وحسب البيان الختامي تعهد زعماء مجموعة العشرين بالحث على إبرام اتفاق «يمنح المزيد من حقوق التصويت( زيادة 5 بالمئة) للاقتصاديات الناشئة في صندوق النقد الدولي» وعول القادة على ان يكون هذا المنح منجزاً بحلول موعد القمة المقبلة في العاصمة الكورية الجنوبية سيؤل في أوائل تشرين الثاني المقبل.
خفض العجوزات
واتفقت دول العشرين على خفض عجوزاتها بمقدار النصف خلال السنوات الثلاث القادمة حيث إن الأولوية تتغير من ضخ الأموال في الاقتصاد الذي عانى من الركود إلى خفض الديون في الدول الصناعية. وهنا أيضا يظهر الاختلاف بين دول العشرين,فأوروبا التي تطبق إجراءات التقشف , يمكن ان تؤثر سلبا على مسيرة نمو الاقتصاد العالمي, الى حد ان وصفت رئيسة الأرجنتين, كرستينا فرنانديز, إجراءات التقشف الأوروبية بـ «الخطأ المطلق». ورئيس كوريا الجنوبية, حذا حذو زميلته الارجنتينية بانه في «حال استمرار الدول الأوروبية في تطبيق إجراءات التقشف فإن انتعاش الاقتصاد العالمي سيتباطأ». والهند كررت موقفها الداعم لعدم وقف برامج التحفيز الحكومي التي اتبعتها العديد من الدول في مواجهة الأزمة المالية العاصفة بالاقتصاد العالمي منذ خريف العام 2008. ورئيس الوزراء الهندي مانموهان سينغ , حث المجموعة على «ألا تتعجل في وقف التحفيز بغرض كبح عجز الميزانيات». وأوضح سينغ , عالم الاقتصاد المرموق , أن من شأن وقف التحفيز أن يؤدي لمخاطر أبرزها «انكماش الأسعار وبالتالي وقف وتيرة النمو».
أعباء إضافية
والتعاطي مع قضايا الانتعاش العالمي وعجز الموازنات , وخطط الحفزالتي يقابلها خطط تقشف تجعل من اجتماع قمة العشرين اجتماعا بروتوكوليا , تشاوريا, غير ملزم,فقضية عجز الموازنات هي جوهرية في الاقتصاد الأوربي , ويتم التعامل معها على انها منقذ , وان خطط التقشف من شانها تخفيض تلك العجوزات الى نحو النصف , والاقتصاديات الأوربية, قد يكون معها كل الحق في تلك الإجراءات التقشفية لان ديون الاقتصاديات المتقدمة « أكبر بثلاثة أضعاف من ديون اقتصاديات الدول الناشئة في مجموعة العشرين» وفقا لصندوق النقد الدولي. وبالتالي ثمة أعباء إضافية سيحملها الاقتصاد الأوربي في حال جارى دعوات الأمريكان والاقتصاديات الناشئة لمزيد من ضخ الأموال في عروق الاقتصاد.
نحو الداخل
وفي هذا المشهد المتناقض , تعلن امريكاعلى لسان رئيسها باراك أوباما إنه لا يمكن لبلاده المثقلة بالديون أن «تستمر في الدفع لضمان الازدهار العالمي». وحث أوباما في مؤتمر صحفي , على هامش القمة الدول على «عدم التعجل بإنهاء جهودها لحفز النمو».
وفي سياق متصل بحيثيات القمة نجد ملمحا جديدا طفا على السطح يتمثل بان الزعماء اتفقوا على أنه «ينبغي على الدول التي تحقق فائضا تجاريا كبيرا مثل الصين» وألمانيا أيضا , أن تقوم بجهود أكبر لتعزيز الاستهلاك المحلي , وصاحبة هذه الـ « ينبغي» هي الولايات المتحدة , التي تمارس الضغوط على الدول التي تعتمد اقتصادياتها على الصادرات مثل ألمانيا والصين واليابان لحفز الاستهلاك المحلي. والالتفات الى السوق الاستهلاكية المحلية يعني أن تعمل هذه الفئة من الدول على كبح جماح صادراتها على حساب تنشيط وارداتها. وعند هذا المستوى من الطرح ينبري تساؤل : هل بإمكان الصين التي تعتمد في مقام نموها الاول على الطلب الخارجي,أن تفرمل الصادرات؟ .
آثار عكسية
الولايات المتحدة «تعمل على تخفيف حدة الخلافات, بين أعضاء المجموعة, بشأن التوجهات لخفض الإنفاق الحكومي وخفض عجز الموازنات دون المساس بالانتعاش الضعيف للاقتصاد العالمي» كما جاء على لسان وزيرالخزانة غيثنر. وهذا التوجه الأمريكي جاء على خلفية إعلان غير دولة أوربية عن إجراءات تقشفية كان آخرها في بريطانيا العظمى التي أقرت ميزانية لشد الأحزمة لم تعهدها في تاريخها. الولايات المتحدة تريد المحافظة على خطط الحفز الاقتصادي.وبرأيها,أن خطط التقشف الأوروبية تؤدي إلى آثار عكسية على النمو الاقتصادي العالمي. باختصار يريد الأمريكيون مسك العصا من المنتصف ,وهو ما عبر عنه وزير الخزانة الأميركي الذي قال في تورونتو إن «تعافي الاقتصاد العالمي يعتمد على صنع توازن بين المزيد من الإنفاق العام وتقليص عجز الموازنة». وأضاف أن «الدول تخرج من دائرة الأزمة بسرعات متفاوتة.. والأمر بيد كل منها كي تضطلع بالإجراءات المناسبة للحيلولة دون حدوث انهيار اقتصادي آخر». وهذا التناقض في الرؤية سبب خلافا بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ,قبيل انطلاق القمة , فقد تناقض موقفهما من «المسار الصحيح للإبقاء على قوة الدفع في عجلة التعافي الاقتصادي». ودفعت الولايات المتحدة باتجاه تفعيل المزيد من حزم الحفز بينما أعلن عدد من دول الاتحاد خطط تقشف مالي.
إرضاء الشركاء
ومقابل هذه الدعوات الأمريكية تقف المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ,لتقول , نيابة عن مناصريها في المجموعة,إن جميع الأطراف« متفقون على أن الخروج من خطط الحفز الحالية مهم لكبح عجز الموازنات رغم وجود اختلاف في وجهات النظر حول سرعة تنفيذ سياسات الخروج». في المحصلة اتفق الزعماء على استكمال خطط الحفز الاقتصادي هذا العام, وفي العام المقبل وما سيليه سيتم التركيز على تعزيز مالي للنمو حيث سيتم خفض عجز الموازنات إلى النصف بحلول عام 2013 وتتم استعادة التوازن لمديونيات الحكومات بحلول العام 2016.
morshedalnaief@gmail.com