إنه الفنان يزن خليل الذي خاض مؤخراً غمار تجرية سينمائية قد لا تتكرر من خلال تقاسمه دور البطولة مع الممثلة ربى زعرور في فيلم دارت أحداثه ضمن مكان واحد ويقوم أساساً على ظهور ممثلين اثنين فقط في معظم مراحله، وجاء بعنوان (يحدث في غيابك) إخراج سيف الدين سبيعي وتأليف سامر إسماعيل وإنتاج المؤسسة العامة للسينما.
- حول خصوصية تجربته في الفيلم الجديد تمحور اللقاء معه، والبداية من الصعوبات التي واجهته وخاصة أن التجربة اعتمدت على ممثلين اثنين فقط، يقول:
-- لم أفكر في الموضوع من هذه الزاوية وإنما من طبيعة النص وما يقوله، فهي تجربة خاصة بالنسبة إلي، والفيلم ينطلق من الخاص إلى العام عبر حكاية تبدو أنها تجري بين اثنين، ولكنها تحمل بعداً رمزياً عميقاً جداً، وأظن أنه من المفروض أن يمس الفيلم على المستوى الانساني أي شخص موجود في الصالة لدى عرضه.
كانت التجربة ورطة، ولكنها ورطة لذيذة، ومسؤولية كبيرة أن أحمل مع ربى عبء أننا الممثلان الوحيدان في الفيلم، وأتمنى أن نكون قد أدينا المهمة بشكل لائق.
- بأي عين قرأت النص؟
-- قرأته عدة مرات، القراءة الأولى للاطلاع على الحكاية وما الذي يقوله النص، لأنه يهمني معرفة كيف كتبت القصة وما فيها من أفكار، فالـ (كيف) في الفن أمر مهم جداً، وكما يقول الجاحظ إن الأفكار موجودة على قارعة الطريق ولكن تحتاج لصياغة، وبالتالي كان من الأهمية بمكان معرفة كيف نحكي عن هذه الأزمة الإنسانية العميقة، أما القراءة الثانية فكانت بعين الممثل وماذا يقدم لي الدور على المستوى الشخصي، وتبع ذلك قراءات متتالية.
- خصوصية وجود ممثلين أساسيين على مدار الفيلم إلى أي مدى وسّع من هامش مغامرة الإمساك بالمشاهد منذ اللحظات الأولى ؟
-- الأمر مرتبط بالجهد المبذول وقد بذلنا أقصى ما لدينا، وأتمنى أن نمسك الناس، ولكني لم أفكر في الأمر من باب الخوف منه كي لا يتحول إلى عائق، وإنما فكرت فيها وباب أنه علي تأدية مهمتي كممثل في هذا الفيلم.
- على ماذا اتكأت في رهانك على أداء الشخصية؟
-- الرهان على الصدق، وأن أكون حقيقياً إلى درجة يشعر فيها المشاهد أن هذا ما يحدث فعلاً في هذه اللحظة، وبطبيعة الحال هذا رهان الممثل أينما كان، ولكنه في هذا الفيلم أعمق وأصدق بكثير لأن القصة خاصة جداً وإنسانية بمستوى عالٍ، فالرهان كان بالنسبة إلي هو أن أكون مُقنعاً.
- كيف يمكن أن تقنع المشاهد بالتحولات الكبيرة التي مرت بها الشخصية؟
-- هذا مرتبط بالعمل الجماعي، فالنص قدم التحولات بشكل منطقي وسلس، واشتغل المخرج على هذه التحولات لتكون منطقية ومقنعة ولا تبدو مفبركة أو مرتبة، وعلي كممثل يجسد الشخصية أن أصدق كل هذه التحولات، وبالتالي المفروض أن يراها المشاهد ويصدقها على الرغم من أنها تحولات حادة وكبيرة، ولكنها تحدث، وقد تساعدنا كلنا (أنا وربا والمخرج والكاتب ومدير الإضاءة والتصوير..) لتبدو النقلات الحادة صادقة ومقنعة.
- ضمن هذا الإطار إلى أي مدى الشراكة الإبداعية مهمة في العمل؟
-- مما لا شك فيه أنها مهمة، فالممثل في النتيجة جزء من هذه الماكينة الكبيرة التي تبدأ بالكتابة ولا تنتهي عند المونتير والموسيقا وحتى عند المشاهد نفسه، فنتوافق مع بعضنا بعضا ومع الجمهور ليبدو العمل محترماً، وهذا جهدنا كلنا فالسينما مهنة جماعية.
- ما الإضافات التي قدمتها للشخصية؟ أين بصمتك الحقيقية فيها كممثل؟
-- قبل الدخول في التصوير أجرينا عدة جلسات أنا والممثلة ربا والمخرج، وكانت هناك مجموعة من الملاحظات التي ليس لها علاقة بإضافات وإنما بنقاش حول عدد من المشاهد، تناقشنا حولها ووصلنا إلى صيغ مشتركة حتى تكون بالنسبة إلي مُبررة أكثر، وساعدني المخرج لأقدم الشخصية بشكل لائق أكثر ولتخدم الفيلم، وهو أمر يحدث دائماً عندنا في سورية، فالممثل شريك ولا يأتي ليؤدي دوره ويذهب وإنما يقترح ويجتهد، والمخرج سيف صدره رحب ولديه إيمان أن الممثل عنصر مهم وبالتالي يعيطه كامل المساحة التي يمكن أن يأخذها، وكانت هناك بعض الأمور التفصيلية الصغيرة التي عدلناها وتوافقنا عليها مع الكاتب والمخرج ومجموعة العمل، اتفقنا على صيغة وانطلق التصوير.
- كيف أتى إيقاع الشخصية؟
-- هو إيقاع مرتبط بالحدث وبالتحولات التي تجري في الفيلم، فعندما يكون ما يحدث معه الآن صاخباً يكون إيقاع الشخصية صاخباً، وعندما يكون ما يحدث معه إنسانياً عميقاً يكون إيقاعها مثل أي شخصية في الحياة، فإيقاعك يأتي من إيقاع ما يحدث معك، هو مرتبط بمزاجك في هذه اللحظة، الحدث هو من يقود الإيقاع، وبالتالي جاء إيقاعي وفق إيقاع الفيلم.