وتحسن الصادرات غير النفطية إلا أن استدامة هذا النمو يعتبر تحدياً وتأكيداً على صوابية التوجه نحو الانفتاح والاندماج في الاقتصاد العالمي وما يملي ذلك من ضرورة الاهتمام بتنافسية الاقتصاد السوري الذي يندرج وفقاً لتصنيف المنتدى الاقتصادي العالمي لتنافسية الاقتصادات الوطنية ضمن مجموعة الدول النامية المعتمدة على عوامل الانتاج كمحرك أساسي للنمو.
وبمقارنة الأداء بالنسبة للمؤشرات الرئيسية لتنافسية الاقتصاد السوري في عامي 2006 -2007 نلاحظ وجود تقدم في بعض المؤشرات وتراجعاً في بعضها الآخر,وقد كان مؤشر كفاءة قطاع الأعمال أفضل المؤشرات تقدماً 37+ درجة في حين كان أكثر المؤشرات تراجعاً اداء الاقتصاد الكلي 37-.
»الثورة« استطلعت آراء بعض الاقتصاديين والمختصين للوقوف على أسباب تقدم اداء قطاع الأعمال وتراجع اداء الاقتصاد الكلي بنفس الدرجة صعوداً وهبوطاً.
الدكتور نبيل سكر مستشار اقتصادي ومالي قال: يعود تقدم مؤشر قطاع الأعمال بشكل رئىسي الى زيادة دور وقدرة القطاع الخاص على ريادة العملية الانتاجية استجابة للاصلاحات التشريعية التي تمت في الاقتصاد الوطني وفي مجالات الاستثمار والتجارة والمال والضرائب وغيرها .
ويعود تراجع مؤشر اداء الاقتصاد الكلي بشكل رئيسي الى تزايد عجز الموازنة العامة للدولة جراء انخفاض العائدات النفطية والى ارتفاع معدلات التضخم.
ورأى د. سكر أنه لوقف هذا التراجع في اداء الاقتصاد الكلي ولكي يكون هذا الاقتصاد داعماً لقدرتنا التنافسية وليس عبئاً عليها لابد من تقليص عجز الموازنة والسعي لمواجهة الضغوطات التضخمية ويكون ذلك من خلال عدة محاور هي ايجاد مطارح ضريبية جديدة والاستمرار بتقليص الدعم الاستهلاكي وأهمه دعم المشتقات النفطية والكهرباء.
ترشيد الانفاق العام بغرض التخلص من الهدر والفساد وكذلك من خلال ايجاد الحلول الجذرية لوقف نزيف القطاع العام الاقتصادي للمال العام. وكل ذلك يجب أن يترافق مع زيادة العرض السلعي وتعزيز المنافسة في السوق ورفع معدلات الانتاجية.
أما محمد وائل حبش- مستشار وباحث مالي فعزا سبب تراجع اداء الاقتصاد الكلي بشكل أساسي الى التضخم والمديونية مشيراً الى وجود اسباب موضوعية للتضخم وأسباب مرهونة بالاصلاح الاقتصادي ولفت حبش الى أن سورية تصنف رابع دولة عربية في مستوى التضخم بعد الامارات وقطر واليمن موضحاً أن هذا التضخم مستورد بسبب سعر صرف الدولار وارتفاع قيم سعر صرف اليورو.
وخاصة أن الميزان التجاري لمعظم مستورداتنا مع الاتحاد الأوروبي بالاضافة الى ارتفاع أسعار المحروقات بعد أن كان قطاع المحروقات (المازوت) مدعوماً بشكل كامل وأصبح مدعوماً جزئياً 50% وكلفة تحرير هذا القطاع أدت الى ارتفاع السلع وهذا ما انعكس على المستهلك.
أما السبب الثاني للتضخم فيرتبط بتحويل الاقتصاد السوري من اقتصاد موجه الى اقتصاد السوق حيث كان سابقاً يتم حصر استيراد عدد من المواد عن طريق الدولة وأصبح الاستيراد منذ فترة محرراً ويتم عن طريق التجار مثل الأرز والشعير والكثير من المواد الاستهلاكية مما سبب الغلاء.
بالاضافة الى عدم وجود قانون يحدد اسعار السلع التي أصبحت مرهونة بالمنافسة وهذه خطوة من خطوات اقتصاد السوق الذي يخلق حالة من الفوضى السعرية لدى تطبيقه وبالتالي حدوث تضخم... وهناك أسباب داخلية مرهونة بالاصلاح الاقتصادي في سورية .
أما السبب الثاني لتراجع الاداء الاقتصادي فهو المديونية حيث يكون الانفاق أكثر من الايرادات (موارد الخزينة).
وهنا لابد من سبل لزيادة الرسوم وزيادة حجم الوعاء الضريبي والعجز لا يخشى منه اذا كان على المدى القصير وهو الذي يتعرض له الاقتصاد السوري حالياً لأنه طبيعي مع تحول الاقتصاد الموجه الى اقتصاد السوق.. واعتبر حبش سبب تراجع اداء الاقتصاد الكلي هو نفسه سبب تقدم الأعمال مؤكداً أن تحرير السلع من الاقتصاد الموجه الى اقتصاد السوق تنافس وتحسين الرسوم الجمركية ادى الى تقدم قطاع الأعمال مشيراً الى أن الاستمرار بهذه السياسة مع وجود آليات لمراقبة الأسعار سيرفع الأداء الكلي للاقتصاد بعد تجاوز هذه المرحلة الانتقالية للاقتصاد السوري.