و مع انتظار اجتماع قادة دول الاتحاد الأوروبي التي تعاني انقساما عميقا في محاولة جديدة للاتفاق على طريقة وأماكن لتوزيع ١٦٠ ألف لاجئ على الدول الأعضاء في الاتحاد ، يتواصل تدفق آلاف المهجرين إلى الدول الأوروبية في حين تستدعي هنغاريا جيشها الاحتياطي لبناء سياج حدودي مع كرواتيا .
ألمانيا والحاجة الماسة للهجرة
يشكل اضطرار المهجرين لترك بلدانهم نزيفا هائلا للثروة الوطنية كما هو عليه الحال في ظل أزمة المهجرين السوريين، لكن اللجوء يشكل في حالات كثيرة نعمة للبلدان الأخرى، على حد المثل المشهور (مصائب قوم عند قوم فوائد) إذ أن هذه البلدان يحتاج اقتصادها للعمالة الأجنبية المؤهلة كالاقتصاد الألماني وعلى ضوء ذلك يمكن للمرء وبحساب بسيط تصور حجم الاستنزاف الهائل للثروة البشرية والاقتصادية الذي تتعرض لها سورية خلال أزمتها الحالية ، ومن الأمثلة البارزة على ذلك الأطباء والمهندسون السوريون في ألمانيا، فعلى مدار الأزمة في سورية لجأ إلى ألمانيا 5 آلاف طبيب سوري وما يقارب هذا العدد من المهندسين أيضا، ويعني ذلك أن نحو 8 مليارات دولار أنفقتها سورية على تأهيلهم انتقلت عبر هؤلاء إلى مختلف الولايات الألمانية ، وهو رقم يزيد على تكاليف استيعاب المهجرين السوريين وغير السوريين الذي خصصت له الحكومة الألمانية 6 مليارات دولار وإذا أخذنا بعين الاعتبار أن القسم الأكبر من هؤلاء دخل بالفعل سوق العمل والقسم المتبقي يعد نفسه لذلك، فإن بضعة مليارات أخرى سترفد الناتج المحلي الإجمالي الألماني بمزيد من الازدهار خلال السنوات القليلة القادمة.
و في هذا السياق يتحدث عدد من الخبراء الألمان عما يسميه بعضهم (أسطورة الطبيب السوري) الذي يتمتع بسمعة ممتازة في ألمانيا بسبب مستوى تأهيله الذي يعادل نظراءه في أوروبا وهو الأمر الذي يساعده على الاندماج في سوق العمل الألماني والأوروبي بسهولة.
وتقدر هيئات واتحادات أرباب العمل في ألمانيا أن الاقتصاد الألماني يحتاج في الوقت الحاضر إلى نحو مائة ألف من الكفاءات الأجنبية، وهنا تبرز الحاجة إلى الكفاءات الهندسية في مختلف المجالات وفي مقدمتها تكنولوجيا المعلومات ، وأظهرت دراسة من مؤسسة (بيرتلسمان) أن ألمانيا تحتاج سنويا إلى أكثر من نصف مليون مهاجر خلال العقود القادمة من أجل الحفاظ على إمداد سوق العمل ونظم الضمان الاجتماعي بالقوة العاملة اللازمة لاستقرار هذه النظم حتى عام 2050، وعلى هذا الأساس يطالب يورغ دريغر رئيس بيرتلسمان بسن قانون للهجرة واتخاذ الإجراءات اللازمة لجعل ألمانيا هدفا للكفاءات من خارج دول الاتحاد الأوروبي.
أزمة المهجرين تسبب حرباً
كلامية بين دول شرق أوروبية
تبادلت المجر وكرواتيا التهديدات في حين واصل آلاف المهاجرين المنهكين التدفق على حدود البلدين ما يعمق الخلافات في أوروبا حول كيفية التعامل مع هذا الطوفان البشري.
وحوصر أكثر من ٢٠ ألف مهاجر غالبيتهم من سورية في كرواتيا منذ الثلاثاء الماضي بعدما لجأت المجر لاستخدام سياج معدني وقنابل الغاز المسيل للدموع ومدافع المياه على حدودها الجنوبية مع صربيا لمنع هؤلاء من استكمال طريقهم إلى داخل الاتحاد الأوروبي.
واتهمت المجر وكرواتيا (بانتهاك سيادتها) من خلال إرسال حافلات وقطارات تقل المهاجرين إلى حدود البلدين، بينما حذرت المجر من أنها ربما تعرقل مساعي كرواتيا للانضمام لمنطقة شينجن الأوروبية التي يحق للمقيمين بها التحرك دون جوازات سفر.
كرواتيا تواجه أكبر موجة لجوء إلى
الغرب منذ الحرب العالمية الثانية
وجدت كرواتيا نفسها في مسار أكبر موجة لجوء إلى الغرب منذ الحرب العالمية الثانية حيث تدفق نحو نصف مليون شخص عبر البحر المتوسط إلى أوروبا منذ بداية العام الحالي، الذين ينطلقون بشكل متزايد من تركيا إلى اليونان ومنها يقطعون شبه جزيرة البلقان إلى جمهوريات يوغوسلافيا السابقة وبينها كرواتيا وسلوفينيا العضوان في الاتحاد الأوروبي.
ويستمر تدفق المهاجرين على متن حافلات وقطارات بعد عبور الحدود إلى كرواتيا قادمين من صربيا، واتجهوا شمالا وغربا صوب المجر وسلوفينيا، بينما أمضى كثيرون الليل في العراء في حين يمضون النهار بحثا عن ظل يقيهم شمس الصيف.
وقالت المجر إن حوالي ثمانية آلاف عبروا إليها من كرواتيا يوم الجمعة وإن كثيرين غيرهم في الطريق. وأرسل معظم هؤلاء لمراكز استقبال قرب حدود المجر مع النمسا التي قالت بدورها إن نحو ٧٥٠٠ شخص دخلوها منذ منتصف الليل وإنها تنتظر دخول كثيرين غيرهم.
المجر تشيد سياجاً حدودياً مع كرواتيا
يسابق الجنود المجريون الزمن لتشييد سياج بطول الحدود مع كرواتيا شبيه بذلك السياج الذي أقيم على الحدود مع صربيا، وقالت الحكومة إنها استدعت عددا من جنود الاحتياط ليعمل معظمهم في حاميات خلت بعد نشر من فيها من جنود على الحدود.
نسبة المهجرين السوريين إلى أوروبا
واحد بين كل خمسة مهاجرين
أكدت وكالة الإحصائيات الأوروبية (يوروستات) أن واحداً فقط من بين كل خمسة مهاجرين يطلبون اللجوء إلى أوروبا من سورية، وسجل الاتحاد الأوروبي نحو ٢١٣ ألف شخص وصلوا إلى القارة في نيسان وأيار وحزيران، إلا أن ٤٤ ألف شخص فقط منهم جاؤوا من سورية.
ووصل إلى أوروبا حتى الآن هذا العام نحو نصف مليون شخص، بينهم ١٥٦ ألف شخص جاؤوا في شهر آب فقط، وأشارت الإحصائيات إلى أنه بدلاً من طلب اللجوء في أول دولة أوروبية يصلون لها، فإن معظم المهجرين يتوجهون إلى الدول الغنية في شمال القارة.
ووصل أكثر من ٢٥٠ ألف مهاجر إلى اليونان وإيطاليا، وهما أكثر الدول استقبالاً للمهاجرين، ورغم ذلك فإن معظمهم يتوجه صوب المملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا.
مصرع 13 مهاجراً قبالة ساحل
تركيا كانوا في طريقهم إلى اليونان
لقي ما لا يقل عن 13 مهاجرا حتفهم في المياه التركية اثر اصطدام قارب يحمل 46 شخصا كان في طريقه إلى اليونان بسفينة تحمل بضائع وانقلابه.
ونقلت رويتر عن مصدر في خفر السواحل التركي قوله إن من بين القتلى ستة أطفال وتم إنقاذ 20 آخرين ويتلقى سبعة ممن أنقذوا العلاج فيما لا يزال البحث جاريا عن 13 مفقودا اخرين.
وأعلن خفر السواحل اليوناني أنه يبحث عن 26 مهاجرا مفقودين قبالة سواحل جزيرة ليسبوس جنوب شرق اليونان بعد غرق مركب يقل مهاجرين .
كندا: أي مهاجر سوري يدخل ديارنا فهو لاجئ من (الوهلة الأولى)
تعهدت الحكومة الكندية بالتعجيل في البت بطلبات لجوء السوريين والعراقيين وهي قضية طالما تعرضت بسببها لانتقادات من معارضين سياسيين مع اتجاهها نحو انتخابات في 19 تشرين الأول ،وقال وزير الهجرة كريس الكسندر إن كندا ستعتبر السوريين لاجئين من (الوهلة الأولى) بدلا من الانتظار كي تقوم وكالة تابعة للأمم المتحدة بتصنيفهم رسميا.
وسترسل كندا عددا أكبر من مسؤولي الهجرة لمعالجة الطلبات واتخاذ خطوات لتيسير الرعاية الخاصة والعمل على ضمان معالجة معظم الطلبات المقدمة من السوريين والعراقيين في غضون ستة أشهر.
عشرة آلاف مهاجر دخلوا النمسا
في سياق التحرك الميداني لللاجئين وصلت السبت إلى النمسا دفعة جديدة منهم تقدر بعشرة آلاف ،وكان اللاجئون وصلوا إلى هنغاريا من كرواتيا التي قالت إنها لا تستطيع التعامل مع 20 ألف لاجئ تدفقوا إلى أراضيها منذ الأربعاء.
(داعش) يدعو اللاجئين إلى التوقف عن الهجرة والبقاء في مناطقه للانضمام لـه
نشر تنظيم (داعش) الإرهابي سلسلة من مقاطع الفيديو تحث الفارين من أعماله الإرهابية على التوقف عن الهجرة إلى أوروبا، داعيا إلى البقاء في المناطق الواقعة تحت سيطرته والانضمام له ، مستغلا أزمة المهجرين الراهنة في توجيه رسالة إلى المهاجرين المحتملين إلى أوروبا مفادها أنهم لن يجدوا هناك سوى الإذلال والحياة غير الأخلاقية.
وهذه ليست المرة الأولى التي تتناول فيها التنظيمات الإرهابية قضية اللاجئين، لكنها المرة الأكثر وضوحا التي يبدي فيها اهتمامه بأعداد الفارين من ويلات حكم (داعش) لبعض المناطق الواقعة تحت سيطرته ، إلا أنها لم تذكر الحملة التي أطلقها تنظيم (داعش) الإرهابي عبر الإنترنت ممارساتها العنيفة وعقوباتها الوحشية لكل من يحاول مسائلتها.
من جهة أخرى استغل تنظيم (داعش) المقاطع المصورة في إلقاء الضوء على الإذلال والحرمان، والتمييز وغيرها من الممارسات التي يعانيها اللاجئون والمهاجرون في المخيمات التي يقيمون بها علاوة على البرد القارس الذي يهدد حياتهم في أوروبا.