وهو الأمر الذي ترك خلفه الكثير من التداعيات والمفاعيل السلبية على كل السوريين الذين واجهوا خلال سنوات الأزمة المريرة تلك المفاعيل والتداعيات رغم شدتها وقسوتها بمزيد من الصبر والصلابة والإيمان المطلق بقدرتهم على مواجهتها والصمود في وجهها حتى التغلب والانتصار عليها .
لكن ورغم تلك الحرب التي حقق فيها الشعب السوري ما هو ابعد من المستحيل فإنه لا يمكن لنا أن نغفل حاجة الكثير من السوريين إلى ترميم بنيتهم الاجتماعية والنفسية والفكرية من خلال الولوج إلى أعماق نفوسهم المجروحة والمتصدعة من اجل لملمة تلك الجراح ووضعها على طريق الشفاء الذي لا رجعة فيه .
على هذا الأساس وانطلاقا من تحقيق ذلك الهدف الأسمى المتمثل بترميم بنية السوريين النفسية ومداواة جروحهم جاء مرسوم العفو الذي أصدره السيد الرئيس بشار الأسد بأبعاده الإنسانية والنفسية والاجتماعية ليعيد الابتسامة والفرحة إلى قلوب ووجوه الكثير من الأسر السورية التي فقدت الأمل والتي باتت على حافة الانهيار الحقيقي .
لقد وضع مرسوم العفو الذي أصدره السيد الرئيس بشار الأسد خارطة المرحلة المقبلة من تاريخ سورية تحت عنوان ( المسامحة والعفو .. خطوة على طريق إعادة الأمن والأمان والاستقرار إلى ربوع وطننا الحبيب )، وبذلك تكون تلك الخطوة النبيلة فرصة جديدة لإعادة لم شمل أبناء الأسرة الواحدة تحت راية الوطن الواحد الذي لم ولن يتخلى عن أبنائه رغم طعنات بعضهم السامة والغادرة، وبالتالي هي إسناد ودعم لإغلاق أبواب الشر والفتن التي فتحتها وشرعتها تلك الأيدي الشيطانية وهي مبادرة خلاقة انطلاقا من كونها ضرورة واجبة في هذه المرحلة الصعبة لإعادة بناء الإنسان من الداخل الذي أضلته تلك الأيدي والعقول الصهيو- أميركية .
كما أن تلك المبادرة الخلاقة من الرئيس الأسد هي بلا شك خطوة حقيقية لإعادة بناء الإنسان من الناحية العقائدية بعد النفسية حتى يتمكن من العودة للمشاركة بمسيرة إعمار وبناء سورية التي لا يزال أعداء سورية يائسين اغتيال دورها وحاضرها وماضيها ومستقبلها ، وبالتالي فهي خطوة واعية من الدولة السورية ممثلة بالسيد الرئيس لتعزيز حالات المصالحة الوطنية على كامل الأرض السورية بعد أن نجحت تلك التجارب في عدة مناطق في سورية .
باختصار إن مرسوم العفو الذي أصدره الرئيس الأسد في مستهل ولايته الرئاسية هو خطوة حكيمة وجادة لإعادة ترميم الإنسان السوري من الداخل ، كما انه يشكل نداء صادقا من القلب إلى قلب كل سوري شريف غيور على وطنه وأهله لوضع حد لهذه المعاناة التي يعيشها الشعب السوري منذ أكثر من ثلاث سنوات، ما يعني أن كثيرا من السوريين اليوم أمام اختبار حقيقي للعودة إلى حضن الوطن ليتم فرزهم عن أولئك الغرباء المرتزقة الذين سيقوا كالقطعان إلى سورية لتدميرها وقتل شعبها واغتيال حاضرها وتاريخها ومستقبلها .. انه يحاكي أصحاب الضمائر الحية الذي يدعون خوفهم وحرصهم على وطنهم سورية .