|
الإقامة في القباب الطينية .. المشروع الأول للسياحة البيئية في قرية الشيخ هلال مجتمع باتجاه محافظة أندلسية كمحافظة حماة التي تمتد باديتها شرقاً وتصطدم بقرية قل مثيلها في العالم هي قرية الشيخ هلال التي ساهم الجفاف بتوقفها عن الزراعة وربما كان الفقر عاملاً مهماً من عوامل بقائها على طراز معماري لم يتغير منذ سنين طويلة . توجهت العيون لهذه القرية التي مازالت تحتفظ بثلاثمائة قبة طينية وهي من أنسب الطرز وأكثرها إشفاقاً للبيئة لأن شتاءها دافئ وصيفها بارد دون حاجة لوجود مدافئ أو مكيفات داخلها وتتسع لأكثر من عشرين زائراً يجلسون وينامون بالطريقة العربية التقليدية ...تقع هذه القرية على طريق سلمية الرقة وهو طريق دولي في وسط سورية تنطلق من جهاته عدة مواقع أثرية وسياحية وهي : قصر ابن وردان - قصر الاندرين - اثرية - الرصافة - وقلعة شميميس - جبل البلعاس وهو موقع للسياحة البيئية وجمعية أصدقاء سلمية تبنت مشروع إحياء السياحة البيئية في هذه القرية بالتعاون مع بعض الجهات الرسمية وشركاء محليين ودوليين. ويحدثنا سامر الضحاك أحد المهتمين في الجمعية عن المشروع قائلاً : كان الدافع الأساسي للمشروع هو إيجاد فرص عمل بديلة عن الزراعة والمحافظة على التراث المعماري الذي اتبع منذ القدم أساليب العزل بوسائل بسيطة ومتوفرة آنذاك حيث بنيت القبة بشكل أسطواني وفرت الطاقة ودرست منافذ تهويتها بشكل علمي . هذا التراث هو الذي سيعمل على تثبيت السكان في قريتهم حيث تجاوزت نسبة الهجرة فيها لأكثر من خمسين بالمئة حيث لم يعد يوجد مورد للرزق فيها، وغادرها الشباب يبحثون عن فرص عمل بالمدينة. فكان الحل في إيجاد الوسيلة المناسبة للاستثمار وتم طرح الموضوع على مستويات عدة فتلقينا دعماً من الوكالة السويسرية للتعاون والتنمية والجمعية الكاثوليكية لمكافحة الفقر التي مولت الرحلة التدريبية للمغرب العربي بالتعاون مع الشبكة المتوسطية للسياحة التضامنية أوالسياحة البديلة فبدأ العمل،عبر المنح التي قدمت رغم بساطتها وتم ترميم 13 قبة وأصبحت صالحة للسكن وبالتوازي على المستوى الاجتماعي أقيمت دورات لتمكين المرأة وتعزيز دورها في المشروع فكانت الدورات الفنية اليدوية لاتقان الحياكة والتطريز وتشجيعها على تصنيع المواذ الغذائية والاستفادة من النباتات البرية التي تنمو بشكل كثيف كالقبار الذي أثبتت التجارب فوائده الطبية الكبيرة إضافة إلى تسويق منتجات الرمان والتين والزيتون وغيرها. كما أقامت الجمعية لأصحاب القباب الطينية الذين وافقوا على استثمار أبنتيهم دورة للغة الانكليزية ليستطيعوا فهم حاجات ومتطلبات السياح وأوفد قسم منهم إلى المغرب والأردن ولبنان للتعرف على هذا النوع من السياحة الجديدة والعيش معهم أيضاً . وعن نتائج التجربة قال : لم يكن إقناع السكان سهلاً في البداية حيث لم يعتادوا على فكرة إقامة وفود أوروبية في منازلهم والعيش معهم والقيام بتقديم الطعام الذي يطهونه لأنفسهم والنوم عندهم باختصار استضافتهم كأنهم أحد أفراد الأسرة أو استضافتهم كأسرة تربطهم بها أواصر القربى والصداقة معاً . إلا أننا توصلنا إلى إقناعهم بالفكرة وبعد العمل واستضافة الوفود تغيرت الفكرة لكلا الطرفين فالانسان الشرقي خاصة من يسكن القرى البعيدة لديه نظرة مسبقة باتجاه السائح الأوروبي الذي لايحترم التقاليد الشرقية والعكس صحيح بغض النظر عن ماهية الأفكار المسبقة إلاأن تأقلم الطرفين مع بعضهما يعود إلى أننا اشترطنا أن تكون نوعية السياح من السكان الذين يحترمون العادات والتقاليد التي يجدونها لدى أبناء القرية المضيفة فكانت النساء تقدم وجبة الفطور التي صنعتها بيديها ومن منتجات قريتها رغم تواضعها ومن خبز التنور الشهي وحنطة البلد وكانت ردة الفعل تترافق مع الشكر والاعجاب كما تم إقامة معرض للأعمال اليدوية حيث يتم التسويق لصناعة النساء الذين تدربوا وعملوا فأبدعوا، وصارت أعمالهم تذكاراً في يد السياح ينقلونها إلى أوطانهم وأقيم مركز لبيع المنتجات المحلية للضيوف الذين يشاركون إذا أحبوا في أعمال الطبخ أوماتبقى من أعمال الزراعة المحدودة أوالمشاركة في صناعة الألبان والخبز أو أعمال القرية أياً كانت وبالتأكيد فإن هذه السياحة البيئية عادت وستعود على سكان الشيخ هلال بمورد مادي إضافة إلى تشجيع الشباب المهاجرين إلى العودة والاستفادة من هذا المشروع برحابة صدر إضافة إلى دور المرأة التي خلقت بصناعتها وفي حسن استقبالها للضيوف دخلاً إضافياً وسمعة طيبة يتردد صداها الآن في المكاتب السياحية الأوروبية التي وضعت موقع الشيخ هلال على خارطة السياحة لديها كأول موقع للسياحة البديلة في سورية وزيارته بشكل دائم . ومازال المشروع مستمراً وذلك بترميم 110 قباب إضافية وإصلاح البنية التحتية الخدمية للقرية في محاولة جادة لإنعاش المنطقة وتفعيل المشروع الذي حجز في هذا الصيف من قبل 120 سائحاً أوروبياً سيعيشون مع السكان المحليين يشاهدون أول شروق لشمس البادية ويتنفسون أنقى هواء قادم من البلعاس ويتذكرون أياماً لطيفة عاشوها في قبة عرفت قيمة البيئة فبادرتها بأخلاقية مماثلة ومنحتها هذا العمر الإضافي لسنين طويلة قادمة.
|