ولم نكن نتوقع أن يكون الرابع محمد جومر .
هو كاتب كبير في التأليف الإذاعي وإن لم يكن بشهرة الثلاثة السابقين , لكنه كان نجما من نجوم الإذاعة التي طغت عليها الفضائيات التلفزيونية , فالمتابعون لإذاعة دمشق يتذكرون هذا الاسم جيدا , ولا سيما البرنامج التمثيلي الفكاهي ( جزيرة المرح ) الذي استمر أكثر من ربع قرن .
ولد محمد جومر في دير عطية في عام 1943 وحاز على الثانوية التجارية , وعمل مديرا لتحرير مجلة الزراعة إحدى المجلات القليلة آنذاك , وجاء إلى الإذاعة في منتصف الستينيات , لذلك يعد من المؤلفين المخضرمين في إذاعة دمشق , فقد التقى الأوائل المؤسسين وعمل مع الشباب , فكان جسر التواصل بينهما , واستمر في عمله إلى أن بدأ المرض يحد من إبداعه ويعيقه عن العمل الذي أحبه ووهب له أكثر من ثلثي عمره .
ويضم أرشيف إذاعة دمشق أكثر من خمسة آلاف حلقة إذاعية من تأليفه تنوعت بين البرامج اليومية والأسبوعية المنوعة والتمثيليات والمسلسلات , ومنها المسلسل الفكاهي ( الكنز ) الذي قام ببطولته دريد لحام بعد سطوع نجمه التلفزيوني , والبرنامج التمثيلي (جزيرة المرح ) وتمثيليات بعنوان لحظة مرح , إضافة إلى أغنيات بصوت مشاهير المطربين , إذ كان زجالا وشاعرا غنائيا , وعمل مراقبا للنصوص في دائرة المنوعات قبل أن يتولى رئاسة دائرة التمثيليات , وكان من المؤسسين لمهرجان الأغنية العربية الذي أقيمت دورته الأولى في عام 1976 , فكان عضوا في لجان المهرجان .
كان محمد جومر في حياته العملية حيويا يؤدي عمله على الوجه المطلوب , و في جلسات المقهى ظريفا يملك روح النكتة السريعة , وقد عرف بروحه الفكاهية التي لم يتخل عنها , وحتى عندما طلب منه محرر مجلة هنا دمشق وصف نفسه بأنه مزاجي متعب لا يكترث بمصالحه الشخصية , وابتكر محمد جومر شخصيات شعبية نالت شهرة مثل أبي مستو التي أداها الفنان الراحل عمر قنوع وأبي جندل التي أداها عدد من الفنانين منهم فهد كعيكاتي وعصام عبه جي.
في عام 1982 أسهم في تأليف فقرات البث المباشر بمشاركة سعيد العبد الله في برنامج يومي يذاع لمدة أربع ساعات بعنوان ( دمشق معكم على الهواء ) من إخراج هشام شربتجي
لم تكن التجربة هي الأولى لكنها كانت الأطول في تاريخ إذاعة دمشق وتميزت بنمطها , وكانت تتطلب الدقة والسرعة واستقطب جمهورا من المستمعين حيث كانت تضم المادة الجدية والخبر السياسي والرياضي والتوجيه الصحي والاجتماعي .
ومن البرامج الدرامية اللافتة في تاريخ جومر برنامج ساعة للمستمع و شاركه في الإعداد معن نظام الدين 1978 يتلقى نصوصاً تمثيلية من المستمعين , فكان يعيد كتابة المواد التي يتلقاها من المستمعين ويقدمها من خلال البرنامج واكتشاف طاقات جديدة في الدراما الإذاعية عبر حوار مفتوح بين المعد والمواهب , وليكتسب الكاتب الهاوي خبرة ويستفيد من الملاحظات .
وتعامل محمد جومر مع التلفزيون في مرحلة مبكرة ولكنه بقي مخلصا للإذاعة ومن أعماله التلفزيونية المبكرة البرنامج الفكاهي التمثيلي ( بياع الحلوين ) بمشاركة عيسى أيوب عام 1968 واشترك في إخراجه رياض ديار بكرلي وشكيب غنام ومحمد العقاد .
يرحل محمد جومر دون ضجيج إعلامي في الفضائيات , ولتتوقف أصابعه عن الكتابة بعد أن أمتع المستمعين بكتاباته اللطيفة الساخرة والمنوعة مدة زادت على أربعين عاما .