تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


كتاب و جائزة... فضاءات الذات في «جمع تكسير الأصابع»

رسم بالكلمات
الأثنين 28-6-2010م
حيدر محمّد هوري

صدر مؤخراً للشاعر« حكمة شافي الأسعد »عن دائرة الثقافة والإعلام في حكومة الشارقة مجموعة شعرية بعنوان « جمع تكسير الأصابع », وذلك بعد حصوله على المركز الثاني في المسابقة التي تنظمها هذه الهيئة ...

 يأخذنا «حكمة» في نصوصه إلى فضاءاتٍ تفيض بالأضواء والشهب, ليضيء لنا زوايا ذاته المعتمة, فترتسم في مخيلاتنا؛ أمكنةٌ وأزمنةٌ لم نألفها, فنقرأ في سطورها اشتياقاته للغُيّاب, وحنينه لأيّامٍ مضتْ, وأحياناً نقرأ محاولاته في  الوصول إلى غاياته التي تملّصت منه / منا:‏

لستُ نهراً كي ينتقيني السقاةُ        لستُ شرعاً يباعُ فيه القضاةُ‏

لستُ صوتاً يدحرجُ الخوف في الأرضِ وتهوي من عمق صوتي, الجهاتُ‏

يلتفُّ حكمة على ذاته كثيراً كشرنقةٍ تريد أن تصير فراشاً, لكن هذه الذات مجهدة وشاردة عن ملكوتها:‏

ولدتُ ..‏

وليس معي من بهاء التكوّن غيرُ جرأة مزج الأصابع‏

بالحبر والحلْم فجراً.‏

ولدتُ على الأرضِ جرحاً صغيراً‏

سيكبرُ في حاجبي كلّما كبرَ الوقتُ في داخلي .‏

تتجلّى في قصائده العزلة و الخيبة والخوف والقلق بكل سماتها وتفصيلاتها, لهذا سنعاني أثناء القراءة من الاضطراب كثيراً, لنرسو في نهاية المطاف على شطّ الدهشة والجمال:‏

هجرةٌ أولى لي, ولستُ أعودُ       كلُّ وهْمٍ عبرته موجودُ‏

أنا أسرى, تعدّدَ السجن بي,       لو واحدٌ ينجو , غافلته القيودُ‏

استخدم حكمة حواسه الخمس في كتابة القصائد, ليصنع لنا عالماً آخر يتجاوز حدود المألوف والعادي, من حيث الشكل والمضمون, فلا يستسلم للانفعالات والإغراءات التي تحيطه .. يوزعنا بين أفكاره ولغته النقية .. بين شاهدات القبور وفي الحضرات الصوفية, أو على بيادر الطفولة, فلا نستطيع أو لا نريد الخروج من هذه الدوامات التي وضعنا فيها:‏

شدّني الوقتُ, متُّ قبلَ زماني          خلف عمري ستعبثُ الأشباحُ‏

وورائي ينامُ ظلٌّ غريبٌ         بعثرَ الأرضَ في خطاهُ الصباحُ‏

الأنثى غائبة إلى حدٍّ كبير في نصوص حكمة, وإن كانت حاضرةً في الظلال, ربّما يريد الشاعر أن يحتفي بها لوحده:‏

أفقي عابقٌ بالهديلِ‏

لهذا الهديلِ بقايا على اسمكِ‏

لاتنفضي أغنياتِ الحمامِ عن اسمكِ‏

لا أشتهي أن أحبّكِ,‏

لكنّني قد أحبّكِ يوماً, لأنّي أحبُّ الحمام.‏

اللغة عند حكمة قائمة على أرضٍ ثريةٍ وخصبةٍ, تفضح ثقافة ابنها المجبول بماء الحلاج و ابن عربي, و ابن الفارض .. و .. و :‏

وأفنى على العتباتِ ,‏

وأدخلُ في الملكوتِ,‏

وأصبحُ سرب يمامْ‏

إذا شئتِ لي.. ولهذا التجلّي ,‏

وللقلبِ حين يصير مقابر‏

تعرف معنى الختامْ.‏

 ‏

أخيراً .. أرى أن الشاعر يسيّج  قصائده بالحميمية والعفوية في بعض الأحيان, وأحياناً أخرى يستخدم المجاز والانزياح كأسلحة سريّة, لمواجهة إغراءات الوجدان الفطرية لنحلّق في سموات الإبداع , والابتكار‏

(تقول الأقواس : هذه قراءةٌ في المحتوى وليست دراسة نقدية)‏

 haidarhorry@yahoo.com

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية