وقد اتفق مع كل من معروف وعمار، على أن تقضي ليلة معهما مقابل مبلغ/ 5000/ ل.س قبضها منهما. فاصطحبها المذكوران ليلاً إلى منزل جدة معروف الغائبة عن المنزل في مخيم اليرموك.. وعند الثالثة و النصف بعد منتصف الليل، انضم إليهما شقيق معروف «يامن» الذي راح يراود المرأة على نفسها خلافاً للطبيعة فرفضت ، وألح، فعزمت على مغادرة الشقة، فما كان من الثلاثة(معروف و عمار و يامن) إلا أن انهالوا عليها بالضرب المبرح، بعد أن ربطها يامن بسلك هاتف أسود، وراحوا يسحبونها في أرجاء الدار، و هم يركلونها بأيديهم و أرجلهم، إلى أن وصلوا بها حتى مدخل البناء، ودفعها يامن عن طريق الدرج، ليرتطم رأسهابطرف «صوفاية» خشبية في أسفل البناء، ما أدى لغيابها عن الوعي تماماً، بعد أن نزفت دماً من فتحتي الأنف و الأذنين.. وبدل أن يقوم الثلاثة باسعافها إلىالمشفى ، قاموا خشية «الفضيحة» بسحبها إلى الشارع العام، و تركوها هناك تلفظ أنفاسها الأخيرة، ثم لاذوا جميعا بالفرار، عندما شعر بوجودها ووجودهم الجوار..
أسعفت المرأة وهي بهذه الحالة المزرية إلى المشفى بسيارة عابرة وهناك لقيت حتفها متأثرة باصابتها البليغة في رأسها..
في ضبط الكشف الطبي الشرعي
أرجع الطبيب الشرعي سبب الوفاة إلى الأذية الدماغية الرضية التالية للرض على الرأس، وقد صدر عن قسم الأدلة الجنائية بفرع الأمن الجنائي بدمشق تقرير مصور بحادثة القتل بين مشاهدة دماء تنرف من فتحتي الأنف و الأذنين، كما لوحظ كدمات واسعة النطاق و متنوعة في أسفل جدار الصدر و الوجه الأمامي و الجانبي للفخذ الأيسر، وكدمات أخرى على ركبة المغدورة نزولا إلى ساقها فعنق القدم اليسرى، إضافة لسحجة واضحة للعيان في أسفل رجلها اليمنى، تشعر أنها مكان ربط شريط أو حبل، إضافة لسحجات متفرقة على الابهام والقدم و الساق والفخذ اليمنى، ولكمة على العضد الأيمن، و سحجات أخرى على أصابع اليد اليمنى، وكدمات مزرقة حول العينين..
في ضبط قسم الشرطة
اعترف الثلاثة( معروف و عمار و يامن) إثر إلقاء القبض عليهم في ضبط قسم شرطة اليرموك رقم 2639، باشتراكهم في الاعتداء بالضرب على المغدورة ، على النحو الموصوف..غير أنهم أنكروا أمام القضاء، اعترافهم هذا ، زاعمين أنه انتزع منهم في التحقيقات الأولية، بالإكراه والشدة..
وأضافوا القول: أن لا علاقة لهم بموت المغدورة، و إنما هي من رمت نفسها بنفسها من شرفة الشقة في الطابق الثاني، و أن ضربهم لها، لم يتعد أكثر من كف أو كفين..
غير أن هيئة المحكمة ردت أقوال المتهمين هذه، مؤكدة أنه لا يوجد في أوراق أو ملف هذه الدعوى ما يؤيد قولهم هذا لأن الكشف الطبي الشرعي لم يلحظ أي كسور في جسم المغدورة أو رأسها و هو الأمر المفترض إذا كانت قد سقطت فعلاً- حسب ادعاء المتهمين- من الطابق الثاني في الشقة.. كما ردت هيئة المحكمة ما أورده وكيل هؤلاء المتهيمن الثلاثة، في مذكرة دفاعه بأن موكليه كانوا غير مسؤولين عن تصرفاتهم أثناء وقوع هذه الحادثة لأنهم كانوا بحالة سكر شديد، أي : فاقدي الوعي تماماً ولا يدرون حقيقة بما يفعلون.. و أكدت هيئة المحكمة أن هذا الدفاع لا يسعف المتهمين بشيء، لأنهم كانوا يقومون بفعلهم المذكور( ضرب و تعذيب المغدورة) بعد مواقعتهم لها و نومهم، و من ثم يقظتهم ثانية بعد ساعات من النوم، حيث انضم معروف و عمار إلى يامن، و شاركوه في تربيط المرأة و سحبها بشريط داخل الشقة من رجلها، و من ثم هربوا بعد أن شاهدوها قد وصلت إلى حالة مزرية ما يؤكد أنهم كانوا يقومون بأفعالهم، وهم يدركون ما يفعلون..
في شهادات الجوار
شهود عيان أكدوا في هذه القضية، أنهم قد شاهدوا معروفاً وعامراً يدخلان بداية برفقة المغدورة إلى شقة الجدة.. كما رأوا فيما بعد يامناً ينضم لشقيقه معروف و صديقه عامر عند الثالثة و النصف بعد منتصف الليل. كما أكدت شهادات بعض الجوار، أنهم قد سمعوا طرفاً من الأحاديث الجارية داخل شقة الجدة، كقول معروف للمغدورة «لقد أعطيتك 1500ل.س و هذا يكفي» وامتعاض المغدورة الذي عبرت عنه بأن المبلغ كان ينقص 75 ل.س .
و أضافت شاهدة منهم:
أنها سمعت المغدورة تقول بعد دخول يامن بفترة «بدي روح بدي اطلع من البيت» إلا أنها لم تتابع ما جرى معها فيما بعد، لأنها دخلت من الشرفة و خلدت إلى النوم..
ابن هذه الشاهدة-( وهو ابن عم المتهمين معروف و يامن)- أكد من جانبه أنه شاهد معروفاً و عامراً يدخلان شقة جدته المجاورة لمنزله غير أنه لم يحرجهما بالدخول عليهما كما طلبت منه أمه، و إنما عاد ليعمل على الحاسوب حتى الساعة الخامسة و النصف حيث سمع خبطة قوية تصدر من خارج المنزل أمام مدخل البناء، فنزل إلى الشارع ليفاجأ بالمرأة مرمية أمام المدخل و الدماء تنزف من أنفها و أذنيها.. و عندما عاد ليوقظ والدته، طلبت أسعافها في أول سيارة عابرة..
والدة الشاهد أكدت من جهتها
أنها رأت معروفاً عندما ذهبت لاستطلاع الأمر، جالساً القرفصاء أمام جثة المغدورة، وهو يخاطبها قائلاً «يستر عرضك انهضي ولا تبليني» الأمر الذي أثار استغرابها كثيراً، بمثل ما استغربت خروج عمار من البناء حافي القدمين، حيث غادر الشارع خلف معروف مسرعاً..
مع زوج المغدورة
في ضبط قسم شرطة ببيلا(رقم 2749) اعترف زوج المغدورة بتسهيل الدعارة لها لقاء المنفعة المادية، إلا أنه زعم أمام هيئة المحكمة أنه قد ندم على ما فعل عندما علم بما حصل لها مع معروف وعمار، فلجأ إلى الإبلاغ عن تغيبها و رغم علمه أنه من أرسلها لممارسة الدعارة مع الغير مقابل المنفعة المادية.. الأمر الذي حدا بقاضي التحقيق في دمشق إلى الظن عليه بجنحة «إشغال السلطات» إضافة لتسهيل الدعارة ومحاكمته تلازماً و توحيداً مع الجرم الأشد.. أمام محكمة الجنايات بدمشق..
التشدد بالعقوبة
يذكر أخيراً أن محكمة الجنايات الأولى بدمشق، ارتأت الارتفاع بالعقوبة في هذه القضية عن حدها الأدنى، ورغم إسقاط والدة المغدورة وورثتها الشرعيين لحقهم الشخصي تجاه المتهمين، ارتأت هيئة المحكمة حجب الأسباب المخففة التقديرية عنهم، معللة ذلك بأنهم قد ضربوا عرض الحائط بالقواعد الاجتماعية و الأخلاقية، ما أثار هلع واضطراب الناس ببشاعة ما اقترفوه من جرم..
وبناء عليه صدر مؤخراً عن هذه المحكمة القرار رقم 40 في الدعوى أساس 173 لعام 2009 المتضمن بالاتفاق ما يلي:
تجريم المتهمين معروف / تولد1985/ وعمار تولد 1960 و يامن تولد 1988 بجناية الايذاء المفضي إلى الموت بسبب سافل ومعاقبة كل منهم بوضعه في سجن الأشغال الشاقة المؤقتة مدة /12/ عاماً وحبس زوج المغدورة المدعى عليه/ ماجدتولد 1965/ مدة سنة مع الغرامة عن جنحة تسهيل الدعارة.
وحبسه مدة شهر عن جنحة (إشغال السلطات) مع دغم العقوبتين و تنفيذ الأشد..