فهو أضحى بقلب مريض متعب لا يسمح له بالمزيد من جولات المصارعة الحرة التي كان بطلها الأول قبل عشرين سنة. أما هي فلم تعد تجذب مرتادي النادي الليلي الباحثين عن أجساد فتية.
«راندي» و «كاسيدي» بالنسبة للآخرين مجرد جسد ولكن من ذا الذي يدرك أن هذا الجسد يحوي روحاً متعبة ولكن محبّة ومتعطشة للحب؟.
لم يستطع «راندي» الفوز بعطف ابنته التي لم تغفر له بعده الطويل عنها ولا استطاع إقناع «كاسيدي» بحبه لها وهي الأسيرة لقوانين عملها التي تمنع إقامة أي علاقة مع الزبائن، هذا مع خوفها من خسارة عملها وبالتالي العجز عن الإنفاق على ابنها الصغير، ولكن حين تدرك أهمية مشاعره وصدقها يكون قد أدرك أهمية حب آخر منحه الكثير من الحياة، إنه حب معجبيه الذي يحيط به وهو بحلبة المصارعة فكان لا بد من العودة لمكانه الطبيعي الذي يشعره بوجوده.
فيلم (المصارع-wrestler) يدخلنا بشكل كبير إلى العالم الداخلي للمصارعة الحرة التي غالباً ما تسبب متابعتها التوتر ويثير أبطالها الشعور بالسخرية بل والاشمئزاز أحياناً بأشكالهم الغريبة.
يدعونا الفيلم للتأمل قليلاً بما يجول في رأس تلك الأجساد الضخمة المتشدقة وأي ألم قد يسكنها وقد تمكن «ميكي رورك» بدور «راندي» من تجسيد هذا الألم بأروع ما يمكن، فكانت تعابير وجهه ونظرات عينيه تهمس لنا بالكثير وسط ضوضاء حلبة المصارعة فتشعر وكأن الأصوات تختفي تدريجياً من أذنك فلا تسمع من بعد سوى صرخات ألمه المكبوتة.
الفيلم من إخراج «دارين أرونوفسكي» و قد حصل على جائزة «الأسد الذهبي» أما «ماريسا تومي» فقد رشحت لجوائز كثيرة منها الأوسكار كأفضل ممثلة مساعدة في دور «كاسيدي» ونالت جوائز كثيرة مثل جائزة «غولدن غلوب» وهكذا كان شأن «رورك» الذي كانت اللقطة الأخيرة كافية لإدراك أهليته للجوائز حين وقف منتصباً على عارضة الحلبة محيياً جمهوره بنظرة وجع وحزن وطمأنينة.