ويؤكدون ارتباطهم بأرضهم واستعدادهم لتقديم أرواحهم ودمائهم في سبيل حرية وطنهم وكرامته وإصرارهم على دحر الغزاة مهما بلغت قوتهم وتعاظم بطشهم.
ففي الرابع والعشرين من تموز من كل عام تستوقفنا بإجلال وخشوع ذكرى المعركة المجيدة التي جسد فيها البطل يوسف العظمة ورفاقه الأبطال قيم البطولة والإباء ومناقب التضحية والفداء، وقيمها كانت ولم تزل رمزاً للشهادة والتضحية، والأجيال التي عرفت معنى معركة ميسلون ضد المحتل الفرنسي، خلدتها حية في نفوسها لإنجازاتها العظيمة برجالها الأبطال الذين أعطوا المحتل الفرنسي دروساً في التضحية والفداء رغم أنها كانت محسومة النتائج لمصلحة العدو المجهز بأحدث الوسائل العسكرية.
فمعركة ميسلون كانت وقفة عز وشموخ، وكانت البداية لمسيرة نضال طويلة تابعها كوكبة من رجال سورية الأشداء، اختاروا الكفاح المسلح طريقاً مسيجاً بالتضحية والفداء والدماء، وتصدي الشهيد العظمة والقوى الوطنية السورية للغازي الفرنسي أثبت أن المقاومة تعد الأسلوب الوحيد والأنجع في مواجهة المحتل وأن السوريين لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتخلوا عن إرادتهم الوطنية وتمسكهم باستقلالهم ووحدة أراضيهم وحريتهم أو ينصاعوا لإرادة الغازي المحتل.
ورغم أن معركة ميسلون لم تكن متوازنة في العدد والعديد مع القوات الغازية، إلا أنها جعلت الجنرال غورو يدرك تماما أنه لا يمكن كسر إرادة الشعب السوري حيث تحولت هذه المعركة إلى شرارة أشعلت المقاومة في وجه المحتل الفرنسي في كل أرجاء سورية لتحقيق جلاء المستعمر الفرنسي عن بلادنا عام 1946بعد نضال طويل ومشرف.
فالتاريخ يسجل للسوريين رفضهم إملاءات الاستعمار على مر التاريخ وهذا ما حصل بالفعل عام 1920 حين رفض الشعب السوري إنذار غورو الشهير الذي حاول من خلاله فرض الانتداب على الشعب السوري وحل الجيش الوطني وعلى أثرها قام وزير الحربية يوسف العظمة ورفاقه والمتطوعون بمواجهة هذا الإنذار بكل بسالة وشجاعة واتجهوا إلى ميسلون لمجابهة القوات الفرنسية الغازية التي تحركت باتجاه دمشق رغم معرفة البطل العظمة بعدم تكافؤ القوى مع المستعمر الفرنسي المدجج بأعتى أنواع الأسلحة حيث أسفرت المعركة عن استشهاد البطل العظمة وعدد كبير من المقاتلين بعد أن سطروا أروع ملاحم البطولة.
معركة ميسلون ستبقى منارة تعززها الانتصارات التي حققها شعبنا منذ فجر التاريخ، وأثبتت هذ المعركة أن إرادة التحرير تفوق أي اعتبار ومحبة الوطن تسمو وترتقي كلما ازداد الخطر وأكدت أن سياج الوطن محمي بالرجال الأبطال وأن أعلى القيم القتالية هي حب الشهادة والاستشهاد في سبيل الوطن، وذاكرتنا الوطنية لا يمكن أن تنسى رجال الثورة الكبار الذين يأتي في مقدمتهم يوسف العظمة الاسم الذي يذكره الجميع بكثير من الفخار لأنه جدير بالخلود، يتغنى الصغار في مدارسهم باسمه وتضحيته ويقدسون شهادته في سبيل عزة وكرامة أمته.
وفي هذه الذكرى يجدد السوريون تمسكهم بإرث آبائهم وأجدادهم والسير على نهجهم في الدفاع عن وطنهم والوقوف مع جيشهم الباسل الذي يسطر حاليا أروع البطولات والتضحيات في مواجهة التنظيمات الإرهابية المدعومة أميركيا وغربيا وصهيونيا، ومن دول إقليمية وأنظمة مستعربة، وهو اليوم أكثر عزماً وتصميماً على دحر الإرهاب واجتثاثه من جذوره.