تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


مجنون يحكي وعاقل يسمع

صفحة ساخرة
الخميس 23-4-2009
عادل أبو شنب

طـــــق حنــــــك..

-1-‏

اعتدت على الاستيقاظ مبكراً كل يوم، لكنني أفقت هذا الصباح في وقت مبكر أكثر، ورأيتني معكر المزاج أشعر بعوارض مرض يصيبني، ما جعل مزاجي حاداً ونفسي تضيق لأتفه الأسباب، فتعوذت بالله على هكذا يوم، مزاجي معكر منذ صباحه الباكر.‏

كانت الزوجة والأولاد يحترمون مزاجي المعكر لئلا ازداد شططاً في مزاجي السيئ المعكر، كانوا يتحدثون بهمس ولا يأتون بحركات غير عادية، كي لا أنفجر.‏

قمت وطلبت فنجان قهوة فإذا بجرس الباب يرن، وحسبت أنه الباب الخارجي الذي يقع أسفل البناء، فتساءلت عمن يكون الشخص الذي رن الجرس، ورأيت وسمعت الجرس يرن بقوة، فأصابتني نوبة من الغضب، وقلت: من هذا الرجل المزعج الذي طرق بابنا في وقت أصبت فيه أنا بإعياء ومرض؟ وصرخت: من ذا الذي يقرع الجرس؟ فلم يجبني أحد لأن الزوجة والأولاد كانوا يتناولون فطورهم في المطبخ البعيد عن الباب، ولما تكرر رنين الجرس أكثر من المألوف، قمت إلى المطبخ لأنبه زوجتي وأولادي إلى رنينه، وطلبت منهم أن يفتحوا الباب الخارجي كي يصعد القادم إلينا ويقرع جرس البيت ونعرف من هو، وأردفت:‏

- ألا يعرف هذا الحيوان أنني مريض وأنه يطرق الباب كأنه يرن الجرس في أذنيي، ألا يعرف أنه حيوان عديم الإحساس فاقد الشعور بالمسؤولية؟‏

-2-‏

كم كان عجبي وخجلي كبيرين عندما اكتشفت أن الزائر هو ابن عمي الذي كثيراً ما دعوته لزيارتي، فكان يعتذر لأشغاله، وزاد في عجبي ودهشتي أن ابن العم العزيز كان يقرع جرس باب البيت وليس الباب الخارجي ما يعني أنني أعامله معاملة غير إنسانية، وأن دعوتي له لزيارتي ليست سوى طق حنك مما نستعمله نحن في هذه المدينة في وصف الفضوليين غير المرغوب فيهم.‏

يبدو أن الصفات التي أطلقتها عليه قد دخلت أذنه كأنني أعرف من هو ولا أريد مثل هذه الزيارة، وأنني كنت أجامله عندما كنت أدعوه!‏

عندما دخل ابن العم العزيز البيت بعد أن فتح له أحد أولادي، لمحت شبح ابتسامة معاتبة على جانب فمه، كأنه كان يقول لي: لماذا أردت أن أزورك إذاً كنت تريد وصفي بالحيوان فاقد الإحساس والمسؤولية؟ لكنه لم يقل شيئاً، بدا مهذباً لطيفاً كعادته، وبدوت أمامه كالقملة المفروكة من شدة خجلي وارتباكي ونزقي وسرعة الحكم على الزائر قبل أن أراه، وفي هذا رعونة وعدم ذوق.‏

-3-‏

بعد عدة أيام زرت ابن العم في بيته، وعلى الرغم من أنني أعرف أنه فيه قالت الخادمة: أنت فلان الفلاني؟ قلت: نعم. قالت: البيك غير موجود يا بيك!‏

وهكذا عاقبني ابن العم العزيز على طيشي ونزقي واستهتاري بمن جاء لزيارتي بعد إلحاح مني أن يزورني، وتعلمت بعدها ألا أتصرف على هذا النحو مطلقاً.‏

ومجنون يحكي وعاقل يسمع.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية