تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


ســـيرة الحـــــب .. العنود في زيارة قاسم

صفحة ساخرة
الخميس 23-4-2009
خطيب بدلة

ملاحظة: يمكن قراءة كل حلقة من هذه السيرة دون الاطلاع على الحلقات السابقة واللاحقة.

المال- كما يقولون في الأمثال- يجر المال والحديث يجر بعضه بعضاً، وخصوصاً في بلاد العربان حيث أوقات الفراغ أكبر بكثير من أوقات العمل والإنتاج،‏

فما بالك بالحديث الذي يحيكه رجل موسوعي مثل صديقي صمود الذي يحفظ التاريخ الاجتماعي لمدينة إدلب عن ظهر قلب ويرويه بطريقة تأخذ بالألباب.‏

وما بالك إذا كنت أنا أعرف كيف أستدرجه إلى الكلام وأنبش في ذاكرته الخصبة.‏

قلت له والضحك يكاد يغلبني: ما هي أخبار صديقك قاسم دق البسمار؟‏

فقال: مسكين قاسم، الله يكون في عونه، يوم كانت زوجته على قيد الحياة كان لديه حلم بأن تتعطف عليه فتموت قبله لكي يعيش بضع سنوات من دونها! وكان يعبر عن هذه الرغبة والدعاء عليها بالموت حينما نسهر في مكان لا يوجد فيه أحد يمكن أن يشي به لديها مهما كلف الأمر.‏

كانت المرحومة تحاصره، ولا تترك له مجالاً لأن يتصرف بشيء أو يعبر عن رأيه في أي مسألة تطرح على بساط البحث أمامه، فما إن يتنحنح ويقول (أنا رأيي أن..) حتى تنبري له وتقول: اسكت! منذ متى وأنت تفهم هذه المسائل؟!‏

وحجتها في قمعه وكمِّ فمه أنه أرعن، و(نزواتيٌّ) يتصرف بغريزته وليس بعقله، وهي تخاف من أن يرتكب حماقة تؤدي إلى تمريغ سمعة الأسرة في الوحل! وكانت قد اتفقت مع ابنها الصغير الذي أطلق عليه لقب (المفسد) على أن يشتغل مخبراً لديها، مخصصاً لمراقبة أبيه، لقاء نصف ليرة سورية تدفعها له سراً كل يوم سبت، عدا الخرجية التي يخصصها له أبوه، بينما إخوته يمضون الأسبوع كله على ربع ليرة. وفي ذات مرة حصلت نهفة تأخذ العقل هل تريد أن أحكيها لك؟‏

قلت: يا ليت؟‏

قال: كان (قاسم دق البسمار) في دكان يبيع ويشتري، وفجأة اقتربت امرأة ترتدي ملاءة سوداء من باب الدكان، وحينما أصبحت قريبة منه أجرت حركة بيديها جعلت الملاءة تنفتح عن صدرها وإذ هي ترتدي تحت الملاءة ثوباً متوسط الاحتشام أزرق شامياً بنصف كم، وله حفرة تظهر القسم الأعلى من النهدين للعيان .‏

كانت تلك المرأة معروفة في البلد بلقب (العنود) ، وقد اعتادت أن تتغنج لبعض أصحاب الدكاكين وتأخذ ما تشاء من بضائعهم وتمشي دون أن تدفع ثمنه، فمن كان منهم بخيلاً (كحتة) فإنه لا يبالي بغنجها ولا يعطيها غرضاً قبل أن تدفع ثمنه على آخر فرنك! ومن كان نزاوتياً كقاسم دق البسمار يعطيها ما تطلب وما لا تطلب مقابل أن تسايره بقليل من (طق الحنك) .‏

في البيت قال الولد (المفسد ) لأمه: يا ماما جاءت (أم عبود) لعند أبي، وأخذت أشياء لم تدفع ثمنها.‏

ضحك راوي الحكاية صمود وقال لي: لاحظ أن الولد أخطأ في اسم المرأة، فلم يقل العنود، بل لفظ اسمها أم عبود. وحينما حصل ذلك وجد قاسم دق البسمار أن الفرج قد خرج له من قلب الضيق، فقال لامرأته التي بدأت تحتقن بتأثير ما سمعت من الولد: إذا سمحت لاتعلقي على هذا الحكي بأية كلمة، انتظريني لحظة فقط.‏

قالت: ماذا ستفعل؟‏

قال: سترين بعينك.‏

وأسرع إلى المغسلة القريبة من مكان جلوسه، رفع كمي بنطاله وكمي يديه إلى الأعلى، وشرع يتوضأ، وحينما انتهى من الوضوء هرع إلى الكتيبة وأخرج منها المصحف الشريف، جلس ووضعه أمامه في الوسط وقال:وحق كلام الله لم تأت إلى دكاني امرأة اسمها أم عبود.‏

المهم في الموضوع أن زوجته في تلك الأيام كانت بحجم الجاموس الشبعان وكنت تراها- على حد تعبير وديع الصافي- نشوى بخمر العافية، ولذلك كانت دعواته عليها بأن تموت قبله تبدو غبية وساذجة ، فهو في الواقع أكبر منها بعشر سنوات، وبما أنه شقي في حياته كثيراً فقد كان يبدو حينما يجلس بجوارها وكأنه أبوها ، فهو تعبان، أو كما يقول المصريون (مكحكح) ينتظر ليلة الجمعة ليموت على الإيمان .‏

وفجأة مرضت المسكينة بالتهاب الكبد الفيروسي، وبدأت تعسعس مثل لوكس تلاشى زيت الكاز الموجود في داخله، وماهي إلا ثلاث سنوات حتى ماتت.‏

علق صمود على القصة بقوله: أنا أعتقد أن دعواته على زوجته بالموت لم تكن لها أية علاقة بموتها، فدعاؤه- برأيي- عديم الفائدة ، مثل الكي على البردعة.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية