وكان لمحاصرة الظاهرة لابد من العمل على أكثر من مستوى, وهنا يبرز العمل على النظرة الاجتماعية والأعراف, كأهم المستويات ربما, ففي حال أنصفت القوانين المرأة التي تتعرض للضرب أو أي شكل من أشكال العنف, يأتي التعاطي الاجتماعي مع قضيتها ليجعل فعالية تلك القوانين تتراجع, لأن المرأة نفسها تتراجع لأن لجوءها الى القانون غير مقبول .
في هذا السياق تأتي أهمية الورشة التدريبية التي أقامتها الهيئة السورية لشؤون الأسرة للإعلاميين والإعلاميات العاملين في الصحافة المرئية والمسموعة والمكتوبة, وعلى مدى ثلاثة أيام حول دور الاعلام في ظاهرة العنف ضد المرأة من منظور النوع الاجتماعي.
اختلاف للرحمة
لقد أظهرت النقاشات مع المدربة هدى رزق أستاذة العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية, طيلة أيام التدريب تفاوت معارف المشاركين والمشاركات حول الموضوع, وتفاوتاً في النظرة الى القضية هل هي عادلة, أم جزء من طبيعة حياتنا الاجتماعية? سواء أكان العنف لفظياً أم ضرباً?! لدرجة تظهر أحيانا انعدام آليات الرحمة! خاصة عندما دافع بعض المشاركين عن بعض القوانين غير المنصفة, فالملاحظ أنهم أثناء مداخلاتهم لايهتمون بالمرأة نفسها كانسان له حقوق, بل بجسدها وما يمثله, والحرص على المحافظة على بعض علاقات القوة غير مبرر وأحيانا غير المقصود فقط لأنه موجود , فنحن نساء ورجال قد نختلف لتحقيق ذواتنا لكن هذا لايعني أن ندمر بعضنا!! أو ننظر لبعضنا كأعداء, وأن الجهود لانصاف المرأة هي حرب ضد الرجل, وإنما لابد أن نتقبل أدوار بعضنا, ولنحقق ذلك ينبغي البداية من أرضية متساوية, لنقيس بشكل متساو, حتى نستطيع تحقيق الشراكة المتكافئة.
من هنا نأتي لضرورة هذه الجهود الكبيرة في مجالات بناء المعارف والبحث الذين من شأنهما تطوير الممارسة الاتصالية, وخاصة وأنه أصبح من المستحيل التحدث عن وسائل الاتصال ومحتواها دون الاهتمام بالاتصال الجماهيري المباشر أو التقليدي.. وتأثيراته, وسلبياته على المجتمع ككل, وخاصة في موضوعنا هذا بعدما أصبح مصطلح (النوع الاجتماعي) المفهوم العلمي الأساسي لدى المختصين في شؤون المساواة بين الجنسين في مجتمعنا كما في المجتمعات الأخرى, كما أن ممارسة هذا المفهوم, قد أصبحت في تقديرات التنمية الاجتماعية إحدى عناصر قياس التطور..?
ان تعزيز معارف المشاركين والمشاركات سواء حول مفهوم العنف نفسه, أو قوانين الحماية, وطرق مساندة النساء, ينعكس ايجابا على الكيفية التي سيمارسون عملهم فيها حول هذه القضايا التي لها حساسيتها في مجتمعنا, لنربط هذه الكتابات أو الحصص المسموعة والمرئية بحاجات المجتمع, وبحاجة المرأة على الخصوص,علنا نحصل على فاعلية المهنة في تغيير المجتمع من خلال وعي الممارسين لدورهم الضروري والأساسي في ترقية عملية التغيير التي ننشدها, والتي تعتبر المرأة أحد عناصرها سواء من خلال ممارسة المهنة أو من حيث كيفية الاستفادة منها, والتي هي سمة أساسية في تطوير الممارسة من جهة.