالية متنوعة وفق رؤى تشكيلية باحثة في الصيغ الفنية القابلة لتمثل ما هو جديد و استثنائي. و قد وقفنا على هذه التجارب منفردة في الدراسة التالية: محمد غنوم:

استلهام الحس التوافقي مع المثير في عملية الخلق... لديه قدرات خاصة في استلهام مواضيع متفردة بحساسيتها و صلتها بالحروفية العربية بطرق و أساليب تشكيلية تعتمد على الإيقاعية اللونية للحروف و الكلمات المتكررة في الموضوع الأساس حيث التوازنات و الانسجامات اللونية. و الحروفية تعتمد الشفافية و الحنينية في تواصلها و استمرارها، و المرونة و الليونة المتماهية في موسيقاها البصرية الآخذة. و هو يُحمّل رؤاه بقراءاته الخاصة، و بالتصورات اللا متناهية في عملية خلق تشكيلي من نوع جديد يلفت الانتباه، و يجذب المشاعر نحو غرائبية الصورة المستلهمة، و ذلك دفعاً و تدفقاً غنياً من خلال الرؤية ذات البعد الإبداعي المستند إلى البحث في المجاهل المظلمة، والإبحار فيها من أجل استكشافها و بيان ما تحمله من القوة لإظهارها في أعمال غاية في الجاذبية و الألق و الروعة... مقدرته العالية مكنته من إيجاد المعادلات و الحلول لكافة إشكالات تركيب البنى في أعماله الإبداعية بما تحمله من حوارات ذاتية داخلية، و جدلية فنية قائمة على التوازن بين معطيات العمل من حيث تركيبه اللوني، و علاقات عناصره الحروفية في المحيط.. و هو يبحث في المعايير التي تحرض الحس الإنساني القابل للتلاؤم، و التكيف مع المعطيات و المحددات المذهلة للعمل الإبداعي الذي ينضوي على الآلية المنفتحة القادرة على استيعاب القوى الدافعة و المحركة لبنية العمل، و استلهام العصري و الحديث بما يتوافق مع المثير في عملية الخلق الفني في كافة الجوانب و الرؤى الذاتية للوصول إلى محصلات و نتائج فريدة ممتلئة بشحنات خاصة، و انفعالات تحرك العمل و تجعله مكوناً يثير الدهشة و يستوقف المشاهد.. زهير حسيب: موازنة الرؤية وفق حكائية الألوان... من الحس المرهف تجاه البيئة الريفية المشرقة بألوانها، ينطلق زهير حسيب في بناء عمله الفني و فق أسس و ضوابط أو جدها لنفسه لتشكل خطه الإبداعي بروح حداثية مستفيداً من خامات العصر بما تحمله من طاقة تحرضه على الابتكار وفق روحانية جميلة فيها الكثير من الجاذبية الفنية. اللون لديه حالة من الفرح، و حالة من الإيقاع الذي يوازن الرؤية وفق حكائية الألوان المتضادة حيث الزهو اللوني الذي يجعل هذه الأجواء تتسم بالغنائية و تعطي شعوراً بالمتعة، و هنا الطرب البصري يدعو إلى انفتاح الذهنية الكامنة على محددات و مكونات الروح الداخلية... في التكوينات المبنية على العلاقات الديناميكية للعناصر المترامية بشغف في مساحة العمل استطاع زهير حسيب أن يجعل منها مركزاً بصرياً، لأن العناصر في حواراتها تؤلف وحدة تتواصل في حركاتها المتوالية و العديدة بكل ما تحمله من إحساس يمثل طابعه الشخصي، و يعكس رؤاه المحملة بالرغبة في ولوج عالم مختلف عما هو مألوف من الألوان و الأفكار و الخامات و التعابير و الإيحاءات البصرية، و هو بذلك يبحث عن الفرادة في كل ما هو أصيل و متمايز... محمد الوهيبي: تدليل أحاسيسه التي منحنته العذوبة الإنسانية... يحمل رؤاه الذاتية المفعمة بالأحاسيس و المشاعر الخاصة و يفرغها في لوحته ذات النمط الخاص من التشكيل الذي ابتدعه وفق رؤاه الفلسفية المحملة بما يكتنزه من الموروثات الشعبية و المنمنمات التي وجدت في لوحته مستقراً و متنفساً تشكيلياً جعلها تخرج من إطارها المجرد إلى الإطار ذو المدلول الفكري المعبر عن جملة الحالات التي مر بها الإنسان على مدى عصور.. أحاسيسه التي يدللها منحته الكثير من العذوبة الإنسانية. و قد وظف الاستثنائي الذي ابتكره و ابتدعه في خلق فني متميز جعل له صيغة و طبيعة فنية خاصة في مجال الحفر الذي منحه طرقاً و أساليب قابلة للتجدد و التطور باستمرار. الحفر لديه حالة إبداعية مستثناة من كل ما هو تقليدي في عالم الحفر لأنه يمتلك أدواته الخاصة و رؤاه الفلسفية في هذا الاتجاه. و هو يختار خاماته بما يتوافق مع الروح الشرقية و الأصالة مخلفاً وراءه أثراً نوعياً من الكائنات المتحركة بديناميكية على سطح عمله التشكيلي، هذه العناصر و الرموز، هي مخلوقات تتراقص بغنائية في المساحة المكونة لمسرح العمل، تتآلف بشكل متناسق وفق إيقاعات لونية و بصرية يحكمها التوازن الحسي الداخلي و الذاتي، و يحكمها الظرف الموضوعي الذي يستند إلى آليات عملية ... ماريو موصلي: الإشراق الضوئي للنور المسلط على الطبيعة... قدم أعماله في أسلوبين..الأول: مجموعة من المناظر الطبيعية بأسلوب انطباعي. اللحظة الزمنية التي يرصدها تمثل سمة هامة تبرز من خلالها أعماله التي تظهر خصائصها في الإشراق الضوئي للنور المسلط على الطبيعة و قد أظهرها بحلة بهية. ضربات فرشته الواضحة التي تميز شخصيته الفنية فيها ثبات و قوة و جرأة و مقدرة في توجيهها نحو ما يمكن أن تؤول إليه هذه اللمسات لتعطي تعبيراتها و مدلولاتها الحسية في الأجواء اللونية المسيطرة.إنه يقدم ألوانه المشرقة بالكثير من الشفافية و الصفاء و الاعتماد على التناغم و التناسق اللوني، و إيجاد صيغ و علاقات لونية تحدد الاستقرار بصيغة نوعية. الأسلوب الثاني: قدم فيه عملاً حداثياً و حيداً بتقنية الأحبار، تغلب عليه الألوان البنية الفاتحة و المحروقة، و قد أضاف إليها لمسات قليلة من الأزرق الباهت. في هذه اللوحة بقعة عشوائية من اللون الذهبي يتوسطها دائرة زرقاء سماوية. هذا العمل يمثل بيتاً شرقياً قديماً اعتمد في رسمه صيغة معمارية وفق تقطيعات مستطيلة، يمكن لكل قطعة منها أن تكون عملاً فنياً قائماً بذاته.. في هذا الأسلوب تظهر قدرات ماريو في توظيف استحضاراته و تصوراته الفنية في بناء أشكال فنية تعتمد ثقافة خاصة و صيغ استثنائية... • التشكيلي نذير اسماعيل: الجماليات ذات الطبيعة المتميزة بطابعها الإنساني... إن المعالم التكوينية التي يقدمها نذير اسماعيل هي بطبيعتها الداخلية و المعمارية تشكل واحداً من مقومات عمله المتميز الذي يبعث على التحريض الذاتي من أجل الولوج في أسراره، و البحث في الأبعاد المنظورة و غير المنظورة في أعماله التي تشكل حدثاً فنياً له مقوماته الخاصة... يختصر ألوانه التي اقتصرت على الألوان البنية و الزرقاء و بعض البرتقالي الذي يبعث فيها دفئاً رخيماً وبعض الحنينية. يرسم وجوهاً متشابهة في تعبيراتها، و هي تمثل مجموعة من الأقنعة متراكبة ضمن تكوينات فنية تعتمد توازناً خاصاً يضفي على مساحة العمل حساً نوعياً من الاستقرار. الوجوه أمامية تعبيرية تحمل في داخلها ذلك الحس الذي يدفع إلى التأمل و البحث عن بقايا الذات المغيبة في الهموم و الاتكالات اليومية الباردة التي يعيشها الإنسان بشكل يومي.. و قد رسم الوجوه في اتجاهين عمودي و أفقي، و لعل ذلك له دلالات خاصة تعبر عن ملامح بيئية معينة تهدف لإضافة النوعي في التعبير الإنساني بطرق فيها من البحثية ما يجعلها تحمل صيغة متمايزة و بصمة فنية خاصة... أعماله تكشف عن جماليات ذات طبيعة متميزة بطابعها الإنساني و حسها الدافئ الذي ينبثق عن قدراته في ولوج العالم الداخلي الذي يستتر خلف التعابير الظاهرة في الوجوه الإنسانية المقنعة... عتاب حريب: العبور إلى عالم يمتلئ بالدفء و المحبة... فنانة لها حضورها الفني و تميزها، و هي تقدم أعمالها المائية بشفافية لونية يغلب على أجوائها الألوان البنفسجية و الألوان الزرقاء، مواضيعها المرسومة هي زهريات و طبيعة اعتمدت فيها أسلوب الاختصار و إظهار البقع اللونية الموحية و الموصلة إلى نوع من مداعبة المشاعر و الأحاسيس. استخدامها مساحات واسعة في رسم مواضيعها المائية جرأة تحسب لها، لأن العمل المائي يحتاج لمقدرة و حساسية خاصة للتعامل معه و السيطرة على جوانبه التكنيكية، و كلما زادت المساحة احتاجت إلى قدرات أعلى للوصول إلى نتائج جمالية مرضية و مريحة.. في أعمالها أجواء توحي بالسكينة و تعطي شعوراً بالاستقرار، منها تنبعث روائح زهورها التي نلمس فيها شغفاً بالحياة و إصراراً على ملامسة الأحاسيس بلطف، فيها الرغبة بامتلاك طاقة الروح الإنسانية و هي تحاول العبور إلى عالم يمتلئ بالدفء و المحبة... تفرغ طاقاتها بسلاسة في عالمها اللوني القائم على اللمسات المتوضعة بحنو و طلاقة و ثبات، و كذلك على الإيقاعية اللونية بما تمتلكه من غنائية تصور ما بداخلها من إطلالات على ذاتها المفعمة بالمشاعر الدافئة.. علي الكفري: تصوير الروح الشرقية... جاءت أعماله التي قدمها بتقنيات الأحبار لتصور مجموعة من المواضيع، امرأة تعيش حالة من الحلم أو التأمل و هي تشكل عنصراً أساسياً في عمله، خلفيتها تحمل شيئاً من المتعلقات التراثية، و هذا الجانب التراثي يظهر بشكل مباشر أكثر في عمله الذي يصور كرسياً خشبياً قديماً و عليه سجاد شعبي فيه زخارف و منمنمات استقاها من الروح الشرقية في الأعمال الشعبية القديمة، و قد صور أيضاً الطبيعة الصامتة و الورود بأسلوبه الخاص ضمن أجواء لونية معبرة، تشكل حالة خاصة في إيقاعاتها التي اعتمدت على الانسجامات و المتضادات لإظهار قيم النور و العتمة و إبراز العناصر في بعدها اللوني. و هو كذلك قدم تكويناته الفنية بصورة تنسجم مع العناصر في محيطها، و هذه العناصر ترتبط ببعضها ارتباطاً عضوياً مشكلة وحدة تكوينية. إن الإيحاءات البصرية اللونية التي يقدمها لتعبر عن حالته الداخلية تمثل في النهاية أسلوبه و طابعه الشخصي في بناء عمله الفني... E.Mail: f.saleh@mail.sy

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية