رافضاً حل الدولتين الذي تنادي به الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مقترحاً السلام مع سورية من دون الانسحاب من الجولان المحتل.
ليبرمان الذي عرف عنه في السابق أنه رجل المهمات القذرة استحق في السنوات الأخيرة لقب صاحب أقذر لسان نظراً لسلاطة لسانه وبشاعة تعبيراته.
ويبدو أن المعضلة مع هذا الفاشي لاتكمن فقط في عنصرية لسانه القذر، بل أيضاً في سياساته النازية، فهو يريد إجراء فحص دم لكل عرب 1948 لمعرفة مدى ولائهم ليس لإسرائيلية دولة إسرائيل بل ليهوديتها، وإذا ما سقطوا في هذا الامتحان فسيحق إسقاط الجنسية عنهم.
لم يأت أفيغدور ليبرمان بجديد حين قال إن إسرائيل غير ملزمة بمسار أنا بوليس، وهو ماكانت ممارسة حكومة أولمرت السابقة، والفارق بين ليبرمان وتسيبي ليفني، هو أنه باح بالسياسة الفعلية لإسرائيل منذ مؤتمر مدريد عام 1991، وكشف الوجه الإسرائيلي الحقيقي المعادي للسلام، وأسقط القناع عن الوجه القبيح لحكومة بنيامين نتنياهو الجديدة.
ويبدو أن المهمة الأولى لتصريحات ليبرمان هي إثبات أن حكومة اليمين المتطرف في إسرائيل لاتريد ستر عورتها، وأنها لاتخجل من إظهار حقيقتها العنصرية فليبرمان ليس قادماً من عالم آخر، إنه ابن الليكود، ودخل غمار السياسة من بوابة بنيامين نتنياهو هو الذي خاض وإياه غمار السياسة في الليكود وصولاً إلى زعامة الحزب ثم في الحياة العامة وصولاً إلى رئاسة الحكومة في ولايته الأولى، وكان ليبرمان رسمياً وفعلياً المدير العام لليكود ولدولة إسرائيل في عهد نتنياهو.
وربما لهذا السبب لم تصدر عن الليكود أي إشارات احتجاج لتصريحات وتهديدات ليبرمان الذي صنب الحكومة الجديدة بصبغته العنصرية البغيضة.
إن مجرد سكوت نتنياهو عن طروحات ليبرمان التي ترفض مفاوضات السلام من أساسها يعني أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يقف وراء هذا الرفض.
عدا عن ذلك ، فإن اتفاق نتنياهو- ليبرمان على مصادرة المزيد من الأرض الفلسطينية، لإقامة مستوطنات يهودية شرقي مدينة القدس المحتلة.
هو الخطوة الأولى للحكومة الإسرائيلية الجديدة لتأكيد عدم إيمانها بالسلام أو إيجاد أي تسوية ممكنة مع الفلسطينيين، خصوصاً أن كلاً من نتنياهو وليبرمان لديهما رؤية مشتركة للقضاء على أي إمكانية لإقامة دولة فلسطينية محتملة عاصمتها القدس الشريف.
فالأول معروف عنه عدم إيمانه المطلق بالسلام، فهو ضد تجميد الاستيطان الذي يشكل نقطة محورية في أي مفاوضات للسلام ويتمسك بالقدس عاصمة موحدة (للدولة العبرية)، رافضاً الانسحاب من الجولان ورؤاه للحل تقوم على السلام الاقتصادي مع الفلسطينيين والعرب وصولاً إلى الشرق الأوسط الجديد الذي تلعب فيه إسرائيل دور المحرك الاقتصادي للمنطقة، والمهيمنة سياسياً وعسكرياً في جميع الأحوال.
وخلافاً للولايات المتحدة الأميركية فإن حل القضية الفلسطينية يتمثل بإقامة الدولتين، فإن نتنياهو ومعه ليبرمان يريدان اعترافاً (بدولة يهودية) قبل أي حديث عن دولتين.
أما الآخر، فمواقفه العدائية سبقت قدومه إلى الحكومة وسياسته تقوم على مبدأ الدولة من خلال طرد فلسطينيي الـ 1948 من أرضهم وتوسيع رقعة الاستيطان في الضفة الغربية، ورفضه المطلق لإقامة أي كيان فلسطيني مهما كان شكله أو حجمه.
وعلى هذا، فإن سياسات العدوان والضم والاستيطان والحصار ستكون سمة من السمات الأساسية لاستراتيجية هذه الحكومة المعادية للسلام، وهذا يعني أنه لم يعد هناك أمل في التسوية، بل على العكس من ذلك، فإن المنطقة مقدمة على مخاطر جديدة وخطيرة تستدعي من العرب الصحوة، وعدم الرهان على الخلاف الأميركي- الإسرائيلي لأن هذا لن يحدث مطلقاً، فالمصالح بين الدولتين متطابقة ولايمكن أن تقف أحدهما ضد الأخرى.
لقد بات واضحاً للعيان أن حكومة نتنياهو ومعها اليمين المتطرف وكل أشكال الطيف السياسي في إسرائيل يريدون السلام لبني جلدتهم فقط، ويريدون السلام مع الدولة اليهودية النقية القائمة على ترحيل من تبقى من فلسطينيي عام 1948، ويريدون السلام ومعه القدس يهودية خالصة لهم دون غيرهم ليس فيها فلسطينيون ولا مقدسات ويريدون من الدول العربية المحيطة بهم أن تقوم بدور الحارس لهم ولحدودهم.
مجرمو الحرب والترانسفير والاستيطان هؤلاء يريدون السلام ومعه نسف حق العودة من جذوره، وشطب كل مايقال ويحكى من قرارات دولية أو مواقف للشرعية الدولية في هذا الشأن.
يريدون السلام ومعها الأرض بما في ذلك الجولان السوري المحتل.
يقول ليبرمان: يخطىء من يظن أنه عبر التنازلات سيتحقق السلام، إنه فقط يستدعي الضغوط والمزيد من الحروب، ورغم أن التنازلات التي قدمتها إسرائيل من عام1967 أضعفت مكانتها في العالم بعد أن كانت في الذروة منذ العام 1967. هذا هو مفهوم السلام عند نتنياهو وحكومته المتطرفة، ألم يحن الوقت بعد، كي يراجع العرب مواقفهم وأداءهم بعدما ثبت بالدليل القاطع أن السلام مع عدو مغتصب للأرض والحقوق ليس أكثر من سراب وكذب وخداع وتضليل؟.