وفي أيار من عام 1916 أكمل جمال باشا السفاح تعليق الأحرار النهضويين في سورية، ولبنان على أعواد المشانق لكي يطفئ جذوة الكفاح الوطني التحرري الذي نهض به السوريون تطلّعاً نحو المشروع القومي العربي الذي يحقق الاستقلال والسيادة والتحرر من أبشع نظام ثيوقراطي متخلف عرفه تاريخ العرب والعالم على حدّ سواء. ومنذ ذلك الحين كانت صرخة السوريين بوجه استبداد الطورانيين على صورة أغنية ( زيّنو المرجه ترى المرجه لنا...زيّنو المرجه لتلعب خيلنا).
وفي احتلال الفرنسيين زُيّنت ميسلون وكل المدائن السورية في الحرب الوطنية على الانتداب الأوروبي البغيض وتقاطرت قوافل الشهداء في كل المعارك التي اشتعل بها وطن الكرامة سورية حتى تم تحقيق النصر والاستقلال عام 1946. وفي الاحتلال الأوروبي الصهيوني لأرض فلسطين هبَّ أبطال الاستقلال السوريون ليقاتلوا الصهاينة الغزاة وزرعوا أرض فلسطين بالشهداء تطبيقاً لمقولة أن حصاد سنبلةٍ يجفُّ سيملأ الوادي سنابل.
وما زال الشعب الصامد الأبي في سورية يخوض معاركه ضد أعداء الله والوطن منذ حرب تشرين الظافرة 1973 التي كسرت فيها سورية بشهدائها البررة أكرم مَنْ في الدنيا، وأنبل بني البشر كما وصفهم القائد المؤسس حافظ الأسد شوكة العدو الذي لا يُقهر، وعرّتْ الغطرسةَ الصهيونية حتى تحوّلت دولةُ العدوان إلى حَمَلٍ دَعِيٍّ يطلب النجدة.
والشعار الذي طرحه بواسل الجيش السوري البطل الشهادة أو النصر خاض به شعبنا معاركه ضد العدو الخارجي والداخلي الذي يمثل الاحتياطي الرجعي المرتبط بالعدو الخارجي، وما زال منذ الهجمة على سورية بعد النتائج العظيمة لحرب تشرين حتى اليوم يحرّك الوطنيين ضد الحرب الإرهابية التي شُنّتْ على بلدنا عبر أربع سنواتٍ ونيّفٍ.
عفو زهر الدم يا وطن الكرامة، والتاريخ المجيد، لن يطفئوا شمسك بأفواههم طالما أن عناية الله تكلؤكَ. ولن ولن يستطيعوا لأن الله سيتمُّ نوره فيك ولو كره الكارهون. تآمروا عليك وجمّعوا نصف دول الأرض لكي يمسحوا جغرافيتكَ، وتاريخكَ، وثقافتك لكنهم وجدوك عصيّاً على الأخذ من الخارج، ومن الداخل قذفوك بكل أسلحة الرجعة، والتخلف، وقيم اللاوطنية، لكنك لم تهتز أمامه.
ادّعوا أن لهم شعبكَ أيها الوطن وها أنتَ تنتصر بشعبك الذي ادّعوه، وبجيش الشعب الذي يُعجزهم أن يقهروه. كذبوا على الناس بالشرعية وردّتْ لهم الناس كيدهم إلى نحورهم متمسكينَ بمن اختاروه ليكون المنقذ لهم من إرهاب الأرض الذي صبّوه.
إن عيد الشهداء يمرُّ هذا العام وشعبنا في ذروة المقاومة للحرب الوهابية الإرهابية عليه، وجيشنا يواجه قطعان الغرباء الإرهابيين الذين تضخّهم تركيا, وإسرائيل، والأردن عبر الحدود ليغيّروا وفق ما يزعمون الوقائع على الأرض ظناً منهم أن هذا التغيير سوف يكسر إرادة القتال السورية وسيفرض عليها شروط الحلف الأمر وصهيو وهابي.
لكن قدرة المواجهة عند جيش النصر في سورية ستحسم المعركة بالزمن القصير، باعتبار أن المخطط التآمري للحلف التركي السعودي الإسرائيلي القطري قد زجَّ بقطعان الإرهاب حتى يتخلّصوا منهم، ولو أنهم سيقتلون من شعب سورية من يقتلون، لكنهم عند نهاية المطاف سوف يُقتلون جميعاً على أرض الصمود سورية . نعم قذفوا بهم لكي يموتوا، فسورية كانت ولمّا تزل مقبرة الغزاة... ومن قاسيون أطلُّ يا وطني.