انقلاب جورجيا.. هل هو تصدير لأزمتها؟
شؤون سياسية الأثنين 11-5-2009م حسين صقر بعد الحرب التي شنتها جورجيا على أوسيتيا الجنوبية الصيف الماضي ودخول روسيا فيها مضطرة للحفاظ على مصالحها والوقوف في مواجهة الأطماع الأميركية في المنطقة،
تجد موسكو نفسها مرة أخرى مضطرة للرد لكن هذه المرة كلامياً، مؤكدة أن ما حصل من تمرد في جورجيا لاعلاقة لها به ووضعها في هذا الموقف هو تعد واضح عليها، وقالت على لسان مسؤوليها:
إنها لن تتدخل بشؤون الدول الداخلية مهما وقع من أحداث وما الاتهامات الجورجية لها إلا محاولة لإلقاء مشكلات القيادة الجورجية على روسيا وجيشها بعد فشل حكومة تبليسي تلبية المطالب الشعبية، وتزامن ذلك مع تصريح لوزارة الدفاع الجورجية يوضح بأن التمرد في قاعدة موخروفاني جرى لتعطيل المناورات المشتركة مع قوات حلف الناتو، كذلك تراجعت وزارة الداخلية عن قولها إن مؤامرة انقلابية مدعومة من روسيا وقعت في تلك القاعدة، صحيح أن القرار الروسي بالاعتراف باستقلال أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا وتجميد موسكو جانباً كبيراً من علاقاتها بحلف شمال الأطلسي يؤكد رغبتها القوية بعدم قبول القوة الأميركية المتعاظمة في العالم ويزيد من اتساع نطاق التحديات التي تواجه واشنطن، لكنه لا يعني بالضرورة أن روسيا يمكن أن تستغل بداية التراجع الأميركي في إدارة شؤون العالم لإدارة الأزمات من داخل الدول، كما فعلت الولايات المتحدة في أكثر من منطقة والشواهد على ذلك كثيرة. فالتحدي الروسي يختلف كثيراً عن جميع أشكال التحديات الأخرى نظراً لأنه يأتي من دولة لديها تقاليد القوى العظمى وذلك يسهل عودتها إليه دون استخدام تلك الأساليب ولاسيما أنها تحدت السياسات الأميركية في مواقف عديدة بشكل علني أثناء الغزو الأميركي للعراق وحرب جورجيا والاعتراف باستقلال الاقليميين آنذاك، هذا فضلاً تلويحها بالسلاح النووي في حال نشر بولندا الدرع الصاروخي الأميركي على أراضيها. إذاً هذه الخطوات الروسية لها العديد من الأسباب لعل أهمها إدراك القيادة الروسية حدود القوة الأميركية في مرحلة ما بعد العراق ووقوف واشنطن وراء قرار الحرب التي بادرت إليها جورجيا وبالتالي فمن الواجب عليها ألا تترك الأقاليم غير القادرة على حماية نفسها في مواجهة جورجيا ومن خلفها أميركا من جهة ولكي تسترد هيبتها العسكرية والسياسية في أوروبا والعالم من جهة ثانية، وخاصة أن أميركا وضعتها أمام خيارات أحلاها مر، أولها إنذار روسيا لوقف الحرب فوراً وكان في ذلك تهديد خطير إذا قبلت موسكو بذلك أو التصعيد العسكري وهو ما فعلته لدفع الرئيس الجورجي ميخائيل ساكاشفيلي لإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليها قبل السادس من آب 2008 وإما دفع أوروبا للتدخل وإطفاء الحريق في عملية لي ذراع روسيا ، وهذا لم يحدث ولن تجعله روسيا يحدث، فما حصل في جورجيا من تمرد أو ما هو متوقع أن يجري في أي دولة من العالم لن يكون إلا عبارة عن مناورة أميركية لجس النبض ومعرفة قدرات الغير على الرد، أو لعبة بسيطة وبدائية توكل إلى دول صغيرة لإشعال حروب، إما باردة أو عسكرية بين الدول الكبرى لبقاء العالم على نظام القطب الواحد، وهذا ما ترفضه أغلبية الدول التي باتت تؤمن بتعددية الأقطاب.
|