تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


سينما.. الجمـــــــال.. حيــــــن يرتــــــــدي الأســـــود..

ثقافة
الاربعاء 24-7-2019
لميس علي

ما هو الفرق الذي كان سيحدث لو أن بطل فيلم (مطاردة السعادة- The pursuit of happiness)، لم يكن ويل سميث، بمعنى لم يكن نجماً هوليوودياً أسود البشرة..؟

‏‏

ثمة نوع من قيمة مضافة تم إلحاقها بالفيلم لكون البطل ذا بشرة سوداء.. وهو ما نشعر به إزاء أي فيلم قدمه دينزيل واشنطن أيضاً..‏‏

كيف الحال مثلاً مع فيلم (المعادل، The equalizer) فيما لو جاء دون الحضور المميز لـ(واشنطن).. وغيره من أفلامٍ طُبعت ببصمته الخاصة..؟‏‏

حين نشاهد هؤلاء الممثلين يمكن لنا وصف الجمال القائم على حضورهم بكونه «أسودَ»..‏‏

ويمكن للجمال أن يأتي بمختلف تموجات الألوان.. وليس فقط بتدرجات مابين الأبيض والأسود.‏‏

الأجمل من كل ذلك أن لا توجد هوية لونية تطبع «الجمال».. لكنها تصنيفات تقوم عليها دراسات وأبحاث وصولاً إلى الفلسفات.‏‏

في كتاب «فلسفة علم الجمال الأسود»، يذكر (بول. س. تايلور) حادثة تعود لعام 1790، في مرفأ جنوب أمريكا.. الميناء كان جزءاً من المستعمرة الهولندية حينذاك. رست إحدى السفن على الرصيف المحمّلة بالعبيد والتي وصلت من ساحل الذهب الهولندي من بلد يُعرف الآن باسم غانا. يخرج من السفينة عبيد سيصبحون أمريكيين أفارقة.. يفاجئون الجميع «أن لهم نجوماً في شعرهم».‏‏

يشرح تايلور: «ليست نجوماً حقيقية بالطبع. فالواصلون الجدد قد حلقوا رؤوسهم. تاركين رقعاً من الشعر على شكل نجوم وأنصاف أقمار (أهلة)».‏‏

ويعيد الكاتب التذكير بأن الحادثة التي يرويها مأخوذة من دراسة انثروبولوجية تدعى «ولادة الثقافة الأميركية الأفريقية».. ويرغب أن يراها نوعاً من ولادة علم الجمال الأسود.‏‏

فأولئك «الأفارقة المقتلعين من جذورهم تم تحديدهم ليصبحوا أمريكيين أفارقة لأنهم كانوا يُنظر إليهم أولاً ويعاملون بوصفهم سوداً. لقد وضعوا النجوم في شعرهم ردّاً على هذا الحشر القسري في بوتقة العرقنة. لكونهم مجردين من قدر الإمكان من سلاحهم الثقافي الموجود مسبقاً، فقد كان عليهم أن يستبدلوه بشيء ما، أو أن يضعوا حاجزاً مؤسلباً فيما بينهم وبين القوى الاجتماعية الجديدة التي أُجبروا على التصارع معها».‏‏

هل يمكن لجماليات «الأسود» أن تنزلق نحو منحدرات السياسة..؟‏‏

ألا يمكن أن توظّف كقوة ضاغطة في أحد مناحي الحياة المختلفة..؟‏‏

في عام 2016، تم إطلاق دعوات لمقاطعة حفل الأوسكار بسبب خلو قائمة الترشيحات العشرين لفئة الممثلين للعام الثاني على التوالي من أسماء لممثلين سود.. ويُذكر أن ويل سميث انضم لهذه المقاطعة..‏‏

هل تكرّس مثل هذا الدعوات العرقنة أم تمنح مزيداً من مساواة مطلوبة..؟‏‏

هل ننظر فعلياً إلى بشرة أوبرا وينفري.. وتوني موريسون.. حين نتأثر بأفعال الأولى وكتابات الثانية..؟‏‏

أيكون اللون هويةً ومحدداً أولى لوجود الإنسان..؟‏‏

وكيف يمكن التقاط تقاطعات ما بين علم الجمال وعلم الأخلاق حين يتمّ فرز الأول «لونياً»، حسب لون البشرة/الانتماء الجيني..؟‏‏

ثمة الكثير من القناعات والدعوات إلى أن «الجمال» وحده ينقذ العالم.. ويبدو أنه كان نوعاً من ممارسة فعلية حقيقية من السود في وجه ممارسات بشعة وغير إنسانية ولا جمالية تمّت ضدهم.. وكما لو أنه وسيلة لم تمنع ولوجهم إلى منزلقات السياسة.. بمعنى القدرة على التأثير.. تماماً كما حدث مع الموسيقي الأمريكي الأفريقي لويس أرمسترونغ عبر جولة في القارة السوداء عام 1960.‏‏

كان أرمسترونغ يرفض أن يكون أحد سفراء الجاز لوزارة الخارجية الامريكية.. لكنه وافق بعد أن تعهدت الحكومة بالتدخل بالأزمة التي نجمت عن مساعي إزالة الفصل العنصري في ليتل روك، أركانساس.. وهو مثال واضح على أن ممارسي علم الجمال «الأسود» يمكن لهم أن ينجزوا انزلاقهم من الثقافي إلى السياسي.. لأنه وبحسب تايلور (علم الجمال الأسود موضوع سياسي بشكل لا يمكن تجنبه).. وهو تصنيف لا يخلو من القسر.‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية