المفاوضات لا تشكل هدفا استراتيجيا للكيان الصهيوني ، وبطبيعة الحال ، التوصل الى تسوية او اتفاق ليس على اجندة الحكومة الحالية التي يقودها نتنياهو ، إذ يتضح من خلال الصورة الراهنة أن جلّ اهتمامها ينصب على الاستيطان والاعداد للحرب.
بالمقابل، توافر النية لدى الرئيس أوباما لحل الصراع ليس شرطاً للنجاح، فعقيدة الاستيطان أقوى، وعدم الاقتناع بأن للفلسطينيين الحق في دولة مستقلة لاتزال هي السائدة بين غالبية الاسرائيليين . يكفي النظر الى نتائج الاستطلاعات التي كانت تجري خلال الحرب على غزة، أكثر من 90 بالمئة أيدوا الحرب.
المشكلة هنا لم تعد في الحكومات الاسرائيلية، العالم هنا أمام مجتمع ينحو كله نحو التطرف والى عدم الاعتراف بالآخر ،وإلا فما سر تصاعد شعبية نتنياهو مع أن ليفني وباراك ليسا أقل منه تطرفاً؟! مثل رئيس حزب «إسرائيل بيتنا»أفيغدور ليبرمان الذي يرى ان الحرب في غزة يجب ان لاتتوقف حتى يكون هناك رابح وخاسر. ووزير الحرب سابقا موشي أرينز يرى انه مادامت «حماس» قادرة على اطلاق الصواريخ ، فإن الحرب كأنها لم تكن ، وأن الامور لاتزال كما كانت من قبل.
بمثل هذا المزاج الاسرائيلي كيف يمكن لأي مساع مهما خلصت ان تصل الى نهاية سعيدة؟ بالغاً مابلغت براعة أي مفاوض ، فإنه سيصطدم بخط أحمر إسرائيلي لا يقبل التفاوض على القدس ، ولايقبل بعودة اللاجئين بتفكيك الكتل الاستيطانية الكبرى في الضفة الغربية، ولايقبل بتعديل مسار جدار الفصل، ولايقبل باطلاق 11 ألف معتقل فلسطيني ولايقبل بازالة 400 حاجز للجيش الاسرائيلي في الضفة. الأدهى ان كثيراً من الزعماء الاسرائيليين يفكرون في التخلص من الفلسطينيين الذين بقوا داخل الاراضي المحتلة عام 1948 في حال التوصل الى تسوية مع الفلسطينيين.
مثل هذا المنطق ألا يقود الى الحكم مسبقا بالاخفاق على اي تحرك دبلوماسي في المنطقة ،سواء من قبل الولايات المتحدة او من اوروبا ؟! وإن التعويل على المفاوضات بأن تخرج بشيء هو عبث ووهم.