تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


حكاية(شايلوك) الجديدة

كل أربعاء
الأربعاء 29-4-2009م
سهيل ابراهيم

يروي الرواة أن ليندون جونسون حاكم البيت الأبيض الأمريكي في أيام نكسة حزيران 1967 وما بعدها من الأيام التي شربنا كؤوسها المرة, كان قد صارح حاكما عربيا من حكام تلك المرحلة,

إثر صدور القرار 242 عن مجلس الأمن الدولي, والذي نص فيما نص على عدم جواز احتلال أراضي الغير بالقوة, صارحه بمزيج من الجد والهزل إن هذه الفقرة من القرار الدولي تثير فيه الدهشة, وتحرضه على الضحك, إذ كيف يمكن إذا للمرء أن يستولي على أرض الغير إن لم يستخدم القوة, ربما يعرض شراءها -والقول لجونسون- لكن إذا تعذر شراؤها, فهل هناك من سبيل آخر للسيطرة عليها غير قوة السلاح؟؟‏

وبغض النظر عن الثقافة الأمريكية الموروثة التي كان جونسون يجدف في بحرها وهو يحلل للسلاح استباحة الأرض في كل فجاج الدنيا, باعتباره سليل غزاة طهروا القارة الأمريكية من وجهها الأحمر ورفعوا أعلامهم على ولاياتها بالبارود والعملة التي صارت صعبة فيما بعد, بغض النظر عن ذلك, فإن هذه الثقافة التي تعارض كل شرائع البشر, المتعارف عليها والموثقة في نصوص القانون الدولي , تحولت مع السنين إلى نهج سياسي أمريكي كاد العالم في وقت من الأوقات, يغض عنه الطرف ويتعايش معه ويهديه توقيعه الصريح في مجلس الأمن حين تصل الأزمات إلى ذروتها وتدق ساعة الحقيقة.‏

أفيغدور ليبرمان الصهيوني القادم إلى فلسطين من حراسة ملاهي كاليفورنيا ليصبح بعد سنوات بمشيئة الناخب الصهيوني, حارسا للدبلوماسية الصهيونية, ليبرمان هذا يعرض علينا نسخته الجديدة من رواية الاستيلاء على أراضي الغير بالقوة, ويطورها على خطا أسلافه من عصابات شتيرن وهاغانا, فيؤسس لنظرية الإيجار والاستئجار.‏

تفتقت عبقرية(شايلوك) في أيامنا مرة أخرى, فبعد استيلائه على هضبة الجولان منذ اثنين وأربعين عاما بقوة السلاح الأمريكي, وتصويت الكنيست الصهيوني على ضمها لفلسطين التاريخية وإطلاق قطعان من المستوطنين في شعابها, جاء شايلوك الصهيوني ليعرض علينا إيجارها لمئتي عام, كي ينقذ ماء وجه السلام الذي يصوب كل يوم على حمائمه في سماء المنطقة هو ومن معه اليوم ومن سبقه من تجار الأوهام التي لن تبلغ عتبات الواقع حتى ولو طال نسجها لستين عاما آخر.‏

هو عرض مكتنز بثقافة الكاوبوي, التي رضع ليندون جونسون من حليبها, وثقافة القوة التي تصنع الحق, في عالم استلبت فيه قوة الحق, لكنه مكتنز أيضا بالقصور عن رؤية الأرض الجديدة وحقائقها الجديدة, فليبرمان لم ير بعد تلك الصروح الامبراطورية التي راحت تتصدع وتوشك بعض أعمدتها على الانهيار ولم ير تلك الصروح الفتية التي بدأ العالم يرقب نهوضها في أقصى الشرق ولم يعط أذنيه لصدى العجز الذي حوصر فيه جنوده الصهاينة في الأعوام الأخيرة على مشارف جنوب لبنان ومداخل غزة, هو لا يعرف أن الصورة بدأت تتغير, وأن حربة الصراع أخذت بتبديل وجهتها, وأن مهزوم الأمس, سوف يكون منتصر الغد, وأن السلاح والدولار وعروض الإيجار والاستئجار لا تستطيع جميعها أن تنفرد بصنع الحقائق على الأرض.‏

لدينا وطن للحياة والأحلام وشجر التفاح وشقائق النعمان, هذا الوطن ليس للبيع والشراء وليس للإيجار, هو وطن القامات المجللة بوقارها وتاريخها وعمائمها البيضاء, لا يصلح للإيجار حتى ولو كان صاحب العرض حارسا أتى من ملاهي كاليفورنيا, ليحرس الخارجية الصهيونية برتبة وزير, وطن للتحرير لا للاحتلال, لأعراس صبايانا وشبابنا, لا لقطعان المستوطنين, لأحلام أطفالنا لا لبنادق المرتزقة, وطن لمرابض مدفعية جنودنا لا للكيبوتزات العابرة إلى النسيان, هذا الوطن ليس للإيجار.‏

تعليقات الزوار

أيمن الدالاتي - الوطن العربي |  dalatione@hotmail.com | 29/04/2009 01:25

هذه الحكاية المبكية المضحكية , فعلها شايلوك سابقا مع أرددنا الشقيق ونجح, وسيفعلها خفية مع مصرنا العربية وسينجح لاسمح الله,ويفعلها علنا مع السلطة الفلسطينية,فتندفع هذه السَلَطة تبصم بالعشرة على العقد دون قراءته : هل هو إيجار أم استملاك , لكن شايلوك الجديد بحكايته القديمة هذه لن ينجح حتى في سرد الحكاية مع سورية العربية , لأنها سورية الأمينة على العروبة, والتي تجيد وحدها دون كل شقيقاتها قراءة مابين السطور.

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية